اخبار المغرب

مكاسب قضية الصحراء المغربية تدفع البوليساريو نحو المناورات الحقوقية

بدا لافتا في الآونة الأخيرة تصعيد بعض المنظمات والجمعيات “الحقوقية” الداعمة لجبهة البوليساريو خطابها ضد المغرب من خلال إثارة مسؤوليته عن ارتكاب انتهاكات حقوقية مزعومة في الأقاليم الجنوبية للمملكة؛ إذ تسعى الجبهة الانفصالية والجهات المتواطئة معها، من خلال تسويق الاتهامات للسلطات المغربية، إلى إرباك المواقف الدولية وتوظيف الخطاب الحقوقي لضرب صورة المغرب وحشد التأييد للطرح الانفصالي في الصحراء.

ويؤكد مهتمون أن هذا “التهييج الحقوقي” ضد المملكة المغربية واتهامها بارتكاب تجاوزات حقوقية في الصحراء، مقابل التغاضي عن الانتهاكات التي تشهدها مخيمات تندوف، يأتي في وقت تراكم فيه الأطروحة الانفصالية الإخفاقات على المستوى الدبلوماسي، معتبرين أن لعب الجهات المعادية للوحدة الترابية للمملكة على الوتر الحقوقي لا يعدو أن يكون مجرد محاولة لطمس حقيقة تراجع أطروحة الانفصال على الساحة الدولية وإخفاقها في الحفاظ على التوجه الذي كانت عليه في فترة من الفترات.

تهييج حقوقي

قال عبد الوهاب الكاين، رئيس منظمة “أفريكا ووتش” نائب منسق تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن “تركيز تنظيم البوليساريو وتنظيماته الموازية والأذرع الخارجية الداعمة لخطابه على الخطاب الحقوقي، أمر حتمي لانعدام شروط النجاح لمشروعهم السياسي وتآكل أطروحة الانفصال”.

وأضاف: “أمام فشل البوليساريو الذريع في مسار المفاوضات السياسية والبحث عن سبل كفيلة بإنهاء النزاع حول أحقية السيادة على أقاليم الصحراء بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو المدعومة عسكريا وسياسيا وماليا من طرف السلطات الجزائرية، لم يتبق لهذا الطرف سوى البحث عن بدائل قد تشكل حجر عثرة أمام المملكة المغربية للمساهمة بجدية وفعالية في إنهاء نزاع عمر خمسة عقود، فاستقر رأي قادة الرابوني ومسانديهم على محاولة النبش في ملف حقوق الإنسان عن طريق الاشتغال على المستوى الدولي بمحاولة تهييج المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان وتقديم معلومات كاذبة لتضليل الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان”.

وأشار المتحدث إلى تسويق الجهات الداعمة للانفصال في الصحراء لانتهاكات حقوقية وهمية، معتبرا أن “كل تلك الاستراتيجيات الرامية إلى إحراج المغرب وإضعافه دوليا، يضاف إليها استنبات العديد من النشطاء [الحقوقيين] الذين أصبحوا يوزعون صكوك الوطنية للأشخاص في محاولة منهم لتثبيت أمر واقع بوجود نفس انفصالي قوي، لم يستطع تحقيقها هؤلاء الأشخاص، بسبب عدم شرعية ومنطقية المنطلقات من جهة، واختلاط النوازع القبلية والمصلحية الضيقة أثناء البحث عن مجد مفقود من جهة أخرى”.

وشدد الفاعل الحقوقي ذاته على أن “رفع شعار التظلم من التضييق على النشطاء الحقوقيين المناصرين للبوليساريو بأرض الصحراء والتحجج باستنزاف الثروات الطبيعية لمنطقة الصحراء في خضم سياق دولي يرى أن ابتكار حل سياسي لنزاع الصحراء أمر حتمي لبناء السلام في منطقة شمال إفريقيا، هو أمر مجانب للصواب؛ لأن المملكة المغربية استوقفت تاريخها وتراثها وتراكماتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفتحت صدرها أمام الحقيقة والذاكرة والمصالحة الوطنية وطي صفحة الماضي”.

