كشف التقرير السنوي لمكتب الصرف المغربي لسنة 2024 عن مرحلة تحول استراتيجي عميق تعكس رؤية طموحة تهدف إلى تحقيق توازن بين حماية التوازنات المالية وتعزيز الانفتاح الاقتصادي والحكامة الجيدة. وأكد التقرير أن هذه الاستراتيجية تنسجم مع التوجيهات الملكية الداعية إلى تصميم حلول مبتكرة وإخضاع نماذج التدبير لمعايير الحكامة الرشيدة.
وأوضح إدريس بنشيخ، مدير مكتب الصرف، أن سنة 2024 كانت سنة “المصالحة والثقة” مع الفاعلين الخاضعين لقانون الصرف، من خلال تحسين فعالية الأداء وتوضيح المساطر. وأشار إلى أن هذه الرؤية أثمرت إطلاق عملية التسوية التلقائية للأصول والسيولة المودعة في الخارج (ORS 2024)، التي اعتبرها “فرصة أخيرة” تقوم على مبدأ المسؤولية والشفافية، مؤكدا أن المكتب حرص على توفير مواكبة شاملة وسرية للمستفيدين من العملية.
وأوضح التقرير، أنه في إطار دوره كشريك اقتصادي وتنموي، أبرم المكتب اتفاقية إطار للتعاون مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب (CGEM) تهدف إلى تبسيط إجراءات الصرف وتخفيف القيود لدعم دينامية الاستثمار والنمو الاقتصادي.
وكشف بنشيخ عن إعداد استراتيجية جديدة للسنوات الخمس المقبلة ترتكز على تحسين مناخ الأعمال ومواكبة الفاعلين الاقتصاديين، مع الحفاظ على التوازنات الخارجية للمملكة، مشيراً إلى أن هذه الاستراتيجية تستند إلى مقاربة استشرافية توظف القدرات الإبداعية والابتكار لتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني.
وأبرز التقرير أن المكتب أعاد هيكلة آليات المراقبة عبر الجمع بين الرقابة الوثائقية عن بعد والمراقبة الميدانية المدعومة بالأدوات الرقمية والتحليل الذكي للمعطيات المالية. وخلال سنة 2024، تمت معالجة 2469 ملفا يتعلق بعمليات صرف نحو الخارج بقيمة إجمالية بلغت 53.4 مليار درهم، فيما تم اكتشاف 206 مخالفات بقيمة 4.28 مليار درهم.
وتوزعت هذه المخالفات حسب التقرير على 42 بالمائة تهم الشركات الكبرى والمتوسطة والصغرى، و28 بالمائة تخص البنوك ومؤسسات الصرف اليدوي، و30 بالمائة تتعلق بالأشخاص الذاتيين. كما نفذ المكتب 361 مهمة تفتيش ميدانية، بزيادة 2.3 بالمائة مقارنة بالسنة السابقة.
وفي سياق مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، واصل المكتب مقاربته الاستباقية بعد خروج المغرب من اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي (GAFI)، عبر تنفيذ خطة عمل شاملة لتأهيل شركات الصرف (SCD) وتنظيم دورات تكوينية لتعزيز وعي العاملين بالالتزامات القانونية، إلى جانب المساهمة في إعداد التقرير الثالث للتقييم الوطني للمخاطر (ENR).
كما اعتمد المكتب مقاربة رقمية حديثة لتأهيل أطره في التعامل مع المخاطر الناشئة مثل الأصول الرقمية (العملات المشفرة) وعمليات التحويل النقدي بين المجموعات (Cash Pooling)، بشراكة مع صندوق النقد الدولي (FMI)، مما ساهم في تسريع وتيرة المعالجة ورفع جودة المراقبة.
وأكد التقرير أن المكتب لم يقتصر على حماية التوازنات المالية فحسب، بل رسخ موقعه كفاعل رئيسي في حماية الاقتصاد الوطني وضمان الشفافية. كما سجل انخفاضا في عدد المنازعات بنسبة 5.8 بالمائة، ما يعكس فعالية جهود التوعية والضبط، ويعزز مكانة المكتب كنموذج في الكفاءة والنجاعة على المستوى الإقليمي.
وختم إدريس بنشيخ بالتأكيد على أن مكتب الصرف، بفضل كفاءاته وفرق عمله الملتزمة، ماضٍ بثقة في تنفيذ رؤيته الاستراتيجية للمساهمة في بناء اقتصاد وطني قوي وأكثر مرونة واستدامة.
المصدر: العمق المغربي
