مشاكل النقل الطرقي للمسافرين في الأعياد تسائل جدية “المقاربات الاستباقية”
رغم “جهود استباقية” مُعلن عنها لتنظيم التنقلات بمختلف المحطات الطرقية للمسافرين، في مختلف أقاليم المملكة، إلا أن الوقائع المتتالية الواردة من أكثر من مدينة مغربية غدت ساحات محطاتها الطرقية مسرحاً لـ”أعمال بلطجة وابتزاز” و”تدخّل السماسرة والوسطاء” للتحكم في مسارات التنقل (مثلما حدث بمكناس مؤخرا)، مازالت تُعاكس مغزى الإجراءات المتخذة، واضعة “واقعيتها ومدى فعاليّتها” على المحك.
ولا يحتاج المسافر إلى كثير من التأمل ليدرك أنه يصير مع اقتراب كل عيد “عرضة للتضييق ولقمة سائغة لمُحترفي الابتزاز والنصب والاحتيال”، وهي الممارسات التي تطال حتى “بعض أصحاب الحافلات”، وفق ما استقته هسبريس من مهنيين في قطاع النقل الطرقي.
عقلنة ضرورة
عزيز برهمي، خبير في النقل والتدبير اللوجيستيكي أستاذ باحث بجامعة محمد الخامس بالرباط، اعتبر أن “قطاع النقل الطرقي للمسافرين مازال حبيسَ بِنية المأذونيات (الكَريمات)”، مسجلا أن هذه البنية “لا توجد بها شركات تدبيرية بإمكانها ضمان التنافسية وشروط الجودة والسلامة والعقلنة، بل نحن ما زلنا في السياق المغربي الراهن إزاء شركات أشخاص تعمل في بيئة قطاع للنقل غير منظّم وذي طابع ريعي”.
الخبير المتخصص الذي راكب خبرة 15 سنة في مجالات التدبير اللوجستيكي والنقل، بسط لجريدة هسبريس الإلكترونية ضمن إفادات وشروح حول الموضوع ما اعتبرها “معالم رؤية للحكامة والجودة بإمكانها وحدها أن تنتشل القطاع من هذه الإشكالات البنيوية الريعية التي تفتقر إلى فلسفة الخدمة والاستدامة وعقلنة التكاليف، ما سينعكس على ثمن الخدمة في نهاية المطاف”.
وشدد برهمي على أن “عقلنة مسارات السفر وضمان خدمات ذات جودة موجَّهة للمسافر كزبون تُحترم رغباته مع التدبير الأمثل للمسارات التشغيلية من أجل عقلنة التكاليف، هي الحل الفعلي لخلق منافسة حقيقية مع السماح لشركات أجنبية، مثلا، بدخول السوق المغربية التي تظل حرة من حيث المبدأ الاقتصادي”.
ولفت إلى أن “تعزيز تنافسية قطاع نقل المسافرين سيرفع من وعي الناقلين والمهنيين نحو مراعاة التوازن بين معادلة الربحية/الخدمة، بدل تقليص تكلفة الخدمة، ورفع هوامش الربح الفاحش في مناسبات عيد الأضحى مثلا”.
في سياق متصل، سجل المتحدث بأسف كبير استمرار “ممارسات السمسرة في الأسعار لنقل المسافرين بين المدن المغربية خلال مناسبات معينة”، معلقا لهسبريس: “لو احتُرمت معايير الجودة المروَّج لها رسميا، فضلا عن مراقبة دقيقة للرحلات ومساراتها، وكان للإجراءات الوزارية المعلنة في تدبير تنقلات العيد أثرٌ ملموس، لَمَا تكرّرت هذه الإشكاليات كل عيد بالنقاش نفسه”،، مردفا بأن هذا “يعني أن الإشكالية أعمق، تستدعي حلولا جذرية تتطلب بنية تنافسية حقيقية ستسهم في خفض واحترام الأسعار، وليس رفعها”.
إجراءات متخذة
في معطيات توصلت بها هسبريس ضمن “مذكرة” صدرت عن مصالح وزارة النقل واللوجيستيك حول “الإعداد لعملية نقل المسافرين بمناسبة عيد الأضحى”، ذكرت الوزارة أنها قامت في إطار المقاربة الاستباقية التي تنهجها للإعداد القبلي لعملية نقل المسافرين بهذه المناسبة، بتوفير وسائل نقل إضافية لتلبية هذه الحاجيات الاستثنائية من التنقل”.
وبخصوص “احترام الحد الأقصى للأسعار”، يتم خلال فترة العيد، بحسب المعطيات التي طالعتها هسبريس، “تعزيز عمل لجان مراقبة الأسعار تحت إشراف السلطات المحلية ومشاركة كافة المصالح المعنية المتواجدة بالمحطات الطرقية، قصد تتبع عمليات التنقل والحرص على إشهار واحترام الأسعار المحددة، وزجر كل تجاوز مُلاحظ في هذا الشأن، والسهر على أمن وسلامة المسافرين وأمتعتهم وضمان انسيابية حركة النقل”.
كما استحضرت المذكرة “إخضاع الحافلات التي يتم الترخيص لها لتدعيم الخطوط إلى مراقبة الحالة الميكانيكية من طرف مصالح المراقبة الطرقية التابعة للوزارة من أجل التحقق من أهليّتها للقيام بالعمليات النقلية، بهدف ضمان شروط أمن وسلامة المسافرين”.
المصدر: هسبريس