منصة “إبلاغ” تحفز انخراط المجتمع المدني في التصدي للإجرام الإلكتروني
نال إعلانُ المديرية العامة للأمن الوطني إطلاقَ منصة جديدة تحت اسم “إبلاغ”، تروم الكشف عن مختلف المنشورات الرقمية التي تتضمن التحريض ضد الأفراد والابتزاز والتخطيط لتنفيذ الاعتداءات الجسدية والإرهابية، الإشادة التامة تزامنا مع احتضان أكادير فعاليات الأبواب المفتوحة للأمن الوطني.
إطلاقُ هذه المنصة الجديدة يأتي في إطار المقاربات الاستباقية الرامية إلى “تنقية الفضاءات الرقمية من كل ما يخالف القانون ويشكل تهديدا للحياة الشخصية للأفراد والأمن العام ككل”، في وقت باتت المنصات التي تحتضنها الشبكة العنكبوتية “تربة خصبة لنمو ممارسات لا قانونية”، يمكن أن تكتسي في ما بعد صبغة مادية خارج النطاق الافتراضي.
ويعمل المغرب على تنفيذ الإستراتيجية الأمنية لمكافحة الجريمة التي تمتد ما بين 2022 و2026، في وقت أشارت إحصائيات سابقة صادرة عن المديرية العامة للأمن الوطني إلى ارتفاع نسبة الابتزاز الجنسي عبر الأنظمة المعلوماتية بنسبة 18 في المائة سنة 2023، فيما تتعالى الدعوات نحو تشديد المراقبة على المحتويات المتداولة التي يُرجح أن تتضمن عناصر تكوين الجرائم.
استجابةٌ لواقع ملموس
يونس إلالة، خبير في التحول الرقمي، قال إن “المنصة الجديدة تأتي استجابة لدعوات سبق أن جرى رفعها في هذا الصدد من أجل إتاحة الفرصة للراغبين في الإبلاغ بشكل إلكتروني عن المنشورات التي تحمل في طياتها خطرا يهدد فئات بعينها، أو الأمن العام ككل، بعيدا عن الطرق الكلاسيكية؛ ما يضمن تسريع الوتيرة وتنقية الوسائط الرقمية مما لا يسمح به القانون”.
وأضاف إلالة، في تصريح لهسبريس، أن “الانخراط في التبليغ عبر المنصة كفيل بمحاربة المنشورات التي تستهدف القاصرين أو تروم ابتزاز مستعملين للفضاء الرقمي، فضلا عن تشديد الخناق على الإشادة بالإرهاب أو التحريض على الأعمال الإجرامية باعتماد الوسائل الرقمية المتاحة”، مردفا: “كانت في السابق منصات مختلفة ولم تكن هنالك منصة للتبليغ عن قضايا بعينها، وكان يتم التوجه أساسا نحو التبليغ المادي”.
وزاد المتحدث ذاته: “نحن أمام فضاء رقمي مشترك بات يحتضن منشورات غير سليمة، ودعوات للانخراط في ممارسات لا تتوافق مع نص القانون وطبيعة المجتمع، ما يستوجب رفع اليقظة إلى مستويات عليا تُوازي كثرة هذه المخالفات التي تنتقل من الفضاءات الرقمية إلى الفضاءات الواقعية”، لافتا إلى أن “من حسنات المنصة الجديدة وقوف كوادر مختصة وراءها، من مهامها تدقيق الشكايات ودراستها والتحقق من الفعل المُشتكى منه وما إذا كان يشكل خطرا أم لا”.
في السياق ذاته دعا المختص المذكور المواطنين إلى “لعب دورهم في التقدم بشكايات ضد الممارسات التي يحتضنا الفضاء الرقمي وتشكل خطرا على المواطنين وعلى الأمن العام ككل”، متابعا: “لا أشك أنهم سينخرطون في الإبلاغ، فهذه المنصة المُحدثة تظل من بين المطالب التي يتم رفعها كل مرة”.
محاصرةٌ للفعل الجُرمي
الطيب الهزاز، مختص في الأمن الرقمي، أكد أن “الفضاءات الرقمية اليوم تتضمن ملايين من المنشورات بشكل يومي؛ الأمر الذي يَصعب على المديرية العامة للأمن الوطني أن تتابعها لوحدها، لتكون بذلك للتبليغات قيمة مضافة في هذا الإطار، في ظل توجه الدول نحو اعتماد مثل هذه المنصات في محاربتها للفعل الجرمي”.
وقال الهزاز، في تصريح لهسبريس، إن “الوسائط الرقمية تظل اليوم شاهدة على ممارسات ترتبط أساسا بالتحرش والابتزاز والتحريض على الإرهاب واستغلال القاصرين والتخطيط لارتكاب الجرائم، ما يمكن للمنصة الجديدة التخفيف منه أو إيقافه نهائيا”، لافتا إلى أن “من حسنات هذه المنصة أنه لا يمكن لأي أحد معرفة هوية المبلغ، وهنالك ضمانات للخصوصية”.
وعاد المتحدث ليشير إلى أن “التبليغات ستتم دراستها بشكل آني ودقيق يمكن من تحديد منسوب الخطورة التي تنطوي عليها المنشورات أو التعبيرات المُبلغ بشأنها للتنسيق مع النيابة العامة وقتما استدعى الأمرُ ذلك”، متابعا: “هذه مناسبة للتأكيد على ضرورة توفير منصة ثانية تكون مخصصة للهجمات الإلكترونية أو الثغرات التي يتم اكتشافها على مستوى المواقع الإلكترونية الخاصة بالمؤسسات الوطنية، خصوصا العمومية منها، بعد أن ارتفع منسوب هذه الهجمات في الفترة الأخيرة”.
المصدر: هسبريس