باغتت مصالح المراقبة لدى مكتب الصرف ملزمين مغاربة بإشعارات مفاجئة بشأن تبرير وضعية ممتلكات وحسابات في الخارج، بعد إخضاعهم لعمليات تدقيق موسعة؛ بمن فيهم الذين لم يسبق لهم التصريح بها، رغم استفادتهم من فرصة التسوية التلقائية للوضعية أمام المكتب والمديرية العامة للضرائب أكثر من مرة، خلال السنوات الماضية.

وأفادت مصادر جيدة الاطلاع بأن مغاربة راكموا ثروات “مخفية” بالخارج عبارة عن أصول عقارية ومنقولات وحسابات ادخار مهمة، بعضها مسجل بأسمائهم والبعض الآخر بأسماء أبناء وزوجات وأقارب.

وأوضحت مصادر هسبريس أن اتفاقية التبادل التلقائي للمعلومات المالية مع دول أوربية مكنت مراقبي مكتب الصرف من الولوج إلى بيانات الملزمين موضوع الإشعارات الجديدة.

وأشارت المصادر ذاتها إلى أن مهام التدقيق تركزت في عينة أولية من حائزي عقارات وشقق بالخارج، بعضهم حصل سابقا على تراخيص من مكتب الصرف لاقتنائها بغرض إيواء أبنائهم أثناء متابعتهم دراستهم، خصوصا في فرنسا وإسبانيا، مع الالتزام ببيعها بعد انتهاء فترة الدراسة وتوطين إيراداتها بالمغرب.

وشددت مصادرنا على رصد احتفاظ ملزمين بتلك الشقق بعد انتهاء الغرض منها؛ ما جعلهم في وضعية مخالفة لقوانين الصرف. وفي هذا الصدد، لفتت إلى أن المصالح المختصة أشعرت تاجرة وموزعة للتجهيزات الكهرومنزلية بالدار البيضاء بشأن تبرير وضعية شقة اقتنتها لابنها، الذي كان يتابع دراسته بمدرسة للهندسة المعمارية في باريس.

وأكدت المصادر نفسها أن الإشعارات بتبرير الوضعية امتدت إلى استثمارات مغاربة في الخارج لم يقدموا تصريحاتهم داخل الآجال المحددة، إذ يلزمهم القانون بتوطين عائدات هذه الاستثمارات وتبرير المبالغ المالية التي تم تحويلها من المغرب لغرض الاستثمار في بلدان إفريقية أو وجهات أخرى، حيث يسمح القانون باستثمار ما لا يقل عن 100 مليون درهم سنويا في القارة السمراء و50 مليون درهم في القارات الأخرى.

وأوردت أن “دركي الصرف” أشعر صاحب مقاولة للصناعات الغذائية استثمر في مبردات ووحدات تخزين بدولتين إفريقيتين دون التقيد بضوابط الصرف.

ولم تظهر هويات عدد من الملزمين، موضوع الإشعارات الجديدة، على “رادار” مراقبي مكتب الصرف، خلال معالجة التصريحات الخاصة بـ”عملية التسوية التلقائية برسم الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج”، التي انتهى أجلها في 31 دجنبر الماضي.

ووصل مجموع المبالغ المصرح بها ضمن هذه العملية إلى أكثر من مليارَي درهم عن 658 تصريحا، علما أن هذه المبالغ توزعت بين أصول مالية وعقارات وسيولة نقدية. ومثلت هذه الأصول المالية المكون الأساسي للموجودات المصرح بها بقيمة 916.2 مليون درهم، وبنسبة 45 في المائة من إجمالي المبلغ، تلتها العقارات بقيمة 868.3 ملايين درهم، بنسبة 43 في المائة من إجمالي التصريحات، بينما جاءت “الموجودات النقدية” في المرتبة الأخيرة بقيمة 244,7 ملايين درهم، لتمثل 12 في المائة من إجمالي المبلغ المصرح به برسم عملية التسوية لغاية متم 2024.

وكشفت مصادر عن تكثيف مراقبي مكتب الصرف أبحاثهم وتحرياتهم لجمع معطيات إضافية حول مغاربة مشتبه في امتلاكهم عقارات وحسابات مالية بالخارج وما زالوا يرفضون التصريح بها، خصوصا بعد انصرام أجل “عملية التسوية التلقائية” بنهاية السنة الماضية وعدم فتح عمليات أخرى برسم السنة الحالية والمقبلة، حيث لم يتضمن مشروع قانون المالية لسنة 2026 أي إشارة بهذا الخصوص.

وشددت مصادر هسبريس على أن عددا من المعنيين بإشعارات تبرير الوضعية سيخضعون لعقوبات صارمة من لدن “دركي الصرف”؛ بينها غرامات تصل إلى ستة أضعاف قيمة الممتلكات غير المصرح بها. وقد تمتد هذه العقوبات إلى الحبس، مؤكدة أن قيمة “الممتلكات المخفية” قدرت بحوالي 13 مليار درهم، حتى الآن.

حري بالذكر أن مكتب الصرف، المؤسسة العمومية التي تمارس نشاطها تحت إشراف وزارة الاقتصاد والمالية والتي تضطلع بمهام رئيسية تتمحور حول تقنين ومراقبة الصرف، يتوفر على عدد من الآليات الحديثة لضبط المخالفين وإجبارهم على تسوية وضعيتهم.

المصدر: هسبريس

شاركها.