مغربي مدان بالإرهاب يتهم فرنسا بتعذيبه بعدما رفض العمالة لاستخباراتها (فيديو)
في قصة مثيرة، كشف أحمد سحنوني اليعقوبي، تعرضه لشتى أنواع التعذيب النفسي والجسدي في سجون فرنسا، بعدما رفض أن يكون عميلا استخباراتيا داخل أجهزتها، بحسب صرح به لجريدة “العمق”.
سحنوني الذي هزّ اسمه الرأي العام الوطني والعالمي سنة 2010، بوصفه “زعيم خلية إرهابية تم القبض عليه في إطار تفكيك خلية خطيرة بالمغرب”، قال في حديثه لجريدة “العمق”، إنه كان ضحية لوسائل الإعلام وضحية لمحاكمات لفقت له تهمة الإرهاب، والسبب في ذلك سفره 12 يوما إلى أفغانستان سنة 2009.
جحيم أفغانستان
قال أحمد الذي صار اليوم يعاني وضعا صحيا متأزما بعدما كان له جسم رياضي، إنه في فترة سابقة، وبالضبط أواخر سنة 2009، تشبع بالفكر الجهادي وتأثر به عبر الأنترنت، وقرر أن يسافر إلى أفغانستان للجهاد في صفوف طالبان، لكنه عندما وصل صحراء أفغانستان عبر إيران، اصطدم بواقع الظروف القاسية وتأثر صحيا بعدما أصيب بإسهال حاد، فقرر العودة إلى فرنسا والقطع مع فكرة أفغانستان أو الجهاد.
وأكد أحمد أنه لم ينضم في تلك الـ12 يوما لأي معسكر في أفغانستان ولم يحمل أي سلاح ولم ينفذ أي مهمة، فقرر أن ينسى تلك الرحلة وعاد إلى حضن أسرته بفرنسا وبدأ مشروعا تجاريا، إذ اقتنى شاحنة كبيرة ينقل عليها السلع من فرنسا إلى درب غلف بالدار البيضاء،حيث ولد وترعرع قبل أن يهاجر إلى فرنسا للالتحاق بشقيقه الأكبر.
صارت الأمور بخير وبدأت بوادر نجاح تجارته تنعكس إيجابا على ظروفه المادية، وسافر إلى المغرب لقضاء عطلة الصيف رفقة زوجته وأطفاله، بحسب حديثه للجريدة، ثم عاد إلى فرنسا لاستئناف حياته، وما هي إلا أيام قليلة حتى تفاجأ باتصال يسأله عن اسمه العائلي هل “السحنوني” أم “السحنوني اليعقوبي”.
فلما رد عليه، أخبره المتصل أن اسمه في جميع وسائل الإعلام بوصفه “زعيم خلية إرهابية تم تفكيكها في المغرب”، صدم أحمد من ذلك الاتصال وهرع إلى الأنترنت يبحث عن حقيقة تلك الأخبار، فتفاجأ بجرائد وطنية وقنوات عالمية تنشر اسمه كزعيم خلية، يقول أحمد، فاتصل بشقيقه الأكبر الذي أخذه إلى محاميته.
استقبلته المحامية رفقة شقيقه، وعندما سمعت المحامية القصة فتحت الأنترنت وكتبت اسمه، فتفاجأت هي الأخرى بكمية المواقع الإخبارية التي تتحدث عنه، فالتفتت إليه وقالت له: “كيف قدمت إلي هكذا تمشي على رجليك يجب أن تكون الآن معتقلا”، خرج أحمد وشقيقه من مكتب المحامية، وظل كلام المحامية عالقا في ذهنه.
في اليوم الموالي الذي صادف الجمعة، يقول المتحدث، ذهب لتناول وجبة الكسكس في بيت شقيقته، بعدما انتهوا قرر أن يعود إلى منزله فطلب منه ابن شقيقته أن يوصله بسيارته، وأخذ معه أخته المستضيفة لهم وأخته الأخرى.
يقول أحمد “ونحن على متن السيارة كنت أفكر في كلام المحامية، وشعرت بأن سيارة ابن أختي مراقبة، فطلبت منه أن يلتف حول إحدى المدارات مرتين، فكل ما دار كانت تلحق بنا شاحنة محملة بسلالم ودراجتين ناريتين، فطلبت من ابن أختي حينها أن يسرع في اتجاه الميترو، ونزلت بالسرعة واختبأت بين السيارات قبل أن أمتطي الميترو”.
وأنا أختبأ بين السيارات، يضيف سحنوني في حديثه، “رأيت العديد من السيارات تخرج من كل صوب وحدب نزل منها عشرات الشرطة ممن يرتدون لباسا أسودا ووجوهم مخفية ويحملون أسلحة، أوقفوا السيارة وأنزلوا أخواتي منها وهم يسألونهن أين هو أحمد، ثم ضرب أحدهم رأس أختي الكبيرة على الأرض بعدما كررت أنها لا تعرف أين اتجهت”.
تعذيب فرنسا
“أخذت الشرطة أخواتي إلى التحقيق”، وبعدما علم السحنوني، بالأمر قرر أن يسلم نفسه، واستمر التحقيق معه لأيام، وخلال مرحلة التحقيق أخبره أحد المحققين أنهم كانوا يراقبونه لأشهر ولم يجدوا دليلا واحدا يثبت تورطه في خلية إرهابية، بحسب تعبيره، زاعما أن المحققين تفاوضوا معه بأن يعمل لصالح الاستخبارات الفرنسية “سنفتح لك أبواب فرنسا ولك كل ما تريد فقط وافق”، بحسب ما نقل عنهم.
وتابع سحنوني أنه رفض العرض، لأنه إذا وافق على توظيفه لصالح استخبارات فرنسا في أفغانستان وإيران، “سيطلبون مني لاحقا أن أعمل ضد بلدي المغرب وهو ما أرفضه رفضا قاطعا”، ثم سُجن ثلاث سنوات بدون محاكمة وتعرض لتعذيب نفسي وجسدي في “أصعب معتقلات فرنسا المخصصة للمافيات الخطيرة والشبكات الإجرامية ومجرمي الحق العام”.
يضيف سحنوني “حرمت طوال فترة سجني من النوم، وكنت أنقل لغرف متسخة، أمضي في الغرفة الواحدة أسبوعا من التنظيف، ثم ينقلوني إلى غرفة أخرى متسخة بالبراز، وبها حشرات وجرذان، ما تسبب لي في تعفن وأصبت بشلل مؤقت على مستوى ساقي، كما أصبت بمرض على مستوى الدبر حيث كنت أنزف دما”.
واسترسل أنه حرم من حقوقه في السجن بفرنسا، وكان ممنوعا من طبخ طعامه عكس باقي السجناء، ويراقبه الموظفون بحذر، لكن الإيجابي في هذه التجرربة بحسبه “هو عرضي على أطباء نفسانيين الذين أكدوا سلامتي وسلميتي، بكوني شخص غير عدواني”، ثم تمكن من الدراسة في السجن لكنه حُرم من التسجيل بسلك البكالوريا “دون حصولي على تبرير”.
بعد ثلاث سنوات داخل السجن جاء يوم محاكمته، يقول سحنوني: “تفاجأت بالمحامية التي وكلتها للدفاع عني، ترافع ضدي”، فأدين بسبع سنوات، وخفضت العقوبة فيما بعد إلى خمس سنوات ونصف بسبب حسن السيرة والسلوك، وأتم سنتين ونصف بعدما كان قد قضى الثلاث سنوات بلا محاكمة، ثم غادر أسوار السجن.
اختطاف وترحيل للمغرب
يقول سحنوني، “لم أتمكن من استنشاق نسيم الحرية بعد خمس سنوات ونصف من سجن بفرنسا، فتفاجأت بتعرضي للاختطاف من أمام السجن وتم تكبيل يديي ورجليي، وألبسوني قناعا على رأسي يحجب عني الرؤية، في لحظة سمعت صوت الطائرات ثم تم ترحيلي”، وعندما فتح عينية وجد نفسه في مطار محمد الخامس بالدار البيضاء استقبلته الشرطة بالمطار وأخذته مباشرة إلى مقر الشرطة بالمعاريف للتحقيق.
يقول أحمد، “عندما أمضيت فترة من التحقيق لدى مقر الشرطة بالدار البيضاء، ‘كانوا يعاملونني معاملة إنسانية، لم يعرضوني للعنف كما فعلت شرطة فرنسا، ومكنوني من أدويتي وكانوا يمنحونني فرصة للمشي في البهو لأخفف ألم ساقي، شريطة ألا أكلم أحدا من المحتجزين في الحراسة النظرية”.
بعد أيام تم تقديمه للنيابة العامة، ثم لقاضي التحقيق، كان قاضي التحقيق، يضيف سحنوني، “رجلا محترما، وأخبرني أنه لم يتم ضبط أي دليل ضدي يورطني في خلية إرهابية، وتقدم أمام المحكمة، لكنه تفاجأ بإدانته بخمس سنوات حبسا في المغرب بتهم تتعلق بالإرهاب وأمضى فترة حبسية بسجن سلا2، ثم تم نقله إلى سجن تيفلت، بعد أيام استأنف الحكم الابتدائي، وخفضت عقوبته إلى سنة ونصف وغادر أسوار سجن تيفلت بما قضى.
يقول أحمد سحنوني، “شعرت بالظلم، وقررت بعدها التوجه للقضاء لإعادة الاعتبار”، مؤكدا أن سجله العدلي اليوم بالمغرب، نظيف بعدما مكنه القضاء المغربي من رد الاعتبار، لكنه ناشد منظمات حقوقية وطنية ودولية لمساندته في مقاضاة فرنسا، “التي عذبتني في سجونها بعدما رفضت العمالة لديها وحرمتني من جنسيتي وأبنائي الذين لم يلتقيهم منذ سنة 2015″، مؤكدا “لن أتنازل عن حقي”.
يقول أحمد، “فرنسا دمرت حياتي وحياة أختي، التي أصيبت بالشلل وأصبحت عاجزة عن الحركة والكلام، بسبب الضربة التي ضربتها شرطة فرنسا على رأسها حينما كانوا يبحثون عني”.
المصدر: العمق المغربي