مشروع مالية 2025 يُواجه تحديات الاضطرابات العالمية لتحصين السيادة الاقتصادية
في خضم تحديات اقتصادية واجتماعية متزايدة، يأتي مشروع قانون المالية لسنة 2025، حاملا معه مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى مواجهة هذه التحديات وتحويلها إلى فرص، إذ أن المشروع يرتكز على أربعة محاور رئيسية من شأنها أن تحدث “تحولا جذريا في الاقتصاد والمجتمع المغربي”، فمن خلال تعزيز التماسك الاجتماعي وتحقيق السيادة الاقتصادية، يهدف المشروع إلى بناء اقتصاد مغربي أكثر صلابة.
ومع ذلك، فإن تنفيذ هذا المشروع “الطموح” حسب خبراء يتطلب تضافر جهود جميع الفاعلين، وتجاوز بعض التحديات المرتبطة بتوفير الموارد المالية اللازمة، وكذا تعزيز الكفاءة في تنفيذ المشاريع، كما يجب العمل على تقييم دوري للتأكد من أن المشروع يسير في الاتجاه الصحيح ويعطي النتائج المرجوة.
في هذا السياق، اعتبر المحلل الاقتصادي، أمين سامي، أن مشروع قانون مالية 2025، يمثل خريطة طريق واضحة المعالم نحو تعزيز الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية في المغرب، حيث يأخذ في الاعتبار تحديات البيئة العالمية والتغيرات الاقتصادية والسياق الدولي الصعب الذي يعرفه العالم.
وأوضح سامي، ضمن تصريح لـ”العمق”، أن هذا الأمر سيتم عن طريق التركيز على القطاعات الاستراتيجية ذات الأولوية مثل التعليم، والصحة، والمياه، والطاقة النظيفة، حيث سيساهم قانون المالية 2025 في توجيه البلاد نحو مستقبل مستدام وأكثر مرونة بفضل الرؤية المتبصرة للملك محمد السادس.
وأردف قائلا: “كما يعزز النمو الاقتصادي بفضل الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية والمشاريع الطموحة مثل التحضير لكأس العالم 2030، مما يعني أن هذه الاستثمارات ستدفع عجلة النمو وتوفر فرص عمل كبيرة، مما ينعكس إيجابياً على المجتمع والاقتصاد المغربي”.
وأشار الخبير الاقتصادي ذاته، إلى أن مشروع قانون المالية لسنة 2025، سيعمل في شقه الاقتصادي على مواصلة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، إذ أن القانون يسعى للحفاظ على التوازنات الاقتصادية الكبرى مع استدامة نمو اقتصادي متوقع عند 3.3% لعام 2024، مضيفا ” وهو ما يأتي في إطار إصلاحات تشمل جميع جوانب التنمية، من حماية اجتماعية و صحة وتعليم.
تحفيز الاستثمار
وحسب المصدر ذاته، فإن المشروع يهدف إلى تحصين الاقتصاد الوطني من خلال تعزيز الإنتاج المحلي وزيادة فرص الاستثمار الخاص، إضافة إلى التركيز على التنمية المستدامة، بما في ذلك الاستثمار في البنية التحتية، والطاقة النظيفة، والتحضير لكأس العالم 2030.
وأكد المختص الاقتصادي، أن تحفيز الاستثمار الخاص وتنفيذ ميثاق الاستثمار يشكل عاملاً أساسياً في تحقيق النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، ما يجعل الحكومة تهدف إلى تسهيل وتسريع إجراءات الموافقة على المشاريع الاستثمارية، مما يعزز مناخ الأعمال ويحفز النمو في مختلف القطاعات الاقتصادية.
ودعا سامي إلى العمل أكثر على تحسين مناخ الأعمال على المستوى الترابي ودعم ومواكبة المقاولات الصغرى والصغرى جدا والمتوسطة وتطوير أنظمتها وتقويتها وتعزيز تنافسيتها مع إعطاء الأفضلية للمقاولات المغربية لتطوير خبرتها في المشاريع الاستثمارية.
وشدد على ضرورة تحفيز البنوك على تطوير حلول تمويلية مبتكرة ومستدامة ومواكبة المقاولات الناشئة خاصة العاملة في المجال التكنولوجي والرقمنة والعمل على تطوير البنية التحتية الرقمية في الوسط القروي من أجل تعزيز الاستثمار والدفع به وخلق طبقة متوسطة في العالم القروي”.
توفير مياه الشرب
وأشار خبير التخطيط الإستراتيجي وقيادة التغيير للشركات والمؤسسات، إلى أن الحكومة تسعى إلى دعم الاستثمارات العمومية في القطاعات الاستراتيجية مثل “الجيل الأخضر”، والهيدروجين الأخضر، والطاقات النظيفة، مما يعكس رؤية المملكة نحو اقتصاد مستدام وصديق للبيئة.
وسجل أن الحكومة تهدف إلى تسريع تنفيذ البرنامج الوطني لتوفير المياه الصالحة للشرب ومياه السقي، مما يؤكد على أهمية الأمن المائي كعامل أساسي في التنمية، ودوره الفعال والمصيري في العديد من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية خاصة الفلاحية والصناعية، مبرزا أن المشروع الهيكلي لإعادة تدوير المياه العادمة، يعتبر مشروع استراتيجي استشرافي، لإعادة استغلال المياه وتطوير نهج اقتصادي جديد هو الاقتصاد الدائري.
وشدد أمين سامي على وجوب اعتماد خارطة طريق شاملة لتحفيز التشغيل من خلال دعم الاستثمار في القطاعات الأكثر تأثيرًا على فرص العمل، وأيضا القطاعات الواعدة والمستقبلية خاصة الذكاء الاصطناعي، البيانات الضخمة، التجارة الإلكترونية، الاقتصاد الاجتماعي والتضامني والإمكانات المهمة التي يتوفر عليها من أجل تطوير هذا القطاع.
وخلص المحلل الاقتصادي، أمين سامي، إلى ضرورة دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة خاصة في المناطق القروية وشبه الحضرية من أجل امتصاص البطالة، والعمل على تطوير برامج عمل الجماعات وبرامج تنمية الأقاليم وبرامج التنمية الجهوية وجعلها أكثر جاذبية وتنافسية وتساهم في تحقيق الالتقائية بين البرامج والمشاريع المبرمجة والمنجزة والتي في طور الإنجاز لضمان النجاعة الاقتصادية من أجل التخفيف من تداعيات الجفاف على التشغيل في المناطق القروية.
المصدر: العمق المغربي