وجه النائب الأول لرئيس مجلس مقاطعة سيدي البرنوصي بالدار البيضاء شكاية رسمية إلى عامل عمالة مقاطعات سيدي البرنوصي، يطالبه فيها بإيفاد لجنة تفتيش عاجلة للبحث والتقصي والافتحاص في ما وصفها بـ”خروقات خطيرة وتجاوزات قانونية” تطال التدبير الإداري والمالي للمقاطعة.

وحسب المراسلة التي توصلت بها مصالح العمالة، فإن النائب الأول سجل مجموعة من الاختلالات التي قال إنها شملت عدة قطاعات حيوية داخل المقاطعة، من قبيل الشؤون التقنية والصفقات العمومية والشؤون الاقتصادية والتعمير والمرآب والمساحات الخضراء والحفلات.

وأكد أن هذه القطاعات أصيبت بـ”الشلل التام”، مما أثار استياء واسعا وسط الساكنة المحلية والمرتفقين والفاعلين الاقتصاديين، خاصة بالحي الصناعي للمنطقة.

وأشار صاحب الشكاية إلى أن رئيس المقاطعة “لم يعر أي اهتمام للتنبيهات المتكررة” التي سبق توجيهها إليه، متهما إياه بتحمل المسؤولية المباشرة عن الاختلالات القائمة، معتبرا أن الوضع بلغ مستويات خطيرة من “الفساد العلني”، متهما جهات نافذة ولوبيات اقتصادية بالتستر على هذه الممارسات.

وتضمنت الشكاية اتهامات محددة في ثلاثة محاور رئيسية تتعلق بشبهات حول إبرام صفقات عمومية بطريقة غير شفافة وتكرار فوز نفس الشركات بطرق مشبوهة، ومنح تراخيص للبناء والتجزئات العقارية خارج القوانين الجاري بها العمل، والتغاضي عن مخالفات في الأشغال، بالإضافة إلى توجيه مشاريع لفائدة أطراف بعينها وضعف المراقبة على الاستثمارات، مما أدى إلى هدر المال العام.

وأكد المشتكي أن هذه الاختلالات انعكست سلبا على مداخيل الخزينة العامة، وأسهمت في انتشار وحدات صناعية عشوائية داخل الحي الصناعي لسيدي البرنوصي، تحتل الشوارع والممرات وتطرح تهديدات بيئية وأمنية.

وطالب النائب الأول بفتح تحقيق إداري ومالي شامل، وتفعيل آليات المراقبة والمحاسبة المنصوص عليها في القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، مع إحالة كل من ثبت تورطه على الجهات القضائية المختصة.

كما وجهت نسخ من الشكاية إلى عدة مؤسسات وهيئات رقابية، بينها وزارة الداخلية والمجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للمالية والهيئة الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة والوقاية منها.

وتأتي هذه التطورات لتزيد من حدة الجدل الدائر حول تدبير الشأن المحلي بمقاطعة سيدي البرنوصي، في وقت ينتظر فيه الرأي العام نتائج أي تحقيق قد يفتح بخصوص هذه الاتهامات الثقيلة.

وصرح عصام گمري، النائب الأول لرئيس مقاطعة سيدي البرنوصي، أنه تقدم بشكل رسمي إلى السيد عامل عمالة مقاطعات سيدي البرنوصي بطلب يرمي إلى عقد جلسة استماع، تخصص لمناقشة عدد من الملفات والقضايا التي أثارت جدلا واسعا في الرأي العام المحلي خلال الأسابيع والأشهر الأخيرة.

وأوضح گمري، في حديثه لجريدة ، أن الغاية من هذا الطلب هي وضع النقاط على الحروف بخصوص مجموعة من الاختلالات المرتبطة أساسا بطريقة تدبير الشأن المحلي داخل المقاطعة، وكذا مساءلة المسؤولين عن مظاهر العبث والفساد التي بدأت تطفو إلى السطح بشكل مثير للانتباه.

وأشار المتحدث إلى أن من بين الملفات التي يعتزم إثارتها خلال هذه الجلسة، تلك المتعلقة بما وصفه بالصفقات العمومية “المشبوهة”، والتي شابت عددا من المشاريع المنجزة أو المبرمجة بالمنطقة.

وأكد أن هناك دلائل ومعطيات تستدعي فتح نقاش معمق حول شفافية هذه الصفقات ومدى احترامها للقوانين الجاري بها العمل، خاصة وأنها تتعلق بأموال عمومية يفترض أن توجه لخدمة المواطنين وتحسين أوضاعهم المعيشية.

كما أبرز گمري أن ملف التعمير يطرح بدوره علامات استفهام كبيرة، مشيرا إلى وجود خروقات وصفها بـ”الخطيرة”، من قبيل منح تراخيص بطرق ملتوية، أو التغاضي عن مخالفات عمرانية واضحة، وهو ما يؤدي إلى فوضى عمرانية تمس جمالية المنطقة وتضرب في عمق القانون.

ولم يتوقف المتحدث عند هذا الحد، بل لفت الانتباه أيضا إلى ما اعتبره “تلاعبات” في أسطول سيارات المقاطعة، مذكرا بأن الغاية من هذه الوسائل اللوجستية هي خدمة الصالح العام وتيسير العمل الإداري، لا أن تتحول إلى أدوات للاستعمال الشخصي أو إلى امتيازات خاصة لبعض المسؤولين.

وأوضح أن بعض الصفقات التي همت اقتناء سيارات فارهة ذات طابع فردي لا تنسجم إطلاقا مع مبادئ الحكامة الجيدة، كما أنها تتعارض مع القوانين والتوصيات الصادرة عن المجلس الأعلى للحسابات، الذي شدد في أكثر من مناسبة على ضرورة ترشيد النفقات وربطها بالحاجيات الحقيقية للإدارة.

وختم گمري تصريحاته بالتأكيد على أن الهدف من هذه الخطوة هو الدفع نحو قدر أكبر من الشفافية والمساءلة داخل المقاطعة، وإعادة الثقة للمواطنين الذين يطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى بمسؤولين يتحلون بالنزاهة والجدية في تدبير الشأن العام.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.