مفتشو التعليم يحذرون برادة من حوار “الغرف المغلقة” ويرفضون التحقق من نتائج “الريادة”

حذرت نقابة مفتشي التعليم وزارة التربية الوطنية من حصر الحوار في غرف مغلقة وزوايا ضيقة لا تأخذ في الحسبان الهاجس التربوي والبيداغوجي في قضية التعليم، التي تعتبر القضية الوطنية الثانية بعد الوحدة الترابية. وأعلنت النقابة عن تأجيل مباشرة هيئة التفتيش لعملية التحقق من نتائج روائز المراقبة المستمرة في مؤسسات الريادة إلى إشعار آخر، داعية كافة مناضليها إلى مزيد من التعبئة ورص الصفوف استعدادا لخوض محطات نضالية تصعيدية غير مسبوقة.
وسجل المكتب الوطني لنقابة مفتشي التعليم في بيان توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه ما وصفها بـ”التناقضات” بين الخطاب الرسمي للوزارة والممارسات الكارثية للتدبير التربوي والإداري في العديد من الأكاديميات والمديريات الإقليمية، ما أثر سلبا على جودة النظام التعليمي وأدى إلى تسريب ممارسات غير لائقة في أوساط القطاع، والتي باتت موضع تداول في الأوساط العامة.
وأشاد البيان بدور هيئة التفتيش والتأطير والمراقبة والتقييم في إنجاح مشاريع إصلاح المنظومة التربوية، خاصة مشروع مؤسسات الريادة، من خلال دورها المحوري في القيادة والتأطير والمواكبة. وفي ذات السياق، استنكر الظروف المهنية غير الملائمة التي يعمل فيها المفتشون داخل المؤسسات التعليمية، بما في ذلك ضعف الدعم اللوجستيكي وارتفاع معدل التأطير، إضافة إلى شح وسائل التنقل وعدم صرف المستحقات المتأخرة، مما يعيق تنفيذ مشاريع الإصلاح بفعالية.
كما حذر المفتشون من التأثير السلبي لعدد من الاختلالات في مؤسسات الريادة، مثل سوء تدبير الموارد البشرية، وتأخر تأهيل المؤسسات، والارتجالية في تنفيذ المذكرات التنظيمية، فضلا عن استمرار ارتفاع نسب الهدر المدرسي. وأدان صدور توجيهات خارج الضوابط المرجعية المنظمة لمهام هيئة التفتيش، محذرا من تداعيات ذلك على الانخراط الفعلي لهيئة التفتيش في المشروع.
وفي هذا السياق، رفض المكتب الوطني التغييرات التي طالت نظام الدراسة والتي تمت بدون سند قانوني أو تنظيمي، مؤكدا أن هذه التعديلات تتناقض مع الاختيارات التربوية للمنظومة التعليمية. كما نبه الوزارة إلى مجموعة من نقاط الضعف التي تؤثر سلبًا في تنزيل برنامج مؤسسات الريادة في السلكين الابتدائي والإعدادي، وأولى هذه النقاط ما وصف بـ”الضبابية وعدم وضوح الرؤية” على مستوى التصور رغم دخول المشروع سنته الثالثة، إلى جانب التغير المستمر في التوجهات والبراديغمات المتحكمة في البرنامج.
كما سجلت النقابة ذاتها ذاته غياب المقاربة التشاركية في تنزيل المشروع، ما يحول دون تحقيق مفهوم الحكامة التربوية، بالإضافة إلى التكتم على المعلومات واحتكارها في دوائر ضيقة، وعدم تقاسم تصور المشروع في شموليته.
وحذر المكتب من ضعف التنسيق بين مختلف المتدخلين، مما يؤدي أحيانا إلى تداخل المهام وتأخر التنفيذ. كما نبه إلى محدودية التفاعل مع التغذية الراجعة التي تعتبر محورية في التصويب والتجويد، فضلا عن تأخر توفير عدة العمل والموارد المادية واللوجستيكية في الوقت المحدد، ما يتسبب في التخبط والارتجالية واعتماد بعض المؤسسات التعليمية على تدابير محلية رغم افتقارها إلى الوسائل والموارد الضرورية.
ونبهت الهيئة ذاتها إلى غياب إطار تنظيمي واضح يحدد أدوار هيئة التفتيش في علاقتها بالنصوص القانونية المنظمة للمهام والاختصاصات. كما سجلت عدم إشراك الهيئة عبر هياكلها التنظيمية في بلورة وتنزيل برامج الريادة، وعدم استشارتها قبل إقرار عمليات ميدانية لا تراعي ظروف عمل الهيئة وخصوصياتها المهنية، محذرة من الاستمرار في تنزيل برامج وعمليات تهم عمل التأطير والمراقبة والتقييم دون تهيئة البنيات اللازمة لذلك، وخاصة تنظيم التفتيش المنصوص عليه في النظام الأساسي.
وألح المصدر على ضرورة التفاعل الإيجابي مع مطالب النقابة، ومنها الالتزام بتنزيل توصيات المجلس الأعلى للتربية والتكوين، وتدارك التأخر في إصدار القرارات ذات الأولوية. كما طالب الوزارة بتوضيح أدوار هيئة التفتيش في إطار تنظيمي واضح، والعمل على ضمان مواكبة فعالة لتنزيل برامج الإصلاح.
وفي إطار التضامن مع المفتشين الذين يتعرضون للمضايقات، عبر المكتب الوطني عن دعمه الكامل للمفتشين الذين يواجهون التهجمات بسبب قيامهم بمهامهم بكفاءة وشفافية. وطالب بتفعيل المساطر الإدارية لمحاسبة من يعطل مهام التفتيش ويعيق سير العمل.
واختتمت النقابة بيانها بدعوة المفتشين في برنامج مؤسسات الريادة لتأجيل عملية التحقق المتعلقة بروائز المراقبة المستمرة، استعدادا لخوض معركة نضالية تصعيدية دفاعا عن الهوية المهنية والمستقبل التربوي للهيئة، على حد تعبير المصدر.
المصدر: العمق المغربي