اخبار المغرب

“معيدوش لولادهم”.. أزمة ارتفاع أسعار الأضاحي تفسد فرحة المطلقات بالعيد

يشكل عيد الأضحى مناسبة دينية واجتماعية لها وزنها وتقاليدها لدى المجتمع المغربي، يحرص الجميع على إحيائه بشراء كبش الأضحية، ولمّ شمل العائلة في هذه المناسبة على مائدة واحدة وسط أجواء يعمها الفرح، إلا أن هذه السنة، واجهت العديد من الأسر المغربية صعوبات في شراء الأضحية بسبب ارتفاع الأسعار بشكل اعتبره كثيرون “مبالغ فيه”.

شهدت أسعار الأضاحي في المغرب هذا العام ارتفاعا غير مسبوق، حيث تراوحت أسعار الأكباش بين 5000 و 7000 درهم للخروف الذكر وما بين 2000 إلى 3500 درهم بالنسبة لأنثى الخروف (النعجة)، ويعود هذا الارتفاع إلى عدة عوامل بحسب الكسابة، منها ارتفاع أسعار الأعلاف بسبب الجفاف، وارتفاع أسعار النقل والوسطاء أو ما يعرف في اللغة العامية “بالشناقة”.

أدى ارتفاع أسعار الأضاحي إلى شعور العديد من الأسر المغربية بالقلق والإحباط، خاصة تلك الأسر ذات الدخل المحدود، والأسر التي تتكون من أمهات أرملات ومطلقات، فبالنسبة لهذه الأسر، أصبح شراء الأضحية عبئا ماديا كبيرا، مما اضطرها إلى الاستغناء عن هذه الشعيرة الدينية.

مطلقات “عجزن أمام أسعار الأضحى”

تواجه النساء المطلقات معاناة مضاعفة في عيد الأضحى، حيث يتحملن مسؤولية شراء الأضحية ومصاريف رعاية أطفالهن في نفس الوقت، مع غياب الدعم أو لعدم التزام أزواجهم سابقا من أداء مصاريف النفقة وتوسعة العيد لأطفالهم في كثير من الأحيان.

فاطمة سيدة أربعينية مطلقة، تقول في حديثها لجريدة “العمق”، إن شقيق زوجها كان هو من يقتني لأطفالهم كبش العيد لكونه ميسور الحال، واستمر على هذه العادة منذ سنوات بحكم أن زوجها لم يكن يؤمن بضرورة شراء كبش الأضحية رغم مدخوله القار، لكنها لم تكن تريد أن يتأثر أطفالها ويشعروا بالنقص بعد رؤيتهم للجيران سعداء بشراء كبش وبطقوس هذه الفرحة الدينية.

“بعد مدة طويلة” تضيف فاطمة في حديثها “تراجع شقيق زوجها عن شراء الأضحية وصارت هي من تتكفل بشرائه رغم أن زوجها يشتغل في شركة محترمة وله مدخول قار، إلا أنه كان يمتنع عن شراء الأضحية، استمرت هي على هذا الحال لسنوات أخرى، ثم جاء موعد الطلاق لظروف لم تخض في تفاصيلها، ورغم طلاقها ظلت تعمل وتشتري كبش العيد لأبنائها المقيمين مع والدهم في بيت واحد”، لكن منذ سنتين تقول فاطمة “أرهقتني ظروف الحياة، وأصبحت عاجزة عن توفير مصاريف الأضحية لأنني مجبرة على دفع مصاريف كراء البيت الذي أعيش فيه ومصاريف المعيشة وتوفير القليل لمساعدة أبنائها في مصاريف تراها ضرورية”.

تقول فاطمة إنها “تطلقت طلاقا اتفاقيا وتخلت عن كل حقوقها بعد فقدانها الأمل من علاقة قالت إنها سامة كانت تتعرض فيها للعنف النفسي والاقتصادي والجنسي والجسدي بشكل مستمر، بالإضافة إلى إهانتها وتصغيرها أمام أبنائها وأسرتها، فكان الطلاق طوق نجاة حتى لا تتطور الأمور إلى الأسوأ بالنسبة لها”.

في قصة مشابهة، قالت نجاة عشرينية مطلقة وأم لطفل، “أنها لم تشتري أضحية عيد الأضحى منذ ثلاث سنوات على طلاقها لأنها لا تشتغل، بل تقطن في بيت والدها، الذي لم يعد هو الآخر قادر على شراء أضحية العيد بسبب مصاريفها كونها عادت لتكمل دراستها ومصاريف شقيقها وابنها الصغير”.

وأضافت نجاة “أنها منذ أشهر قليلة على زواجها، سافر زوجها إلى الخليج للعمل وتركها في بيت أسرته، تعرضت لشتى أنواع العنف النفسي والاقتصادي معهم، ولم يكن يقدرها، فقررت بعد أقل من سنة أن تعود إلى بيت والدها بعد إنجاب طفلها البالغ اليوم من العمر خمس سنوات”.

ومنذ طلاقها تقول هذه الشابة العشرينية، “قررت الطلاق وحكمت لها المحكمة بنفقة لابنها امتنع طليقها عن أدائها إلا أنه في أحد الأيام قرر العودة لزيارة أسرته في المغرب فاتفق مع محاميه أن يدفع ما بذمته من نفقة لطفله، هذه النفقة تقول نجاة دفعت منها ما كان على ذمتي من قروض بعد الطلاق، واحتفظت ببعض منها لدراسة ابنها الذي قررت أن تدخله منذ سنتين إلى المدرسة حتى يندمج مع الأطفال ويكون اجتماعيا وألا يصاب بمرض نفسي بعد أن يستوعب أن والداه مطلقان”.

وفي قصتها، تقول حسناء مطلقة وأم لطفلين، “لم أستطع توفير مصاريف لشراء أضحية العيد لأطفالي الاثنين، لأنني أنا من ينفق على مصاريف العيش اليومي ودراسة الأطفال بعد الطلاق إضافة إلى مصاريف كراء المنزل، ولا أحد في أسرتها ولا والد طفليها يعينها على مصاريفهما”.

حسناء أكدت “أنه حتى عندما كانت في بيت زوجها لم يكن الأخير يشتري كبش الأضحية، وأضافت “أنها بعد طلاقها استمرت في شراء الأضحية لطفليها بحسب إمكانيتها المتواضعة، لكن ارتفاع سعر الأضحية في السنتين الأخيرتين جعلها عاجزة، لأنها بالكاد توفر مصاريف المعيشة والكراء ودراسة أطفالها، مشددة أن رؤية أطفالها في صحة جيدة ذلك في حد ذاته عيد بالنسبة لها وأن الدين يسر وليس عسر”.

أباء لا يلتزمون بأداء النفقة وتوسعة الأعياد

وفي هذا الصدد، قالت رجاء حمين مساعدة اجتماعية بجمعية التحدي للمساواة والمواطنة، إنه “بالتزامن مع مناسبة عيد الأضحى المبارك، توافدت العديد من النساء المطلقات على مركز الاستماع في الجمعية التي تقدم لهن خدمات مجانية، وكانت كل المطلقات اللواتي عبرن عن عجزهن في شراء كبش العيد أرجعن ذلك لعدم استطاعتهن تحصيل مصاريف نفقة أبنائهم من الطليق”.

وشددت حمين، على أن “النساء المطلقات والأمهات في الوقت نفسه، يتوفرن على حكم قضائي يقضي بتحصيلهن مصاريف النفقة وتوسعة الأعياد لفائدة الأطفال، إضافة إلى مجموعة من المصاريف الثابتة التي يخصصها القضاء للأبناء، لكن الآباء يتنصلون من مسؤوليتهم ويرمون بها للأمهات علما أن أغلبهن في وضعية بطالة ولا يتوفرن على عمل قار، ويصعب عليهن تغطية مصاريف الأيام العادية، فما بالك بمصاريف العيد التي تتزامن وارتفاع أسعار الأكباش إضافة إلى باقي المواد المرافقة لهذه المناسبة”.

وأكدت المساعدة الاجتماعية التي تشتغل يوميا مع نساء مطلقات وفي وضعية صعبة في تصريح لجريدة “العمق”، أنهم في جمعية التحدي للمساواة والمواطنة النشطة في الدار البيضاء، “حاولنا دعم بعض الأمهات في عيد الأضحى، ولكن الدعم كان محدودا مقارنة مع ارتفاع الحالات”.

وناشدت رجاء حمين الأباء الذين طلقوا زوجاتهم، “ألا يطلقوا معهم الأبناء، لأنهم لا ذنب لهم في فشل علاقة زوجية، ويسبب لهم هذا الإهمال عقد نفسية”، داعية جميع الأباء في وضعية طلاق “أن يتقوا الله في أطفالهم وألا يجعلوهم عرضة لمخاطر اجتماعية واقتصادية لأن العديد من المطلقات لا يستفيدن من صندوق الدعم لصعوبات إجرائية”، كذلك ناشدت رجاء “الكف عن تعريض المرأة المطلقة للقهر والإقصاء بقولها: “كفاهن صعوبة الحياة والظروف الاقتصادية المزرية”.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *