مشروع سحب التأمين من “كنوبس” يثير قلق نقابات من هضم حقوق الموظفين
عبرت تنظيمات عمالية عن مخاوفها من تأثير مشروع القانون رقم 54.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 65.00 والرامي إلى إدماج الصندوق كنوبس في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، على حقوق العمال والمستفيدين من خدمات الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي CNOPS.
وأشارت العديد من المنظمات إلى أن إدماج هذين الصندوقين قد يؤدي إلى تقليص الفوائد أو زيادة الأعباء المالية على المستفيدين، مطالبة بمزيد من الشفافية والتشاور مع الجهات المعنية قبل اتخاذ أي قرارات نهائية. كما تدعو إلى ضمان أن أي تغييرات في نظام التأمينات ستحافظ على حقوق العمال وتضمن استدامة الخدمات التي كانوا يستفيدون منها في الكنوبس.
مشروع يخرق الدستور
وفي هذا السياق، قالت التعاضديات المكونة للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (كنوبس) عبر بلاغ إخباري، إنها تفاجأت بإصدار الحكومة لمشروع القانون رقم 54.23 بشكل أحادي ودون استشارة ولا إشراك التعاضديات المتألف من هذا الصندوق التي تدير التغطية الصحية بشقيها الأساسي والتكميلي الفائدة أطر وموظفي وأعوان القطاع العام والجماعات الترابية والإدارات شبه العمومية.
وأشارت التعاضديات إلى أن مشروع القانون رقم 54.23 لا ينسجم مع توجيهات الملك محمد السادس الداعية إلى تطوير النظام التعاضدي وإشراك التعاضديات في المشاريع الاجتماعية، ويخرق مقتضى الفصل 31 من الدستور الذي نص على الحق في الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة، فضلا عن كونه يتجاهل مبدأ المسؤولية المشتركة الوارد في المادتين 9 و 10 من القانون الإطار 0921 المتعلق بالحماية الاجتماعية ومع مبدأ انخراط كل المتدخلين في السياسات والاستراتيجيات والبرامج المتعلقة بالحماية الجتماعية.
وأضافت أن مشروع الحكومة يجهز على النظام التعاضدي الذي يوفر التغطية الصحية لأطر وموظفي وأعوان الدولة منذ 1919 وإلى غاية 2005 في غياب أي نظام أساسي للتأمين الصحي مؤسس من طرف الدولة، وما يعني ذلك من الاجهاز على التجربة المتراكمة والخبرة الطويلة في المجال. كما يقصي فاعلا أساسيا (الصندوق كنوبس والتعاضديات) ساهم بقوة في إنجاح نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض في القطاع العام وشبه العام، وظلا يديرانه منذ إحداثه سنة 2005 إلى اليوم.
وقالت التعاضديات إن مشروع القانون يهمل مبدأ عدم الربحية وهو أحد أسس النظام التعاضدي، ويسعى وراء تفويت تدبير هذا النظام إلى هيئات ربحية، مما سيضاعف تكلفة تفويض التدبير، قد يترتب عنها الرفع من مبالغ الاشتراك، معلنة تشبثها، باعتبارها شريكا في تدبير التأمين الاجباري الأساسي عن المرض لفائدة موظفي القطاع العام وشبه العام منذ إحداثه سنة 2005، بأحقيتها في المشاركة في تدبير مشروع تعميم التغطية الصحية الأساسية في المرحلة المقبلة، تماشيا مع التوجهات الملكية السامية وطبقا لمقتضيات الدستور والقانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية.
وعبرت عن رفضها القاطع للمساس بحقوق ومكتسبات منخرطيها في تدبير ملفات مرضهم وجميع مصالحهم الإدارية ذات العاقة بالتغطية الصحية، والمساس بحقوق ومكتسبات مستخدميها ومستخدمي كنوبس، متمسكة بالأدوار التي تقوم بها في إطار الحماية الاجتماعية والاحتياط الاجتماعي والخدمات الطبية التي تقدمها وحداتها الصحية والاجتماعية. كما دعت إلى سحب مشروع القانون وإشراك التعاضديات في إعادة صياغته وتجويدها.
رفض نقابي
وفي السياق ذاته، قال الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للتعليم fne، عبدالله غميمط، إن نقابته لا يمكنها إلا أن تكون مع صوت الشغيلة وصوت المؤمنين ومطالبهم، وقال إن مؤسسة “كنوبس” أحدثت بفضل تضحيات ونضالات الطبقة العاملة وتمول من المال العام ومكلفة بالتغطية الصحية لملايين الأشخاص، ولا يمكن للحكومة أن تأتي بقرار انفرادي بعيدا عن مؤسسة الحوار وتتخذ قرارا بدمجها مع cnss.
