مشروع المالية يخطط لمواجهة التغيرات المناخية باستكمال البنيات المائية
مع توالي سنين الجفاف الحاد وتوالي ظواهر “تطرف المناخ” في ظل تأخر واضح لعدد من المشاريع المائية التي كان مبرمجا إنجازها خلال العقد الماضي، بات الفاعل العمومي في المغرب أكثر إدراكا لأهمية وحتمية “الاستثمار في البنيات التحتية استجابة للتأثيرات السلبية للتغيرات المناخية”؛ وهو ما ضمنتْه الحكومة الحالية بوضوح في مشروع قانون المالية لسنة 2025.
وحسب ما طالعته جريدة هسبريس في مذكرة مرفقة بمشروع القانون المالي المعروض على أنظار النقاش البرلماني حول “التوزيع الجهوي للاستثمار العمومي”، فإن “التوزيع الجهوي لأهم المشاريع الاستثمارية في قطاع الماء، والمبرمجة برسم سنة 2025″، يشمل استكمال “بناء السدود الكبيرة والمتوسطة (برامج في طور الإنجاز)”، إلى جانب مشاريع استراتيجية للتحلية.
تحلية المياه
يُرتقب خلال سنة 2025 “الشروع في تنفيذ ومواصلة إنجاز المشاريع الاستراتيجية المتعلقة بالاستثمار في تكنولوجيا تحلية مياه البحر والربط بين الأحواض المائية”.
وهكذا، أكدت بيانات التوزيع الجهوي للاستثمار برمجة “إنجاز خط كهربائي لمحطة تحلية المياه بالدار البيضاء الكبرى” (الدار البيضاء سطات) بكلفة 259 مليون درهم؛ فيما تبلغ اعتمادات الأداء 135,20 مليون درهم برسم سنة 2025.
وستكون جهة “العيونالساقية الحمراء”، سنة 2025، على موعد مع إنجاز “مشروع تحلية مياه البحر بالعيون” بكلفة مالية مقدرة في 480 مليون درهم و230 مليون درهم بمثابة اعتمادات الأداء.
بدورها، ستحظى جهة “الداخلة وادي الذهب بالشروع في العمل على “مشروع تحلية مياه البحر بالداخلة” بتكلفة 450 مليون درهم، و245 مليون درهم كاعتمادات أداء برسم سنة 2025.
سدود جديدة
أعلنت الحكومة، عبر المذكرة الرسمية ذاتها، أن سنة 2025 ستعرف بناء وتشييد “سدود جديدة”، في جهتيْ طنجةتطوان الحسيمة والشرق.
وفي هذا الصدد، يرتقب، حسب المعطيات الرسمية التي اطلعت عليها هسبريس، إنجاز سدين جديديْن في جهة الشمال بكلفة قدرت في 3500 مليون درهم، مع اعتمادات أداء تصل 80 مليون درهم سنة 2025.
كما ستحظى جهة الشرق، وفق المشاريع الاستثمارية المخطط لها في قطاع الماء، بمنشأة مائية عبارة عن “سد جديد” قدرت كلفته بـ600 مليون درهم (20 مليون درهم اعتمادات الأداء برسم 2025).
حسب المعطيات الرسمية الواردة في المذكرة المرفقة بمشروع “مالية 2025″، فإن المغرب يتوفر حاليا على 154 سدا كبيرا بسعة إجمالية تتجاوز 20,7 مليارات متر مكعب، بالإضافة إلى 146 سدا صغيرا، “تُمكن المملكة من تلبية احتياجاتها المائية في ظروف مثلى، سواء تعلق الأمر بمياه الشرب أو بالاستخدامات الصناعية والسياحية”.
وتسمَح هذه المنشآت، حسب المصدر نفسه، بـ”توفير مياه الري على نطاق واسع يغطي أكثر من مليونيْ هكتار، فضلا عن مساهمتها في إنتاج الطاقة الكهرومائية التي تلبي ما بين 4 إلى 10 في المائة من احتياجات الكهرباء على الصعيد الوطني”؛ علاوة على دور مهم تلعبه في” الحماية من المخاطر الطبيعية”، مثل الفيضانات والجفاف.
