ملاعب القرب بدمنات.. من مركز لحماية الأطفال إلى وكر للفساد
تحولت ملاعب القرب بدمنات، التي تعيش وضعا غامضا بسبب صعوبة تحديد الجهة الرسمية المسؤولة عن تدبيرها، من مركز لتعزيز مواهب الأطفال والشباب وتنمية قدراتهم وحمايتهم من كل الممارسات المنحرفة إلى مركز لإنتاج الفساد “المالي والأخلاقي”، إذ لم تفلح النداءات التي وجهها بعض أبناء المدينة في إنهاء الممارسات البعيدة عن الرياضة داخل هذه الملاعب.
بداية القصة
بدأت بعض هذه الممارسات منذ وقت ليس بالقصير بعد أن تم تكليف جمعية جديدة يترأسها عضو جماعي بالمدينة لتدبير هذه الملاعب والتي قررت استخلاص مبالغ مالية من الراغبين في ممارسة هواية كرة القدم دون أن تمكن العديد منهم من وصولات الأداء.
ويصف متتبعون هذه الممارسات بالمخالفة للقانون ليس فقط من خلال عدم تمكين اللاعبين من وصولات الأداء بل في فرض هذه المبالغ أصلا، إذ إن وزارة الشباب والرياضة التي كانت مشرفة على القطاع سابقا قد أصدرت مذكرة جرى تعميمها على المديرين الجهويين والإقليميين للوزارة بولايات وعمالات المملكة، بخصوص الاستفادة من خدمات المراكز الرياضية والملاعب الرياضية للقرب، بما في ذلك المسابح المغطاة التابعة لها.
ووفق الدورية الوزارية، فإن “ولوج مراكز الرياضة وملاعب القرب التابعة للوزارة الوصية والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية أصبح مجانيا، ولم يعد مسموحا استخلاص الواجبات المنصوص عليها في القرار السابق؛ وذلك تحت طائلة المساءلة القانونية، لكن للأسف فإن مضامين هذه الدورية لم تعرف طريقها لتنزيل”.
الجمعية وكأنها ليست معنية بقوانين المملكة المغربية، يضيف مواطنون في تصريحات لجريدة العمق، فبحسب معطيات حصلت عليها ، فإن مبالغ كبيرة يتم استخلاصها من جيوب اللاعبين مباشرة، علما أن المباراة في كل ملعب تستغرق ساعة ويدفع مقابلها 60 درهم، والمباريات قد تمتد إلى أكثر من 6 ساعات يوميا وأكثر من ذلك بكثير في أوقات الذروة.
فساد أخلاقي بغطاء رياضي
وكأن المسؤولين على هذه الملاعب لا يكفيهم ما سبق، إذ تم تكليف أحد الأشخاص من ذوي السوابق لتدريب الأطفال دون أدنى اهتمام بمستقبل المئات منهم والذين يلجون هذه الملاعب من أجل الرياضة قبل أن يجد البعض منهم أنفسهم ضحايا للتحرش الجنسي، وفق تصريحات مواطنين رفضوا الكشف عن هويتهم.
معطيات حصرية لجريدة “العمق” تفيد بأن المعني بالأمر يتحرش بالقاصرين، مستغلا وضعه داخل الملاعب لاستغلال براءة هؤلاء الصغار، دون أن يتحرك ضمير من أسندت إليه مسؤولية تدبير المرفق.
ضحية من بين الضحايا المحتملين كان المعني بالأمر يحاول جره إلى مستنقعه إلا أنه وبعد محاولات متكررة وفاشلة قرر الطفل أن يخبر أحد أقاربه بالموضوع ليخرجه للعلن، قبل أن يتحرك مسؤولون بالمدينة لممارسة ضغوطاتهم حتى لا تباشر الإجراءات القانونية.
وقالت مصادر جريدة العمق إن مسؤولين بالمدينة، من بينهم أصحاب سوابق، تدخلوا لمنع مباشرة المسطرة القانونية في الموضوع، واصفة ذلك بتهيئة الأوضاع لمثل هذه النماذج لمواصلة ممارساتها غير الطبيعية وغير القانونية في حق المدينة ومواصلة اغتصاب الطفولة الدمناتية.
تنديد ومطالب بتدخل النيابة العامة
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان نددت بهذه الممارسات “البيدوفيلية”، إذ شدد عضو الجمعية، عزيز الوالي في تصريح لجريدة العمق على ضوررة الضرب بيد من حديد على كل من سولت له نفسه استغلال ثقة الأولياء من أجل القيام بممارسات لا إنسانية في حق أطفال قاصرين.
من جانبه، عبر رئيس الفرع الإقليمي للجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب، جمال وديع، عن استنكاره لهذه الممارسات التي تضرب في الصميم جهود المملكة في إنهاء الاعتداءات الجنسية على الأطفال في المغرب.
ودعا النيابة العامة إلى فتح تحقيق في الموضوع دون انتظار شكاية من احد لأن الموضوع مرتبط بحقوق أطفال، مشيرا إلى أن القانون يعاقب من يحاول التستر على هذا الموضوع والذي يمكن أن يرقى إلى “الاتجار بالبشر”.
وأشار الحقوقي ذاته إلى أن القانون الجنائي واضح في هذا الباب إذ نص الفصل 299 من القانون ذاته على أنه “يعاقب بالحبس من شهرين حبسا إلى سنتين حبسا نافذا وبغرامة مائتي درهم إلى ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين من علم بوقوع جناية أو الشروع فيها ولم يشعر السلطات فورا.
ويشير الفصل نفسه إلى أن العقوبة تتضاعف إذا كان ضحية الجناية أو محاولة ارتكاب الجناية طفلا يقل سنه عن ثمان عشرة سنة.
ويضيف الفصل أنه يستثنى من تطبيق الفقرتين السابقتين أقارب الجاني وأصهاره إلى غاية الدرجة الرابعة، ولا يسري هذا الاستثناء إذا كان ضحية الجناية أو محاولة ارتكاب الجناية طفلا تقل سنه عن ثمان عشرة سنة.
وأضاف وديع إلى أن النيابة العامة مطالبة بفتح تحقيق في كل ما أثير حول الموضوع بدمنات والذي من شأنه أن يشكل إهانة لكرامة الأطفال الانسانية، وانتهاكا خطيرا لحقوقهم، ويلحق أضرارا جسيمة بصحتهم البدنية والعقلية والنفسية. كما يجب فتح تحقيق حول الأشخاص الذين يحاولون التستر على الموضوع، وفق تعبيره.
المصدر: العمق المغربي