وأضاف غميمط في تصريح لجريدة “العمق” أن الجامعة ترفض أي مساس بصندوق “كنوبس” وبمكتسباته، مطالبا بسحب مشروع القانون وإعادته إلى طاولة الحوار الاجتماعي وفتح نقاش وطني حوله والكشف عن الأسباب الحقيقية التي دفعت الحكومة لدمج الصندوقين، خصوصا أن خدمات الكنوبس أفضل بكثير من مثيلاتها في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وفق تعبيره.
وشدد المتحدث على ضرورة الحفاظ على هذه المؤسسة الوطنية، محملا في الوقت ذاته الحكومة مسؤولية ذلك من خلال دعمها ودعم باقي مؤسسات الحماية الاجتماعية، وأشار إلى أن ما يحدث الآن هو مناقض تماما للشعارات التي ترفعها الحكومة في خطاباتها الرسمية حول الدولة الاجتماعية.
وكانت الأمانة العامة للاتحاد المغربي للشغل قد استنكرت إقدام وزارة المالية ووزارة الصحة، على صياغة مشروع القانون 2354 القاضي بإدماج منخرطي الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS) في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، بطريقة أحادية وخارج مؤسسة الحوار الاجتماعي.
وأدانت المركزية النقابية في بيان توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه ما وصفته بـ”استهتار” الحكومة بمصالح أكثر من 3 ملايين من المُؤَمَنين وذوي الحقوق المنخرطين في CNOPS، وعبثها بمصير مئات المستخدمين والأطر بهاته المؤسسة الاجتماعية.
ووصفت نقابة مخاريق هذا المشروع “الذي طبخ في جنح الظلام وبتسرع” هاجسه الوحيد هو التراجع وضرب حقوق عموم المنخرطين والمستخدمات والمستخدمين، دون أن تعير أي اهتمام للعلاقة البنيوية للصندوق بمنخرطيه وشركائه من تعاضديات ومؤسسات صحية.
وقال المصدر إن هذا التجاوز الأحادي يتنافى والمبادئ الدستورية التي تفرض المقاربة التشاركية في سن السياسات العمومية والاجتماعية، ويخرق بشكل سافر، أسس الحوار الاجتماعي، ويتجاهل عنوة حقوق ما يفوق على أزيد من 3،1 ملايين مستفيد من التغطية الصحية داخل هذا الصندوق بين مُؤمنين (1 مليون وأربع مئة ألف) وذوي الحقوق (1 مليون وسبع مئة ألف)، مطالبا إياها بالسحب الفوري لهذا المشروع والتداول بشأنه في إطار الحوار الاجتماعي.
وأضافت النقابة أن مكونات الحكومة المعنية بهذا الورش الهام، تتصرف في المصير الصحي لمئات الآلاف من الموظفات والموظفين في الإدارات العمومية والمؤسسات العمومية وشبه العمومية، بمزاجية وتسرع مريب، ودون أدنى تشاور أو حوار مع ممثلي هاته الفئات أو مع الحركة النقابية المخول لها دستوريا الترافع عن مصالح الطبقة العاملة وكذا حول كل الملفات الاجتماعية الكبرى.
وأعلنت النقابة تشبث عموم الموظفات والموظفين بحقوقهم المكتسبة في إطار نظام CNOPS واستعدادهم لخوض مختلف الأشكال النضالية دفاعا عنها، مطالبة الحكومة بالسحب الفوري لمشروع هذا القانون وفتح حوار عاجل ومسؤول داخل مؤسسة الحوار الاجتماعي، من أجل التفاوض حول جميع الإشكاليات المطروحة، وذلك ضمانا لتنزيل سليم لمنظومة الحماية الاجتماعية.
وختم الاتحاد المغربي للشغل بيانه بتوجيه نداء إلى مستخدمي وأطر الصندوق ولعموم منخرطي CNOPS، من أجل أخذ المزيد من الحيطة والحذر والتعبئة والاستعداد لخوض كل الأشكال النضالية اللازمة لحماية حقوقهم ومكتسباتهم.
مشروع القانون
وفي وقت سابق، عممت الأمانة العامة للحكومة على الوزراء مشروع قانون رقم 54.23، الذي يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم 65.00 المتعلق بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض وبسن أحكام خاصة، ويأتي في إطار مراجعة النصوص التشريعية المتعلقة بالحماية الاجتماعية.
