مشروع القانون المتعلق بالمسطرة المدنية يغفل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية
نال مشروع القانون رقم 02.23 المتعلق بالمسطرة المدنية قسطاً وافراً من النقاش منذ مصادقة الحكومة عليه يوم الخميس الماضي، باعتباره أحد المشاريع التي جاءت لتنفيذ توصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة، كما يعتبر من أهم القوانين في المنظومة القضائية.
مشروع القانون الجديد له أهمية كبيرة، فهو يُعتبر الشريعة العامة للقواعد المسطرية التي تطبق على كافة القضايا باختلاف أنواعها، مدنية وتجارية وإدارية، ما يجعل من مقتضياته أهم الضمانات المسطرية لحماية حقوق المتقاضين.
في هذا الصدد، لاحظ عدد من نشطاء الحركة الأمازيغية خلو المشروع من الإشارة إلى تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، رغم التنصيص عليها كلغة رسمية في دستور 2011؛ كما صدر بموجب ذلك قانون تنظيمي عام 2019 يوضح كيفيات إدماجها في التعليم ومجالات الحياة العامة ذات الأولوية، من بينها القضاء.
حول هذا الموضوع قال أحمد أرحموش، المحامي بهيئة الرباط والناشط في الحركة الأمازيغية، إن “مشروع قانون المسطرة المدنية لم يتجاوب مطلقاً مع ما يقتضيه كون اللغة الأمازيغية لغة رسمية للدولة من جهة، ومن جهة أخرى أغفل تماماً ما تقتضيه المادة 30 من القانون التنظيمي للأمازيغية”.
وتنص المادة 30 من القانون التنظيمي للأمازيغية على إدماج هذه اللغة في مجال التقاضي، من خلال ضمان الدولة للمتقاضين والشهود الناطقين بالأمازيغية الحق في استعمال هذه اللغة والتواصل بها خلال إجراءات البحث والتحري، بما فيها مرحلة الاستنطاق لدى النيابة العامة وإجراءات التحقيق، وإجراءات الجلسات بالمحاكم، بما فيها الأبحاث والتحقيقات التكميلية والترافع وإجراءات التبليغ والطعون والتنفيذ.
وذكر المحامي أرحموش، في تصريح لهسبريس، أن “مشروع القانون الجديد أغفل أيضاً مضامين الاتفاقية التي وقعتها وزارة العدل مع وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة في يناير من العام الجاري، بهدف إدماج الأمازيغية في الإدارات العمومية”.
وأشار أرحموش إلى أن “مشروع قانون المسطرة المدنية هو تشريع يهم المغاربة قاطبة، ومن غير المعقول أن يغفل الإشارة إلى الأمازيغية كلغة رسمية للدولة، كما أنه يغفل مقتضيات القانون التنظيمي للأمازيغية من خلال المادة 30 التي تنص على ضمان المحاكمة العادلة، ومن شروطها توفير الظروف الملائمة لكل مواطن باستعمال لغته”.
وذهب المحامي ذاته إلى القول إن “مشروع القانون الجديد أُنجز وكأن دستور 2011 غير موجود، ويتجلى أنه استند إلى مقتضيات دستور 1996 الذي كان ينص على العربية كلغة رسمية وحيدة؛ وهذا يعني أن كل الالتزامات التي قدمت في السابق لم يتم الوفاء بها”.
وفي نظر المتحدث ذاته فإن النص التشريعي الجديد الذي أعدته وزارة العدل “يفتقد للأساس الدستوري والحقوقي والسياسي أيضاً، أخذاً بعين الاعتبار الالتزامات التي قدمتها الحكومة الحالية في برنامجها المعلن في أكتوبر من عام 2021”.
أهم المستجدات
مشروع القانون الجديد يضم 644 مادة، ومن المرتقب أن يشرع البرلمان في مناقشته بعد افتتاح دورة أكتوبر، ونجد ضمن مستجداته اعتماد المعلومات المتوفرة بقاعدة المعطيات المتعلقة بالبطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية في حال تعذر التبليغ، كما ينص على دمج المقتضيات المتعلقة بقضاء القرب والمحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف الإدارية والمحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية في صلب هذا المشروع، بدل الإبقاء عليها متفرقة في نصوص خاصة.
كما سيتم بموجب هذا القانون اعتماد النشر بالموقع الإلكتروني للمحكمة بشأن الإعلان عن البيع بالمزاد العلني للمنقولات والأصول التجارية والعقارات المحجوزة، ووجوب توجيه كتابة الضبط مقالات الاستئناف إلى محكمة ثاني درجة خلال أجل 15 يوماً من تاريخ إيداعها.
وسيواجه المغاربة غرامة جديدة بموجب مقتضيات هذا النص تتمثل في الحكم على كل متقاض بسوء نية بغرامة مدنية تتراوح ما بين 10 آلاف وعشرين ألف درهم لفائدة الخزينة العامة، بصرف النظر عن التعويض الذي يمكن أن يطالب به المتضرر.
وسيتم عبر هذا القانون الجديد أيضاً إحداث منصة إلكترونية رسمية للتقاضي عن بعد، واعتماد الحساب الإلكتروني المهني والبريد الإلكتروني والعنوان الإلكتروني والتوقيع الإلكتروني، بالإضافة إلى استخدام الوسائل الإلكترونية في عمليات البيع بالمزاد العلني، وإجراءات التبليغ والإشهار.
المصدر: هسبريس