أثار إعلان الحكومة الإسبانية عن تمويل مشروع محطة لتحلية المياه في المغرب ردود فعل غاضبة من حزب VOX اليميني، الذي اتهم السلطة التنفيذية بـ”خيانة” المزارعين الإسبان و”خدمة المصالح المغربية على حساب القطاع الزراعي الوطني”، في خطاب يعكس نمطًا شعبويًا متكررا يناهض التعاون الدولي، خاصة مع دول الجنوب.
المشروع، الذي يُرتقب تشييده في مدينة الدار البيضاء بتكلفة تبلغ 340 مليون يورو، يُوصف بأنه “أكبر محطة تحلية في إفريقيا”، ويُعد جزءًا من شراكة أوسع تدعمها مؤسسات أوروبية ودولية، تروم تعزيز الأمن المائي في المغرب، الذي يواجه تحديات مناخية مشابهة لتلك التي تعاني منها مناطق واسعة في جنوب إسبانيا.
غير أن حزب VOX اختار تجاهل السياقات الجيوسياسية والبيئية التي تحيط بهذا التعاون، مركّزًا في حملته الإعلامية على المقارنة بين هذا الاستثمار وبين ما يصفه بـ”الإهمال الحكومي” لمشروع قنوات سد Rules في منطقة كوستا تروبيكال، رغم أن المشروعين يخضعان لمسارات تمويلية وتشريعية مختلفة تمامًا.
وفي تصريحات مثيرة، قال البرلماني الإقليمي عن الحزب، ريكاردو لوبيز أوليا، إن الحكومة الإسبانية “تمد السجادة الحمراء أمام المغرب”، وتقدم دعما مباشرا لمزارعيه على حساب نظرائهم الإسبان، في خطاب يتعمد تضخيم “المنافسة المغربية” وتجاهل تعقيدات التبادل الزراعي في إطار الاتحاد الأوروبي.
ويبدو أن هذا الخطاب يسعى إلى تأجيج الغضب الاجتماعي في أوساط المزارعين الإسبان، الذين يعانون فعليا من تداعيات التغير المناخي وضغوط الأسواق، عبر توجيه اللوم إلى “عدو خارجي” هو المغرب بدلاً من مساءلة السياسات الزراعية المحلية أو تقاعس الحكومات المتعاقبة عن إنجاز مشاريع استراتيجية داخلية.
اللافت أن VOX، في خضم هذا التصعيد، يتغاضى أيضا عن حقيقة أن سياسات التحول البيئي مثل “الصفقة الخضراء” وأجندة 2030 هي مبادرات أوروبية تبنتها إسبانيا بموافقة برلمانها الوطني، بما في ذلك ممثلو الحزب ذاته.
ورغم أن انتقاد أولويات الإنفاق العام يظل مشروعا في النقاش الديمقراطي، فإن توظيف التعاون الدولي كأداة للصراع السياسي الداخلي لا يخدم سوى منطق العزلة والتأجيج، ويُضعف فرص دعم المزارعين فعليا بدل أن يكرّس خطابا يُضلل بشأن التحديات الحقيقية التي يواجهونها.
المصدر: العمق المغربي