ويهدف مشروع القانون رقم 54.23، وفقًا للمذكرة التقديمية التي اطلعت جريدة “العمق” على نسخة منها، إلى اعتماد هيئة تدبير واحدة لأنظمة التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، بهدف ضمان تسيير أكثر كفاءة وتجانسًا لأنظمة التأمين الصحي، وتسهيل حصول جميع المواطنين على الخدمات الصحية.
وفي إطار السعي لتوفير حماية اجتماعية متكاملة للمواطنين، ينص مشروع القانون الجديد على توحيد إدارة أنظمة التأمين الصحي الأساسي، وبموجب هذا القانون، سيتم نقل مسؤولية إدارة نظام التأمين الصحي الخاص بموظفي القطاع العام من الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
ومن الأحكام التي تضمنتها نصوص القانون رقم 65.00، إسناد مهمة النظر في جميع المسائل المتعلقة بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض في القطاعين العام والخاص، وبنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالأشخاص غير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك، وكذا بأنظمة التغطية الصحية الأساسية الأخرى المدبرة من قبل الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، والبت في القضايا المرتبطة بها، إلى مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وتسعى الحكومة من خلال مشروع هذا القانون إلى إنهاء التنسيق الإجباري مع الجمعيات التعاضدية فيما يتعلق بالبت في طلبات انخراط المشغلين، وتسجيل الأشخاص، وكذا المراقبة الطبية، وحلول الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي محل الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي فيما يخص الاتفاقيات المبرمة بين هذا الأخير والجمعيات التعاضدية بشأن نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض في القطاع العام، والاستمرار في العمل بالاتفاقيات المذكورة بصفة انتقالية لمدة تحدد بمرسوم.
كما يشمل المشروع دمج المتدربين المرسمين، والمتدربين والمتعاقدين المزاولين لمهامهم بالصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي في تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ، ضمن مستخدمي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مع استمرار انخراطهم في نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، وفي أنظمة المعاشات الأساسية والتكميلية التي كانوا يؤدون برسمها اشتراكاتهم في تاريخ نقلهم.
وتضمن مشروع القانون، نقل المنقولات، والعقارات التي توجد في ملكية الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، دون عوض وبكامل ملكيتها، بالإضافة إلى نقل الأرشيف وجميع الوثائق الإدارية والمالية المتعلقة بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض في القطاع العام، وبأنظمة التغطية الصحية الأساسية الأخرى المدبرة من قبل الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
علاوة على حلول الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي محل الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي في جميع صفقات الدراسات، أو الأشغال، أو التوريدات، أو الخدمات وكذا جميع العقود والاتفاقيات الأخرى المبرمة في إطار نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض في القطاع العام، وأنظمة التغطية الصحية الأساسية الأخرى المدبرة من قبل هذا الأخير.
ونص مشروع القانون على أن تنقل إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مجموع الأصول، والخصوم، ومجموع الأرصدة المودعة في الحسابات البنكية، وكذا مرجوعات التعويضات عن ملفات المرض من حسابات نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض في القطاع العام، وأنظمة التغطية الصحية الأساسية الأخرى المدبرة من قبل الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي.
كما أشار إلى مراجعة نسب الزيادة عن التأخير في دفع الاشتراكات المتعلقة بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض بهدف توحيدها مع نسب الزيادة في التأخير في دفع الاشتراكات المتعلقة بنظام الضمان الاجتماعي.
ونظرًا للتوسع في تغطية التأمين الصحي في المغرب، قررت الحكومة إلغاء النظام الخاص بالتأمين الصحي الإجباري للطلبة. وهذا يعني أن جميع الطلبة يمكنهم الآن الاستفادة من نفس الخدمات الصحية التي يحصل عليها باقي المواطنين.
ويساهم هذا القانون، حسب مذكرته التقديمية، في تحقيق التكامل بين مختلف أنظمة التأمين الصحي، كما أنه يمدد الحق في الاستفادة من التأمين الصحي ليشمل فئة أكبر من الطلبة، بما في ذلك أولئك الذين لا يعتمدون على والديهم في التغطية الصحية. كما يوفر حلاً انتقالياً لبعض فئات الطلبة الذين لا يستفيدون من أي نوع آخر من التأمين الصحي.
المصدر: العمق المغربي