مكاسب قضية الصحراء المغربية تدفع الرئيس الجزائري إلى زيارة البرتغال
بعد أن فقدت الدعم الإسباني للأطروحة التي ترعاها منذ سبعينيات القرن الماضي، وبعد أيام قليلة من انعقاد الدورة الرابعة عشر للاجتماع رفيع المستوى بين المغرب والبرتغال الذي انتهى بتوقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية في مجالات عديدة، وتأكيد البلدين رغبتهما في إحداث نقلة نوعية في علاقاتهما انطلاقا من الروابط التاريخية والجغرافية التي تجمعها، تأبى الجزائر، كعادتها، إلا أن تدخل على الخط للتشويش على المغرب واستثمار “البترودولار” في محاولة خدمة المواقف المعادية لمصالح المملكة.
وسائل إعلام مقربة من دوائر صنع القرار في الجزائر أفادت بأن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يستعد لزيارة عمل إلى البرتغال، الثلاثاء المقبل، في ثاني زيارة رسمية له إلى دولة أوروبية بعد تلك التي قادته إلى إيطاليا العام الماضي، وعقب التأجيل المتكرر لزيارته إلى فرنسا نتيجة الخلافات بين البلدين.
المصادر ذاتها أوردت أن تبون سيكون مرفقا بـ”وفد هام من المسؤولين الحكوميين ورجال الأعمال”، وأن “هذه الزيارة ستكون فرصة للجزائر للبحث عن أسواق أوروبية جديدة بديلة عن السوق الإسبانية”، خاصة بعد تجميد اتفاقية الصداقة والتعاون بين البلدين إثر احتجاج قصر المرادية على اعتراف مدريد بمغربية الصحراء.
ويثير سياق وتوقيت هذه الزيارة مجموعة من التساؤلات والتكهنات، وسط حديث عن تنازلات جزائرية وامتيازات اقتصادية سيطرحها تبون على طاولة المحادثات لاستصدار موقف داعم للأطروحة الانفصالية التي تروج لها بلاده، خاصة وأن البرتغال، خلال اللقاء الأخير مع المسؤولين المغاربة، عبرت عن دعمها للمسار الأممي الرامي إلى تسوية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وفق المخطط المغربي للحكم الذاتي، باعتباره الحل الأكثر واقعية وديمومة.
إغراءات وموقف ثابت
محمد الغواطي، أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بكلية الحقوق في سلا، قال إن “الزيارة المرتقبة للرئيس الجزائري إلى البرتغال تأتي في ظل عدم استيعاب الجزائر المكتسبات والاتفاقيات التي جرى التوقيع عليها بين الرباط ولشبونة خلال اللقاءات التي جمعت مسؤولي البلدين”.
وأضاف الأستاذ الجامعي ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الجزائر تحاول استمالة البرتغال باستعمال ورقة الغاز والطاقة بعدما استنفدت جهودها مع الطرف الإسباني الذي تفطن إلى محاولاتها في هذا الإطار”.
“النظام الجزائري يزعجه تقارب أي دولة أوروبية مع المغرب، لذلك فكلما حقق هذا الأخير مكتسبا ديبلوماسيا هرعت الجزائر إلى محاولة طمسه عبر الإغراءات والامتيازات الاقتصادية”، يؤكد الغواطي، مشددا في الوقت ذاته على أن “العلاقات البرتغالية المغربية علاقات تاريخية تعود إلى أزمنة غابرة ولا يمكن أن تتأثر بمثل هذه الإغراءات”.
وخلص المتحدث عينه إلى أن “الموقف البرتغالي من قضية الصحراء المغربية ثابت لا يمكن أن تغيره زيارة جاءت بعد أسبوع من إعادة تأكيد لشبونة على موقفها المبدئي من قضية الوحدة الترابية للمملكة”.
غياب رؤية استراتيجية
أوضح لحسن أقرطيط، خبير في العلاقات الدولية، أن زيارة تبون إلى لشبونة “مؤشر واضح على غياب فكر سياسي للديبلوماسية الجزائرية وغياب رؤية استراتيجية مستقلة لسياستها الخارجية، فحيثما تحرك المغرب ديبلوماسيا يكون هناك دائما رد فعل جزائري مقابل، مثلما حدث على المستوى الإفريقي”.
وأضاف أقرطيط، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الجزائر أصبحت قلقة من روح المبادرة التي تتميز بها السياسة الخارجية المغربية ومن التوجه الأوروبي للاعتراف بمغربية الصحراء”، مشيرا إلى أن “الرباط نجحت في إعادة رسم الخريطة الجيوسياسية للمنطقة من خلال الاختراقات الديبلوماسية التي حققتها في السنوات القليلة الماضية”.
“الديبلوماسية الجزائرية تنطلق فقط من حاجة الأوروبيين إلى الغاز، وبالتالي فهي ديبلوماسية غازية لا تعتمد على أي عنصر آخر يمكن أن يكون وازنا في العلاقات الدولية”، يقول الخبير عينه، مضيفا أن “الديبلوماسية الجزائرية ترتهن الآن إلى الظرفية الاقتصادية العالمية، وعلى المدى البعيد هي سياسة فاشلة، إذ لا تملك الجزائر ما يمكن أن تقدمه للعالم غير الغاز”.
المصدر: هسبريس