مشروع قانون المالية 2025 يمر “بلا طعم” وفي غياب الحوار الاجتماعي
مع تعثر الحوار الاجتماعي بين الحكومة والمركزيات النقابية بعد تغييب جولة شتنبر، تعتبر بعض القيادات النقابية أن حديث نادية فتاح، وزيرة الاقتصاد والمالية، عن تخصيص 20 مليار درهم لتنفيذ التزامات الحكومة بخصوص الحوار الاجتماعي في مشروع قانون المالية لعام 2025 جاء “بلا طعم”.
وقالت المسؤولة الحكومية الوصية على قطاع الاقتصاد والمالية، أثناء تقديمها مشروع قانون المالية لسنة 2025، يوم السبت، إن مبلغ 20 مليار درهم يأتي ضمن إجمالي التزامات الحكومة تجاه الحوار الاجتماعي، التي تصل إلى 45 مليار درهم في سنة 2026.
وأكد مصادر نقابية أن إعداد الحكومة لمشروع قانون المالية 2025 تم دون تشاور مع المركزيات النقابية، معتبرة ذلك “تهرباً من محضر اتفاق أبريل الماضي، الذي نص على جولة شتنبر لمناقشة قانون الإضراب وإصلاح نظام التقاعد”.
وحسب المصادر ذاتها، فإن خطوة يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، تمرير القانون التنظيمي المتعلق بشروط ممارسة حق الإضراب عبر البرلمان لا تزال تثير غضب النقابات، التي تعتبرها “خطوة استفزازية واضحة”.
وفي هذا الصدد، قال الميلودي موخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، إن هذه الميزانية التي خصصتها الحكومة في قانون المالية لسنة 2025 بالنسبة له “لا طعم لها ولا مذاق”.
وأضاف موخاريق، في تصريح لهسبريس: “تلقيناها بهذا الشكل؛ لأنها ليست نتيجة حوار اجتماعي، كما كان مقرراً في الميثاق الموقع عليه الذي يلزم بتخصيص جولة للحوار في شتنبر والتي كان من المتوقع فيها أيضاً التشاور مع النقابات حول مشروع قانون المالية”، مؤكداً أن “الحكومة خرقت الاتفاق”.
وأوضح الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل أن الحكومة تريد “اتباع نهج آخر عبر اتخاذ قرارات خارج الحوار الاجتماعي”، مشيراً إلى أن الاتفاق الاجتماعي في أبريل ليس “ديكريتو”؛ بل التزام يتعلق بالحوار ومناقشة مطالب النقابات التي ستتأثر بمشروع قانون المالية الجديد.
وأضاف المتحدث نفسه: “بعد تأجيل جولة شتنبر، كنا نتوقع أن تستدعينا الحكومة في بداية أكتوبر”.
وتابع قائلاً إنه عند تنصيب الحكومة، وفي أول لقاء معها، “أخبرناها أن النقابات تؤمن بفضيلة الحوار الاجتماعي؛ لكن اليوم نصطدم بخطوة الوزير السكوري في تمرير قانون الإضراب دون استكمال الحوار حوله”.
وختم الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل قائلاً: “ستبقى هذه الخطوة وصمة عار كبيرة ومحاولة استفزاز واضحة، ولن تجعل النقابات الأمر سهلاً لتمرير هذا القانون عبر البرلمان”.
من جانبه، اعتبر علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، أن “هذه الميزانية التي أعلنت عنها الوزيرة الوصية على قطاع الاقتصاد والمالية تدخل في إطار نتائج الحوار الاجتماعي، وهي أمور عادية، وليس لها علاقة بالتزام الحكومة بمأسسة الحوار الاجتماعي مع الباطرونا والمركزيات النقابية قبل تقديم مشروع قانون المالية أمام البرلمان، وهي خطوة تم خرقها بشكل واضح”.
وأضاف لطفي، في تصريح لهسبريس، أن مناقشة العديد من النقاط المهمة، مثل إفلاس المقاولات وضعف قيمة الزيادة في الأجور، كان من المفترض فتحها مع النقابات قبل إعداد مشروع قانون المالية 2025، مؤكداً أن “تغييب جولة شتنبر أو تعويضها في أكتوبر بيّن مجدداً أن الحكومة المغربية ليست لديها قناعة أو إيمان بأهمية مأسسة الحوار الاجتماعي، حيث يظل شكلياً وحسب رغبتها لتمرير بعض مشاريع قوانينها”.
وشدد الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل على أن “مشروع قانون المالية سيعرض على المؤسسة التشريعية دون جلسة حوار اجتماعي مع المركزيات النقابية، وسيتم بعدها فرض مشاريع قوانين مثل الإضراب ونظام التقاعد، رغم أنها خطيرة للغاية ولم يقبل بها أحد من النقابات”.
وفي الأخير، أبرز لطفي أن “الحكومة والنقابات حالياً، وحتى الباطرونا، يوجدون في وديان متباعدة، وسقط بشكل واضح الحوار الاجتماعي نحو المجهول”.
المصدر: هسبريس