معركة المناصب بالاتحاد الإفريقي.. هل تُعقد مسار طرد البوليساريو؟

شكلت القمة 38 للاتحاد الإفريقي في أديس أبابا محطة دبلوماسية بارزة، حيث تمكن المغرب من دعم المرشح الجيبوتي محمود علي يوسف لرئاسة المفوضية الإفريقية، متفوقا على منافس مدعوم من الجزائر وجنوب إفريقيا.
ورغم أن هذا الفوز يحسب للدبلوماسية المغربية، فإن خسارة المرشحة المغربية لطيفة أخرباش لمنصب نائبة الرئيس لصالح الجزائرية سلمى حدادي، أعادت طرح تساؤلات حول مدى نجاح المغرب في استثمار هذه المعركة الانتخابية لصالحه، وما إذا كان قد أضاع فرصة لتعزيز موقعه داخل الاتحاد الافريقي.
ويرى محللون أن ما جرى لا يمكن فصله عن الصراع الإقليمي المحتدم داخل الاتحاد الإفريقي، خاصة فيما يتعلق بقضية الوحدة الترابية للمغرب. فبينما يمثل فوز رئيس المفوضية المقرب من الرباط مكسبا إيجابيا، فإن دخول الجزائر إلى المكتب التنفيذي للاتحاد قد يعزز محاولاتها لعرقلة المصالح المغربية داخل المنظمة القارية.
ويتساءل متابعون للشأن الإقليمي عن كيفية استثمار المغرب لموقعه الحالي لتعزيز موقفه في معركته داخل الاتحاد الإفريقي، وهي معركة لا تقتصر على انتخابات المناصب، بل تمتد إلى مواجهة الكيان الوهمي الذي تحتضنه الجزائر، والسعي إلى طرده من المنظمة القارية.
وفي هذا السياق، أشار الخبير في العلاقات الدولية، أحمد نور الدين، إلى أن فوز المرشح الجيبوتي محمود علي يوسف برئاسة المفوضية الإفريقية يعد أيضا انتصارا للمغرب، الذي دعمه في مواجهة مرشح كيني حظي بدعم الجزائر وجنوب إفريقيا، البلدين المناهضين لوحدة المغرب الترابية.
وأضاف نور الدين في تصريح لجريدة “العمق”، أنه كان يمكن اعتبار ما جرى في القمة انتصارا كبيرا للدبلوماسية المغربية، لولا فشل لطيفة أخرباش في الظفر بمنصب نائبة رئيس المفوضية، مما جعل انتصار المرشح الجيبوتي انتصارا نسبيا، وفق تعبيره.
ورغم ذلك، يؤكد المحلل السياسي ذاته أن انتخاب جزائرية نائبة لرئيس المفوضية، لا يشكل تهديدا مباشرا لمصالح المغرب، طالما أن رئيس المفوضية حليف للرباط، لكنه قد يكون مصدر تشويش، نظرا لكون البرنامج الوحيد الذي تحمله الجزائر داخل إفريقيا لا يهدف إلى حل النزاعات أو تحقيق التنمية، بل يتمحور حول معاكسة مصالح المغرب والسعي إلى تقويض وحدة أراضيه.
وشدد الخبير في العلاقات الدولية، على ضرورة مراقبة التحركات الجزائرية داخل المنظمة الإفريقية لكشف محاولاتها وإحباط مخططاتها، مشيرا إلى أن فوز المرشحة الجزائرية يستدعي مراجعة دقيقة من طرف وزارة الخارجية المغربية والأجهزة المعنية، لاستخلاص الدروس والعبر في أفق خوض المعركة الكبرى المتمثلة في طرد الكيان الوهمي من الاتحاد الإفريقي.
وأكد نور الدين أن الحديث عن أي انتصار للدبلوماسية المغربية، يظل ناقصا ما دام هذا الكيان الوهمي يحتل مقعدا داخل الاتحاد الإفريقي باسم جزء من التراب المغربي.وتساءل مستغربا عن سبب تأخر الخارجية المغربية في تفعيل إجراءات طرد ما أسماه بـ”جمهورية ابن بطوش”، رغم عدم استيفائها الشروط القانونية للعضوية، وتعارض وجودها مع مواثيق الاتحاد الإفريقي.
وخلص المتحدث ذات ذاته، أن الانتصار الحقيقي للدبلوماسية المغربية، يتمثل في طرد هذا الكيان من المنظمة، معتبرا أن أي إنجاز آخر يبقى مجرد تحركات على الهامش، رغم تسجيل المغرب لنقط عديدة في مواجهاته داخل الساحة الإفريقية.
من جهته، أوضح المحامي والباحث في شؤون الصحراء نوفل البعمري، أن المغرب لم تكن له حظوظ كبيرة للفوز بهذا المقعد بسبب تعليق عضوية ستة دول أفريقية صديقة وحليفة له، وبالتالي دخل لهذه المعركة وهو خاسر بستة أصوات مما يعني أنه فاقد لدول داعمة له، مؤكدا أن الأمر فيه اعتبار تكتيكي متعلق بضرورة الحفاظ على كتلته “الناخبة” على الدول الداعمة له التي ظلت ثابتة معه منذ الجولة الأولى إلى الجولة السابعة، وفق تعبيره.
وأضاف البعمري في تصريح مماثل، أن المغرب لو لم يقدم ترشيحه، سيعني ذلك أن التنافس سيظل بين مرشحة مصر والجزائر وكان يمكن أن تضيع أصوت المغرب وتتجه نحو الجزائر، وبالتالي سيفقد المغرب كتلته الدولية الداعمة له وكان يمكن أن يفقدها فيما بعد.
وخلص الباحث ذاته، إلى أن المغرب حافظ على عدد الدول الداعمة له وأعطى فوزا جد صعب للجزائر، والمهم هو أنه تمكن من دفع جيبوتي للفوز برئاسة المفوضية”.
المصدر: العمق المغربي