مغالطات شائعة حول انتخابات الاتحاد الإفريقي.. المغرب يحقق مكاسب استراتيجية كبيرة!

شهدت انتخابات الاتحاد الإفريقي الأخيرة جدلاً واسعًا، حيث انتشرت بعض المغالطات حول نتائجها ومدى تأثيرها على مكانة المغرب داخل المنظمة. إلا أن تحليلًا عميقًا يكشف أن المغرب خرج بمكاسب استراتيجية هامة، رغم المحاولات الإعلامية التي تسعى لتصوير الأمور بشكل مختلف.
فوز جيبوتي بمنصب الرئاسة: انتصار مباشر للمغرب
تم انتخاب وزير خارجية جيبوتي رئيسًا للمفوضية الإفريقية، وهو تطور يصب في مصلحة المغرب. فجيبوتي تُعد حليفًا قويًا للمغرب، وتُظهر مواقفها الرسمية دعمًا واضحًا لوحدته الترابية، حيث تمتلك قنصلية في الأقاليم الجنوبية. كما أن الرئيس الجديد مقرب جدًا من رئيس جيبوتي، الذي يُعرف بمواقفه المؤيدة للمغرب.
السؤال المطروح: هل كان بإمكان جيبوتي الفوز دون دعم من قوى مؤثرة مثل المغرب؟ الجواب واضح، خاصة أن الجزائر وحلفاءها بذلوا جهدًا كبيرًا لدعم المرشح الكيني المنافس، ولكن النتيجة كانت لصالح جيبوتي، مما يعكس النفوذ الكبير الذي يتمتع به المغرب داخل الاتحاد الإفريقي.
منصب نائب الرئيس: قيمة رمزية وتأثير محدود
منصب نائب الرئيس في الاتحاد الإفريقي لا يحمل تأثيرًا حقيقيًا على صناعة القرار. ورغم عدم انتخاب المرشحة المغربية بعد سبع جولات من التصويت، فإن السبب يعود إلى تفضيل بعض الدول الإفريقية (مثل موريتانيا، تونس، نيجيريا، ومصر) الحفاظ على نوع من التوازن بين المغرب والجزائر داخل هياكل الاتحاد. وعلى الرغم من ذلك، حصل المغرب عمليًا على الرئاسة من خلال جيبوتي.
جهود جزائرية مكثفة مقابل ثقة مغربية في حلفائه
الجزائر بذلت مجهودًا غير مسبوق في هذه الانتخابات، حيث قام وزير خارجيتها بزيارة أكثر من 10 دول في الفترة الأخيرة، كما أرسلت وزراء آخرين إلى أكثر من 20 دولة في مساعٍ لحشد التأييد. بل إن رئيس الجزائر حضر القمة شخصيًا، مما يعكس الأهمية التي أولتها الجزائر لهذه الانتخابات.
ومن المثير للاهتمام أن معظم الدول التي يُرجح أنها صوتت لصالح الجزائر هي دول ناطقة بالإنجليزية وتقع تحت نفوذ جنوب إفريقيا، وليس الجزائر. ولو لم يكن لجنوب إفريقيا هذا التأثير، لما حصلت الجزائر حتى على خمسة أصوات. وهذا يثبت أن الجزائر ليست بالقوة التي يتم الترويج لها داخل الاتحاد الإفريقي، بل تعتمد بشكل كبير على جنوب إفريقيا لدعم مواقفها.
في المقابل، المغرب لم يعتمد على هذه الحملات المكثفة، بل وثق في حلفائه الأساسيين الذين يصل عددهم إلى نحو ثلاثين دولة. هذا يعكس أن المغرب لا يحتاج إلى وعود أو حملات مكثفة لكسب الدعم، لأن مواقفه ثابتة وعلاقاته متينة. تجدر الإشارة إلى أن ست دول صديقة للمغرب غابت عن الانتخابات بسبب منعها من الحضور، ورغم ذلك استمر التنافس لسبع جولات متتالية، مما يعكس قوة المغرب داخل الاتحاد.
المغرب مستمر في تعزيز نفوذه الإفريقي
رغم محاولات التشويش، خرج المغرب بمكاسب استراتيجية في هذه الانتخابات. ففوز جيبوتي، الحليف القوي للمغرب، يعزز مكانته داخل الاتحاد الإفريقي. كما أن عدم حصول الجزائر على نتائج كاسحة رغم حشدها غير المسبوق يكشف محدودية نفوذها الحقيقي.
المصدر: العمق المغربي