مع اقتراب موسم العطلة الصيفية، يبدأ توافد آلاف المغاربة المقيمين بالخارج إلى أرض الوطن، في مشهد سنوي يعيد تسليط الضوء على الجالية كفئة مجتمعية حيوية تحمل في طياتها البعد العاطفي والاقتصادي والسياسي، فإلى أي حد نجحت الدولة المغربية في الانتقال من خطاب الاحتفاء الرمزي بالجالية إلى سياسات فعلية تضمن حقوقها، وإشراكها كمكون وطني كامل في التنمية والتمثيلية السياسية، بعيدا عن اختزالها في أدوار سياسية؟

في هذا السياق، أشار رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، إدريس السدراوي، إلى أن تعامل الدولة مع الجالية ما يزال يغلب عليه المنظور الاقتصادي، حيث يختزل دورها في التحويلات المالية التي بلغت نحو 68 مليار درهم سنويا.

وقُرابة 6 ملايين مهاجر مغربي يعيشون في الخارج، ويساهمون بتحويلات مالية معتبرة تعزز قوة الاقتصاد الوطني، ما جعلهم يتبوؤون المرتبة الأولى في جدول الإيرادات، تفوق حتى المساعدات العمومية الخاصة بالتنمية والاستثمار الأجنبي المباشر، حيث بلغت تحويلاتهم في العام 2019، 93.7 مليار درهم، وخلال الأزمة الصحية سنة 2020، 64 مليار درهم، وفي 2021، 86 مليار درهم، و87 مليار درهم في 2022.

وأكد السدرواي في تصريح لجريدة “”، أن المغرب يتجاهل الطاقات والكفاءات العلمية المنتشرة في أرقى الجامعات ومراكز البحث والمؤسسات الدولية، معتبرا أن تغييب هذه الكفاءات عن الفعل السياسي والمؤسساتي يعد إهدار لفرصة استراتيجية لربط المغرب بالعالم من “موقع القوة المعرفية والديبلوماسية”.

إقرأ ايضا: تحقيق: حرمان الجالية المغربية من حقوقها السياسية .. من يتحمل المسؤولية؟

وانتقد السدراوي تعاطي المملكة مع الجالية، مشيرا إلى وجود فجوة كبيرة بين الاعتراف الدستوري بحقوق مغاربة العالم، كما ينص عليه الدستور في فصليه 16 و17، وبين ممارسات الواقع. وأوضح أن الدولة لم تُفعّل بعد آليات واضحة وملزمة لضمان المشاركة السياسية للجالية، سواء عبر التصويت أو الترشح، أو من خلال تمثيلية حقيقية داخل البرلمان والمجالس المنتخبة، رغم أن المغاربة المقيمين بالخارج يُشكّلون اليوم كتلة ديمغرافية وسياسية لا يمكن تجاهلها، على حد تعبيره.

كما عبر المتحدث ذاته عن أسفه لما وصفه بطغيان الطابع الرمزي على الخطاب الرسمي الموجه للجالية المغربية، خاصة في المناسبات الموسمية مثل “اليوم الوطني للمهاجر”، حيث يتم الاكتفاء بالتغني بدورها، دون تفعيل حقيقي مؤسساتي لهذا الدور.

وانتقد الحقوقي أيضا اداء المؤسسات الرسمية المكلفة بشؤون الجالية، مثل مجلس الجالية والوزارة المنتدبة، واصفا إياها  بأنها تمارس أدوارا محدودة ولا تخضع للمساءلة، كما أن أن أعضاءها لا يتم اختيارهم بطريقة ديمقراطية تضمن تمثيلية حقيقية لمغاربة العالم.

ودعا السدرواي إلى حزمة من الإصلاحات لضمان تفعيل دور الجالية في تنمية البلاد، من بينها تخصيص نحو 30 مقعدا برلمانيا لمغاربة المهجر تنتخب ديمقراطيا، ودمقرطة مجلس الجالية، وإشراك الكفاءات العلمية والمهنية في صياغة السياسات العمومية، إلى جانب دعم المبادرات الثقافية والتربوية الموازية التي تعزز ارتباط الأجيال الجديدة بالهوية المغربية.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.