وزاد عبد الوهاب الكاين: “نرى أن من واجبنا التصدي لتلك المزاعم بالتعرض لانتهاكات وحملة تضييق ضد نشطاء تابعين للبوليساريو، وفي الوقت نفسه نشيد بجو الحريات السائد بالمنطقة الذي يضمن لهؤلاء النشطاء القيام بأنشطتهم والتصريح بما يرونه ملائما لأفكارهم، بل والسفر إلى الخارج للترافع عن أطروحات البوليساريو في المنتديات الدولية، بما يشمل مجلس حقوق الإنسان ومقر الأمم المتحدة في نيويورك، ويثبت ذلك انفتاحا وممارسة فضلى لا مثيل لها بمنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، بيد أن هؤلاء النشطاء لا يستطيعون التنديد بما يرتكب من انتهاكات جسيمة ضد بني جلدتهم بمخيمات تندوف على أيدي عناصر الجيش الجزائري أو أفراد أمن البوليساريو”.

وخلص رئيس منظمة “أفريكا ووتش” نائب منسق تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية إلى أن “ما يتعرض له المغرب من حملات ممنهجة لقض مضجعه الحقوقي، أمر يبعث على التأمل والبحث، سواء تعلق الأمر بالخطط والاستراتيجيات والوسائل المستخدمة أو على مستوى التمويلات وحجم الحشد في سياقات وأوقات وأماكن مختلفة، إذ لن تستطيع البوليساريو بمفردها تنفيذه، لولا تلقي دعم سخي من الدولة المضيفة لمخيمات الصحراويين للتشويش على المغرب دوليا وخلو الساحة للجزائر قصد إعادة تشكيل خريطة التأثير والمصالح بالمنطقة”.

منظمات تحت الطلب

قال رمضان مسعود، رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان بمدريد، إن “البوليساريو متورطة في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف، وهي الانتهاكات المثبتة في العديد من التقارير الحقوقية الدولية التي تحدثت عن قمع حرية التعبير والتجنيد القسري للأطفال”، مضيفا أن “هناك عددا كبيرا من ضحايا هذه الانتهاكات يجهل مصيرهم إلى حدود اليوم في ظل غياب الالتفات الدولي لتحقيق العدالة للضحايا وإنهاء معاناة ساكنة مخيمات تندوف التي تتحمل الدولة الجزائرية مسؤوليتها”.

وتابع مسعود، في تصريح لهسبريس، بأن “المغرب، على عكس ما تروج له بعض الجمعيات والمنظمات التي تحصل على الأموال من الجزائر لضرب صورته الحقوقية، أسس لتجربة فريدة في مجال العدالة الانتقالية، وعمل على طي صفحة الماضي من خلال إقرار إصلاحات حقوقية نالت إشادات دولية ومكنته من ترؤس مجلس حقوق الإنسان التابع لهيئة الأمم المتحدة”.

وأبرز أن “تنامي حدة الخطاب الحقوقي التضليلي ضد المغرب في الآونة الأخيرة مرده إلى النجاحات الدبلوماسية التي حققتها المملكة في تدبير ملف وحدتها الترابية، مقابل إخفاق الأطروحة الانفصالية التي بدأت تبحث عن أساليب جديدة لمواجهة المغرب من خلال بعض الأشخاص والمنظمات التي تحترف التزوير وتتقاطع أجندتها مع أجندة الجهات المعادية للرباط”.

وأكد رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان بمدريد أن “هذه المنظمات والجمعيات التي توصف بالحقوقية لا تريد أن ترى الحقيقة أو إنها تتغاضى عنها وتحرفها للاستفادة من التمويلات الجزائرية”، معتبرا أن “الجزائر تعمل على شراء ذمم هذه المنظمات التي لا تأثير لها من أجل استهداف المغرب وتشكيل صورة سلبية عنه في الساحة الحقوقية الدولية من خلال نشر تقارير تتهمه بانتهاك حقوق الإنسان”.

وخلص رمضان مسعود إلى أن “هذه الجمعيات التي تسلط سيوفها على المغرب تتجاهل في الوقت ذاته الوضعية الحقوقية داخل مخيمات تندوف وداخل الجزائر عموما، كالقمع السياسي والاعتقال التعسفي وتضييق هامش الحريات، الشيء الذي يساهم في إخفاء الحقائق عن المجتمع الدولي رغم أن التقارير الحقوقية المستقلة قد عرت هذا الواقع الذي يستوجب تحركا دوليا للقطع معه”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *