اخبار المغرب

مناخ المحاسبة يُجبر “الفاعل الميداني” على عدم أخذ المبادرة والمجازفة

اعتبر محمد الطوزي، الأستاذ الباحث في علم الاجتماع والعلوم السياسية، أن المناخ العام الذي يعيشه المغرب المتسم بالمتابعة والمحاسبة يجعل الفاعلين على المستوى الميداني “مجبرين على عدم أخذ المبادرة والمجازفة والعمل”.

وأفاد الطوزي، في مداخلة له اليوم الثلاثاء بالبرلمان حول تقييم السياسات العمومية وسؤال نجاعة الفعل العمومي بمناسبة تخليد البرلمان للذكرى الستين من العمل البرلماني، بأن المجال المؤمن للفاعل الإداري أساسي للتشجيع على الفعل والمبادرة.

وأوضح الأستاذ الباحث في علم الاجتماع والعلوم السياسية أن هذا التأمين “ليس الحماية والهروب من المراقبة، وإنما ضمان الحق في الخطأ والحق في التجريم”، معتبرا أن الموقف العقلاني “هو عدم العمل، لأن المناخ العام في الوقت الراهن هو مناخ المتابعة والمحاسبة؛ ما يجعل الفاعلين على المستوى الميداني مجبرين على عدم أخذ المبادرة والمجازفة والعمل”.

وتابع المتدخل ذاته أن قضية المعطيات وإنتاجها بطريقة مستقلة وحرفية عملية جد مهمة لتقييم السياسات العمومية، مؤكدا أن “جودة المؤشر وتحديده تلعب دورا في النسب والأرقام المعلنة”.

وأفاد الطوزي بأن تتبع المعطيات من شروطه الأساسية، إلى جانب الإرادة السياسية والإطار القانوني وجودة الأطر التي تقوم بهذه المهام، “جودة المعطيات وتحيين ها والتوافق على المؤشر ينبغي تطويره بالمغرب”.

وأوضح المتخصص في علم الاجتماع أن ما يقوم به الرأي العام والفاعل السياسي من اتكال على “المرجعيات الدولية واللجوء إلى مقاربة تقييمية عالمية لتقييم الإنجاز البيداغوجي والتربوي داخل المسار التربوي صعب التقبل”، مؤكدا أنه على كل حال “يؤسس لإمكانية تقويم السياسات العمومية وبناء مغرب المستقبل”، في إشارة إلى ملف التعليم.

من جهته، اعتبر محمد أشركي، الخبير الدستوري، أن مستقبل الثنائية البرلمانية في المغرب يطرح تساؤلات حول “من أين تأتينا الأفكار والأحكام الصحيحة لتحسين الممارسة؟”، مؤكدا أن الممارسة الثنائية “يؤاخذ عليها عادة أنها قد تؤدي إلى تقسيم الإرادة الوطنية”.

وأضاف أشركي، الذي سبق له ترأس المجلس الدستوري، موضحا أن هذا الأمر “لا يمكن أن يحدث في المغرب؛ لأن الدستور يؤكد أن الهوية الوطنية بكل مكوناتها وروافدها منصهرة في نطاق ملكية دستورية برلمانية اجتماعية، ومجلس المستشارين في المغرب خلافا لباقي الدول الأخرى لا يقوم على تمثيلية لغوية أو اثنية أو ثقافية أو دينية”.

وأشار المتدخل ذاته إلى الرأي الذي يرى بأن الثنائية البرلمانية تتسبب في بطء التشريع، لأن كل مشروع قانون أو مقترح قانون يجب أن يمر من المجلسين؛ “لكن بعض الباحثين يرون العكس، وما تشكو منه القوانين اليوم هو ليس هو البطء، بل هو التسرع في إنتاج القوانين”.

وأبرز أشركي أن القوانين التي يجري الإسراع في إخراجها “قد تكون ليست جيدة ويؤدي تطبيقها إلى مشاكل عديدة”، مشددا على أن الزمن يجب أن يكون في خدمة “الجودة وليس الجودة في خدمة الزمن”.

وعبر الخبير الدستوري عن خلافه مع الانتقادات التي تقول بأن مجلس المستشارين يؤدي إلى رفع الكلفة المالية للدولة، لأن الدولة تنفق على مجلسين؛ لأنه “حين نقوم بتقييم المؤسسات لا يمكن أن نبني هذا التقييم على نظرة محاسباتية؛ بل ننظر إلى المؤسسة هل فيها جدوى وفائدة للبلاد أم لا؟ وإذا كانت تحقق مصلحة عامة فالمال العام وجد لينفق على المصلحة العامة”، حسب تعبيره.

وأكد المتحدث عينه أنه “إذا أنتجنا قوانين جيدة فتطبيقها سيكلف أقل، سواء بالنسبة للدولة والإدارة أم بالنسبة للمواطنين؛ ولكن إذا أنتجنا قوانين سيئة، فكلفتها في التطبيق ستكون أعلى”، خالصا إلى أنه “من الأحسن أن ننفق على الجودة من الإنفاق على غير الجودة”، وفق تعبيره؛ الأمر الذي يبين موقف الأكاديمي المغربي من تأييد نظام الثنائية المعتمد في البلاد.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *