اخبار المغرب

معاناة تحت رحمة الخيام.. من يتحمل مسؤولية تمديد محنة منكوبي زلزال الحوز؟

رغم مرور أكثر من عام ونصف على زلزال الحوز الذي ضرب المغرب في 8 سبتمبر 2023، لا يزال آلاف المنكوبين يقطنون الخيام وسط ظروف إنسانية صعبة يزيد من قساوتها سوء الأحوال الجوية، وهو ما يشكك في مدى جدية الشعارات الرسمية عن الدولة الاجتماعية والتنمية.

وفي الوقت الذي تم فيه الإعلان عن مشاريع كبرى لإعادة الإعمار، لم تجد هذه الوعود طريقها إلى التنفيذ، فلا يزال الضحايا يكابدون برد الشتاء القارس وحر الصيف وهطول الأمطار، دون أن يجدوا حلا جذريا لمحنتهم. فمن يتحمل مسؤولية استمرار هذه المعاناة؟

مسؤولية مشتركة

في أكتوبر 2023، صدر المرسوم بقانون رقم 870232، القاضي بإحداث “وكالة تنمية الأطلس الكبير”، وتحديد اختصاصاتها وأجهزتها ومهامها، وقد أوكلت للوكالة مهمة إعادة إعمار المناطق المنكوبة، غلا أن هاته الوكالة لم تقم بأي عمل يُذكر لصالح المتضررين حتى الآن، وفق رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام،  محمد الغلوسي،

ويرى الغلوسي في تصريح لجريدة “”، أن الوكالة تتحمل جزء من مسؤولية تعثر الإمار واستمرار معاناة الضحايا، متسائلا عن الأسباب التي جعلت الوكالة عاجزة عن أداء مهامها، رغم عقد رئيس الحكومة لاجتماع مجلس التدبير الاستراتيجي الخاص بها، وتعيين مديرها، ورغم رصد أموال ضخمة لإعادة الإعمار والإيواء.

لكن الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، كشف أن المغرب، “حشد 13 مليار درهم ما بين المساعدات وما بين القروض، وفي ظل هذه الأجواء وأمام تعثر عملية إنقاذ المواطنين وإعادة الإيواء، وفشل حكومي حقيقي في التعاطي مع الأزمة لجأت الحكومة إلى سياسة الاعتقالات”، مطالبا بالإفراج عن سعيد آيت مهدي رئيس تنسيقية ضحايا زلزال الحوز”.

إقرأ  أيضا: هيئة حقوقية تكشف “فجوات” إعمار مناطق الزلزل وتشكك في شفافية صرف 13 مليارا 

وإلى جانب الوكالة، سجل رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن الحكومة ممثلة في اللجنة البين وزارية المكلفة ببرنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز، تتحمل هي الأخرى جزء من المسؤولية.

كما تتحمل الجماعات الترابية جزءا كبيرا من المسؤولية، حسب الغلوسي، خاصة في ظل غياب البنية التحتية الضرورية، مشيرا أن المجلس الإقليمي يتحمل مسؤولية تهميش القرى والدواوير التي لا تزال معزولة عن العالم الخارجي بسبب غياب الطرق والمسالك، واصفا بعضها بـ”طرق الموت”.

الأخطر من ذلك، وفقا المتحدث، هو أن بعض المسؤولين المحليين راكموا الثروات بشكل غير مشروع، وظهرت عليهم مظاهر الثراء الفاحش،  دون أن تطالهم أي محاسبة من طرف وزارة الداخلية أو المجلس الأعلى للحسابات، بينما حُرم بعض المتضررين من التعويضات أو تم تجاهل شكاواهم.

ولفت الغلوسي إلى أنه في يوم السبت 8 مارس الجاري، قام بزيارة إلى الحوز، حيث عاين واقعا مؤلما يكشف زيف الخطابات الرسمية، المتعلقة بالتنمية والعدالة الاجتماعية، موضحا أن  المنكوبين ما زالوا يواجهون البرد والحر تحت رحمة الخيام، بينما  جزء كبير من المشاريع المعلنة لا تزال حبرا على ورق.

ضحية تلاعبات

من جهته، يرى الباحث في العلوم السياسية، محمد شقير،  بأن إعادة اعمار منطقة الحوز التي دمرها الزلزال تعتبر عملية معقدة وتتطلب على الاقل خمس سنوات لمعالجتها، مشيرا إلى أن تحديد المسؤولية يبقى شيئا صعبا نظرا لتداخل عدة فاعلين مركزين ومحليين، مضيفا أن هناك الحكومة في شخص رئيسها الذي يبدو أن له عدة أولويات على رأسها أزمة التشغيل والغلاء والمونديال، ووزارة السكنى وسياسة المدينة، في شخص فاطمة الزهراء المنصوري،  بالإضافة إلى وزارة الداخلية في شخص والي مراكش وكذا القياد بالإضافة إلى رئيس الجماعة.

ولفت شقير في تصريح لجريدة “”، إلى أن هذا التداخل غالبا ما يعوم المسؤولية، مسجلا أنه “كان من الضروري أن يتم في البداية تعيين وكالة خاصة بإعادة إعمار منطقة الحوز ومختلف المناطق التي دمرها الزلزال تكون هي الجهة المسؤولة أمام الساكنة والجهة التي تتكلف بالتعامل مع مختلف هؤلاء المتدخلين وتكون تابعة مباشرة للملك ويتم تزويدها بكل الامكانيات الضرورية للاشتغال والعمل.

وأوضح المتحدث ذاته، أنه “بدون هذه الجهة، فمن المؤكد أن كل متدخل سيرمي المسؤولية على الجهة الأخرى، لاسيما أن فقر الساكنة وتهميشها التعليمي والاقتصادي وبعدها عن المراكز الحضرية، جعلها ضحية “تلاعبات” ليس فقط من طرف الأجهزة الإدارية بل أيضا من أطراف أعوان السلطة الذين قد يحذفوا مستفيدين لصالح غير مستحقين مقابل رشاوي أو قرابات أو محسوبية”.

وخلص الباحث في العلوم السياسية، محمد شقير، إلى  أن هذا الأمر جعلهم ضحية مقاولين لا يلتزمون بما اتفق معهم بل يمكن أن ينصبون على بعض الساكنة، إضافة إلى  أن بعض المنتخبين من رؤساء الجماعات بالمنطقة قد يوظفوا هذه الأزمة لحملاتهم الانتخابية خاصة وأن الانتخابات على الأبواب”.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *