من داخل سجن بالصومال، وعبر هاتف لا يستعمل إلا مرّتين في الأسبوع، توصلت هسبريس بتصريحات اثنين من أصل ستّة مغاربة معتقلين بإقليم بونتلاند الصومالي، يستمرّ اعتقالهم رغم حصولهم على البراءة بعد حكم سابق بالإعدام، ويحمّلون المسؤولين عدم وجود أي تدخل رسمي هو شرطُ إخراجهم بتنسيق يعيدهم إلى بلدهم.
وقال أحد المواطنين المعتقلين رغم “البراءة” لهسبريس: “نحن ستة مغاربة في سجن بوتلاند بالصومال، نحن في محنة، ومعاناة وجوع، وعري. مررنا قبل هذا من ثمانية سجون، وما زلنا في محنة بعد حكم البراءة، وفوق كل هذا وقع لنا مشكلٌ بعدما أخذت السودان مواطنيها من السجن، وكذلك إثيوبيا عبر السفارة، وتانزانيا، وبقينا نحن عالقين. المساجين يستهزئون بنا لأن بلدنا لم يأت ليأخذنا، ونستحي من الخروج لساحة السجن حيث نسمع منهم: (أين بلادكم؟)، خاصة بعدما أخذت كل السفارات أبناءها، بما في ذلك السودان التي في حالة حرب، وجاءت بملابس وأكل لمواطنيها وأخذتهم بعد ذلك”.
وتابع المواطن المغربي: “بكينا بعدما أخذت السودان التي في حرب أبناءها، بينما نحن نظلّ في السجن”.
وأوضح تصريح آخر لهسبريس أن الأمر لا يتعلق بمشاكل حدودية؛ فقد “زارنا وزير العدالة في حكومة بونتلاند في السجن، وقال لنا: ‘نحتاج فقط قرارا رسميا من المغرب، وسنرسلكم إلى بلدكم’. أي إن كل ما نحتاجه هو تدخل رسمي واحد من المغرب”؛ لأن المحكمة قد “حكمت بتحويلنا إلى منظمة دولية لتنقلنا إلى المغرب، وتفاجأنا بعد الحديث مع الهيئة أنها قالت إنها لن تنقلنا، بل إن عملها هو تسهيل الوثائق والمعاملات، بعد ثبوت براءتنا”.
وبتأثّر قال المتحدث: “لم يسأل علينا أحد من المغرب، لا لمّا حكم علينا بالإعدام، ولا حين نلنا البراءة، ولم يأت لنا أحد، ولم يسألنا هل نحن مذنبون أم لا؟ ولم يسأل أحدٌ من حكومتنا أو من هيئة أو جمعية تابعة للمغرب ما مآل ملفنا”.
تجدر الإشارة إلى أن قرار المحكمة العسكرية ببوتلاند الصومالية، الذي أُلقي بالعربية، جاء فيه: “لقد تحول إلى هذا الحكم، بعد (شهادة) هيئة الهلال الأحمر. لم يثبت على هؤلاء ‘الانتماء إلى جماعة إرهابية’، وأمرت المحكمة بتحويل المحبوسين إلى حكومة المغرب الشقيقة”.
ويتعلق الأمر بمغاربةٍ وجدوا أنفسهم في قلب النزاعات بين سلطاتٍ صومالية وانفصاليّين من ولاية بونتلاند، فلجؤوا إلى الصليب الأحمر، وسلّموا أنفسهم لأحد الأطراف المقاتلة هربا من آخر أراد تجنيدهم وسحب جوازات سفرهم منهم، لكنهم وجدوا أنفسهم في قلب محاكمة عسكرية أدانتهم بالإعدام، قبل تدخل شهادات حول حقيقة اعتقالهم، قادت إلى حكم البراءة، وفق ما أعادت تجميعه هسبريس من محامية الملف في منطقة النزاع بالصومال، ومن ضحايا الملف، وعائلةٍ من عائلات المواطنين المعتقلين قاطنة خارج البلاد، ومراقبين للقضية.
ووفق معلومات هسبريس، فإن ملف المغاربة الستّة يعرف جمودا؛ لأن المغرب لا يعترف بحكومة إقليم بونتلاند الصومالي، “فلا يمكن أن يناقش معها تسليم المغاربة، وهو ما سبق أن وقع أيضا مع المغاربة المعتقلين بمناطق الأكراد في سوريا. بينما من يعتقلون هؤلاء المواطنين يتشبّثون بالحاجة إلى تسلّمهم من طرف دولتهم، أو سيستمرون في السجن”.
وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، سبق أن قالت محامية المغاربة المعتقلين بالمناطق الصومالية المتنازع عليها، فاطوما عبد القادر علي، إن “المحكمة قرّرت أنهم غير مُذنبين، وأمرت بحريّتهم، لكن تحول دون ذلك مسائل متعددة سياسية وقانونية”، مردفة: “أولا، لا يتوفّرون على وثائق السفر ليعودوا إلى المغرب، ولا توجد تأشيرة للإقامة بالصومال، وخاصة ببونتلاند صوماليا. وثانيا، لا توجد سفارة مغربية هنا بدولة بونتلاند بالصومال، حتى يُسلَّموا لها. وثالثا، لا توجد رسالة رسمية من الحكومة المغربية تطلب استعادة مواطنيها، ولا أي شكل من أشكال التواصل من طرفها”.
المصدر: هسبريس