وبينما شهدت سنة 2024، حسب المعطيات ذاتها، “ملء حقينة سد امديز في إقليم صفرو وسد فاصك في إقليم كلميم”؛ ستعرف، السنة الحالية، أيضا، “إنهاء أشغال إنجاز سد كودية بورنا (إقليم سيدي قاسم) وملء حقينة سد غيس (إقليم الحسيمة)”.
استثمارات مبرمجة
من المبرمج أن “تتواصل أشغال بناء 15 سدا كبيرا آخر؛ من بينها سد سيدي عبو (تاونات) وسد بني عزيمان (الدريوش)، المقرر إنجازهُما برسم سنة 2025.
كما تقرر، حسب مشاريع الاستثمارات العمومية في الماء، العمل على إنجاز “سدود آيت زيات (الحوز) وتارغا أومادي (جرسيف) وبولوان (شيشاوة) وسد المختار السوسي (تارودانت) وتامري (أكادير) وخنك كرو (فكيك) والساقية الحمراء (العيون) وتعلية سد محمد الخامس (الشرق) المُقرر إنجازهم خلال سنة 2026”.
كما تمت برمجة “سد الواد الأخضر (أزيلال) وسد تغزورت بني ملال المقرر إنجازهما خلال سنة 2027، ثم سد الرطبة (تاونات) المبرمج برسم سنة 2028.
ومن ضمن المشاريع المائية المهمة “سد رباط الخير (صفرو) وتعلية سد إمفوت (سطات) المبرمجان برسم سنة 2029”.
في سياق آخر، تم استكمال أشغال الربط بين سد المنع بحوض سبو وسد سيدي محمد بن عبد الله بحوض أبي رقراق، في إطار تنفيذ الشطر الاستعجالي الأول من مشروع الربط المائي بين أحواض سبو وأبي رقراق وأم الربيع، والذي يندرج ضمن البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب ومياه الري (20202027).
وقد بدأ تشغيل هذا المشروع تدريجيا ابتداء من شهر غشت 2023، كما تتواصل أيضا أشغال الربط بين سد واد المخازن وسد دار خروفة بهدف ضمان تزويد منطقة طنجة الكبرى بالمياه الصالحة للشرب.
وقد تم الانتهاء من المرحلة الأولى لمشروع تحلية مياه البحر بمدينة أكادير والشروع في استغلاله. كما ستتواصل الجهود المكثفة لاستكمال المرحلة الثانية من هذا المشروع قبل نهاية سنة 2026.
تكثيف الجهود
يأتي تكثيف المجهود الاستثماري في المشاريع المائية بالمغرب “استجابة للتحديات المرتبطة بالأمن الغذائي والطاقي”، وفق ما أوضحته الوثيقة الرسمية المرفقة بمشروع القانون المالي.
وحسب المذكرة الصادرة عن وزارة المالية، “تعتزم الحكومة، تنفيذا للتوجيهات السامية الواردة في الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لعيد العرش، “تكثيفَ الجهود على مستوى البنية التحتية المائية لضمان تمكين كافة المواطنين من الولوج إلى الماء الصالح للشرب، وكذا تلبية 80 في المائة من احتياجات الري على الصعيد الوطني”.
وللتذكير، فقد أكد الخطاب الملكي على “ضرورة التحيين المستمر لآليات السياسات المائية بالمغرب”، مشددا على تسريع وتيرة إنجاز مشاريع بناء السدود والمشاريع الكبرى المتعلقة بتحويل المياه بين الأحواض المائية، وإنشاء محطات تحلية مياه البحر”. كما دعا إلى “بلورة برامج تكوين متخصصة لفائدة المهندسين والتقنيين في تقنيات التحلية إلى جانب تشجيع إنشاء شركات وطنية متخصصة في بناء وصيانة محطات تحلية المياه”.
المصدر: هسبريس