اخبار المغرب

مع تصاعد العنف ضد الأفارقة.. الانتهاكات ضد الطلبة الصحراويين تفجر الوضع الحقوقي بالجزائر

أعاد ما يتعرض له الطلبة الأفارقة اليوم في الجزائر إلى الواجهة قضايا مماثلة عانى منها طلبة صحراويون في الجزائر، لا سيما الطالبات القادمات من مخيمات تندوف، كما حدث في حادثة الاعتداء الجسدي واللفظي التي وثقها منظمات حقوقية في فبراير الماضي بإحدى المؤسسات التعليمية بولاية البيض.

وشملت هذه الوقائع عنفا ولامبالاة من إدارة المؤسسة، تفضح نمطا من المعاملة التمييزية التي لا تستهدف جنسية أو أصلا معينا فقط، بل تكشف خللا أعمق في آليات الحماية والرعاية المخصصة للطلبة الأجانب عموما، ما يضع الجزائر أمام مسؤولياتها القانونية والأخلاقية في احترام التزاماتها الدولية تجاه جميع الأشخاص المقيمين على أراضيها، بغض النظر عن خلفياتهم أو مواقف بلدانهم.

وكان تقرير للنجلة الفرنسية “جون أفريك” قد كشف عن تصاعد العداء تجاه الطلبة الأفارقة في الجزائر، خصوصا منذ اندلاع الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر ومالي، والتي دعمتها كل من بوركينا فاسو والنيجر.

وأشارت المجلة في تقريرها إلى أن هؤلاء الطلبة، لا سيما القادمون من دول إفريقيا جنوب الصحراء مثل مالي، باتوا عرضة لاعتداءات عنصرية وتوترات متزايدة في محيطهم الجامعي والمعيشي، حيث أصبح يُنظر إليهم كأطراف في نزاع سياسي لا علاقة لهم به.

وفي هذا السياق، قال رئيس منظمة افريكا ووتش، عبدالوهاب الكاين، إن وضع الإقامة بالنسبة للصحراويين القاطنين في مختلف مدن وجهات الجزائر، سواء في إطار الدراسة أو لمزاولة أعمال أخرى، يظل ملتبسا ويكتنفه الكثير من الغموض، نتيجة الموقف الثابت الذي تتبناه الحكومات الجزائرية المتعاقبة تجاه قضية الصحراء.

وأوضح الكاين أن الجزائر تحرص على تقديم سكان مخيمات تندوف كضحايا لصراع إقليمي، لكنها في المقابل لا تقدم أي توضيحات بشأن وضعهم القانوني داخل التراب الجزائري، بما في ذلك داخل المخيمات نفسها.

ولفت إلى أن نحو 80 ألف صحراوي يعيشون في صحراء تندوف منذ السبعينيات خارج أي مراقبة أممية، في ظل رفض السلطات الجزائرية إجراء إحصاء شامل يميز بين المهجرين قسرا، والوافدين لأسباب خاصة، وأولئك الذين جُلبوا من دول أخرى كجنوب الجزائر وموريتانيا ومالي بهدف تضخيم أعداد المخيمات.

وأشار الكاين الذي يشغل أيضا منصب نائب منسقة تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية إلى أن سكان المخيمات ظلوا في وضع “انعدام جنسية” لأكثر من خمسة عقود، وتُدار شؤونه، بما في ذلك التعليم وحركة الطلبة، بشكل مباشر من قبل أجهزة الأمن الجزائرية وعناصر من جبهة البوليساريو، دون أية مرجعية قانونية وطنية أو دولية.

وأكد أن تعرّض الطلبة الصحراويين للعنف ليس جديدا، ولا يتوقف على تطورات العلاقة بين الجزائر ودول الجوار، بل هو جزء من سياسة تهدف إلى إبقائهم تابعين سياسيا واستغلالهم في تأجيج التوترات الإقليمية، خاصة مع المغرب.

وأضاف المتحدث ضمن تصريح لجريدة “العمق” أن تقارير عديدة أُعدّت من قبل منظمات حقوقية وثّقت انتهاكات جسيمة طالت طلبة صحراويين في كوبا وليبيا والجزائر، حيث تعرّض الكثير منهم للقمع والاتجار بالبشر والانتهاك الجنسي، وسط صمت الأسر والمشرفين، نتيجة مناخ التخويف الذي يمنع الضحايا من الحديث عما يتعرضون له.

وأوضح أن معطيات حصلت عليها منظمته خلال إعداد تقارير حول حركة الطلبة الصحراويين بين المخيمات والمؤسسات التعليمية الجزائرية، تشير إلى وجود شبكات متورطة في استغلال النساء الصحراويات في الدعارة، يشرف عليها ضباط جزائريون وعناصر من البوليساريو، وفق ما أكدته شهادات لعسكريين سابقين وصحفيين جزائريين.

وحذّر الفاعل الحقوقي من استمرار هذه الانتهاكات في ظل غياب أي مراقبة أو حماية جدية للطلبة، مشيرا إلى حادثة تعنيف طالبات صحراويات قبل شهرين بثانوية “الإحدى عشر شهيدا” ببلدية البيوض في ولاية النعامة، والتي مرت دون أي محاسبة، وسط صمت من قيادات البوليساريو، متسائلا عن مصير الضحايا إلى اليوم.

كما أكد أن حرمان الصحراويين في تندوف من حق التجنيس أو الحصول على بطاقات إقامة قانونية يُسهم في تعميق معاناتهم، ويجعلهم عرضة دائمة للانتهاكات، خاصة الطلبة الذين يعيشون في أجواء من الترهيب تمنعهم من التعبير عن معاناتهم داخل المؤسسات التعليمية، أو فضح ما يجري من تجاوزات في المخيمات، التي تشهد حالات اختطاف وتعذيب وقتل خارج نطاق القانون.

واختتم الكاين تصريحه بالتحذير من تداعيات الأنباء التي تتحدث عن توجه الرئاسة الجزائرية نحو إعلان حالة استثناء، مؤكدا أن مثل هذا الإجراء يمنح السلطات والأجهزة الأمنية صلاحيات غير خاضعة للمساءلة، ما قد يُفاقم من حدة القمع، ليس فقط تجاه المواطنين الجزائريين، بل أيضا في وجه سكان المخيمات، بهدف فرض المزيد من السيطرة وكبح أية محاولة للمطالبة بالعودة أو الخروج من صحراء لحمادة.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *