تتواصل عبر مختلف عمالات وأقاليم المملكة لقاءات تشاورية موسعة تهدف إلى بلورة جيل جديد من برامج التنمية الترابية أكثر شمولا وفعالية، يبتغي يضع المواطن في صلب السياسات العمومية، وذلك تحت إشراف وزارة الداخلية في إطار تفعيل التوجيهات الملكية الداعية إلى إطلاق جيل جديد من برامج التنمية الترابية المندمجة،

فبعد اللقاءات التي احتضنتها كل من عمالة المضيقالفنيدق، وعمالة إقليم العرائش، وعمالة تنغير، تبرز الدينامية الوطنية الواسعة الرامية إلى صياغة برامج ترابية جديدة تعكس روح التوجيهات الملكية، كما وردت في خطابي عيد العرش لسنة 2025 وافتتاح الدورة التشريعية الخريفية، واللذين أكدا على ضرورة الانتقال من المقاربات التقليدية إلى رؤية مندمجة ومجالية تستجيب لتطلعات المواطنين.

وترأس عمال الأقاليم الثلاثة اللقاءات بحضور ممثلي السلطات المحلية والمؤسسات الرسمية والمنتخبين والفاعلين الاقتصاديين والمجتمع المدني، حيث أجمع المتدخلون على أهمية هذه المشاورات في تعزيز العدالة المجالية والاجتماعية، وإرساء دعائم مغرب متوازن ومتكامل.

ففي المضيقالفنيدق، شدد العامل ياسين جاري على أن إعداد الجيل الجديد من البرامج يجب أن يرتكز على أربعة محاور رئيسية: تعزيز التشغيل، وتحسين الخدمات الاجتماعية الأساسية، والتدبير المستدام للموارد المائية، والتأهيل الترابي المندمج، داعياً إلى إشراك المواطنين في صياغة المشاريع ذات الأثر المباشر على الحياة اليومية للسكان.

أما في العرائش، فأكد العامل العالمين بوعاصم أن الرهان الحقيقي للتنمية الترابية هو ضمان مشاركة واسعة وفعالة في التشخيص وإعداد البرامج، معتبرا أن الجيل الجديد من البرامج يمثل “منعطفا حاسما في مسار التنمية الوطنية”، ويجسد رؤية ملكية لمغرب متضامن ومتوازن مجاليا واقتصاديا.

وفي تنغير، أبرز العامل إسماعيل هيكل أن اللقاء التشاوري يشكل “أرضية للنقاش والإنصات والتفاعل الإيجابي مع المواطنين”، مشددا على أهمية تبني مقاربة مرنة وشفافة تقوم على الحوكمة الرقمية والتقييم المستمر للأداء، مع التركيز على تشغيل الشباب وتحسين الخدمات الاجتماعية بالمناطق الهشة.

كما قدمت خلال هذه اللقاءات عروض من مختلف المصالح اللاممركزة، شملت عرضا لقسم العمل الاجتماعي حول مراحل إعداد البرامج الترابية، وعروضا للوكالات الحضرية والمراكز الجهوية للاستثمار حول المؤهلات الاقتصادية والفرص الاستثمارية والبنيات التحتية، إلى جانب ورشات موضوعاتية ناقشت مشاريع ميدانية مقترحة من قبل الفاعلين المحليين.

كما انطلقت المشاورات بعمالة الرباط، حيث أجمع المشاركون على ضرورة الانتقال من منطق بناء البنيات التحتية إلى منطق التنمية المتكاملة، مع التركيز على تنمية الموارد المحلية وخلق فرص الشغل وتحسين جودة الحياة، في انسجام مع المشاريع الوطنية الكبرى وأهداف التنمية المستدامة.

وانطلقت أولى الاجتماعات الخاصة بالمشاورات الواسعة، أمس الأربعاء وأول أمس الثلاثاء، في 16 إقليما، هي آسفي، تنغير، مكناس، أسا الزاك، العرائش، طاطا، سيدي بنور، بني ملال، سلا، الناظور، اليوسفية، صفرو، المضيق الفنيدق، أكادير، سطات، والعاصمة الرباط، قبل أن تشمل لاحقا باقي الأقاليم.

وتتواصل هذه اللقاءات في 75 إقليما عبر تراب المملكة، في أفق إعداد برامج تنموية مندمجة تستجيب لأولويات كل إقليم، وتترجم على أرض الواقع أهداف الجهوية المتقدمة، عبر مشاريع تخلق الثروة وفرص الشغل وتثمن الرصيد الترابي الوطني.

وكان الوالي، المدير العام للجماعات الترابية بوزارة الداخلية، جلول صمصم، قد أوضح في وقت سابق، أن مرحلة تصميم وإعداد هذه البرامج تنطلق تنفيذا لتوجيهات الملك محمد السادس، وأن خصوصيتها تكمن في بنائها على أساس تشاور ميداني واسع وتشخيص دقيق لحاجيات الساكنة.

وأضاف المسؤول ذاته أن هذه المقاربة المبتكرة تُجسد رؤية جديدة تضع المواطن في صميم التنمية، مبرزا أن مرحلة التنفيذ الفعلي ستبدأ مطلع سنة 2026 لتشكل نقلة نوعية في التخطيط الترابي بالمغرب.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.