اخبار المغرب

مستشارون يجلدون الجماعات والغرف المهنية وينتقدون “قصور” الحماية الاجتماعية

أقرت فرق برلمانية بمجلس المستشارين بضعف مساهمة الجماعات المحلية والغرف المهنية في التنمية الاقتصادية بالمغرب، مؤكدة البطء في تنزيل الجهوية المتقدمة و”القصور” الذي يعرفه ورش الحماية الاجتماعية.

وانتقدت عدد من الفرق، في إطار مناقشة تقرير المجلس الأعلى للحسابات برسم 20232024، “ضعف مساهمة الجهات والجماعات الترابية في المجهود التنموي فضلاً عن البطء في التنزيل الأمثل للجهوية المتقدمة، إضافة إلى التحديات الكبيرة التي يواجهها ورش الحماية الاجتماعية، والتي تهم التعميم والتمويل والاستدامة”.

مساهمة ضعيفة للجماعات الترابية

أبرز فريق التجمع الوطني للأحرار أن “الجهوية المتقدمة هي ورش يروم تحديث هياكل الدولة وتعزيز اللامركزية عبر ترسيخ الديمقراطية المحلية، وذلك بجعل الجهات والجماعات الترابية الأخرى مساهمًا رئيسيًا وشريكًا أساسيًا للدولة في تحقيق التنمية، لكون المستوى الترابي هو الأنسب لتحقيق التنمية وكون الجهات والجماعات الترابية الأقرب إلى التحديد الدقيق للحاجيات التي يعبر عنها المواطنون على المستوى الترابي”.

وبعد أن استعرض مختلف مظاهر التطور الإيجابي لمستوى الخدمات التي تقدمها الجماعات الترابية، اعترف رئيس الفريق، مصطفى الدحماني، أن مساهمة الجهات والجماعات الترابية في المجهود التنموي ما تزال لم ترق بعد إلى المستوى الذي سطرته القوانين التنظيمية، لتظل الممارسة الفعلية للاختصاصات الذاتية محدودة، حسب ما وقف عليه المجلس الأعلى للحسابات، وفق تعبيره.

واعتبر فريق التجمع الوطني للأحرار أن “ما يؤثر على الموارد المالية الذاتية للجهات والجماعات الترابية الأخرى هو الإشكالات التي تعتري قدرتها على التحصيل وتتبع التزام الملزمين بالأداء، مما يزيد من تفاقم الباقي استخلاصه”، داعيًا في هذا الإطار إلى التعاون بين الحكومة عبر وزارة المالية والجماعات من أجل مساعدتها على التدبير التقني لعملية التحصيل مع العمل على مواصلة إصلاح الإطار القانوني للجبايات المحلية وفق الإجراءات والأهداف التي سطرها القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الجبائي.

وأشار الدحماني إلى أن “وضعية الموارد البشرية بالجماعات وضعف جاذبية الوظيفة العمومية الجماعية من بين الإشكالات التي ما تزال تؤثر على أداء الجهات والجماعات الترابية الأخرى في لعب أدوارها التنموية”.

من جهة أخرى، شدد فريق الأحرار على أن “تعميم التغطية الصحية على فئات واسعة من المجتمع، وخاصة الفئات في وضعية هشاشة، مكن من ولوج الخدمات الصحية بالقطاع الخاص والعمومي على قدر المساواة مع الفئات الأخرى”، كما ساهم الدعم الاجتماعي المباشر الذي تتراوح قيمته بين 500 و1200 درهم، وفق تعبيره، من التخفيف ولو بشكل نسبي من أعباء المعيشة على ما يزيد عن 3 ملايين أسرة.

ومن بين الإشكالات التي أبانت عنها الممارسة، حسب الدحماني، “محدودية نسبة المسجلين بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بمعدل يناهز 56% من المستهدفين إلى غاية شتنبر 2024؛ ومحدودية نسبة استخلاص الاشتراكات لتبقى في حدود 37% إلى غاية شتنبر 2024؛ وإشكالية الاستهداف الذي يعتمد على مؤشر بعتبة تؤدي في بعض الأحيان، بسبب إجراءات تقنية حسابية، إلى حرمان بعض الأسر المعوزة مما يشعرها بالحيف، وهي ترى أسرًا أخرى في مستوى معيشي أفضل تستفيد من الدعم”.

ومن المحاذير التي يجب على الحكومة أن تعكف على إيجاد حل لها، يؤكد الدحماني، “ما يعمد إليه العديد من الأشخاص بحثًا عن سبل لخفض المؤشر إلى ما دون العتبة المعتمدة للاستفادة، مثل التحلل من الانخراط في أنشطة للتعاونيات أو الانسحاب من لوائح الغرف المهنية أو من ممارسة بعض المهن، مما قد يؤثر على العديد من البرامج الرامية إلى تعزيز الاقتصاد التضامني والاجتماعي والتحفيز على التشغيل الذاتي”، وفق تعبيره.

من جهة أخرى، اعترف فريق التجمع الوطني للأحرار بأوجه القصور التي لازالت تعتري أداء الغرف المهنية في مواكبة العديد من الإصلاحات التي همت القطاع الاقتصادي المغربي سواء على مستوى النشاط الاقتصادي أو الشق القانوني الذي يؤطره.

ويعزى ذلك بالأساس، حسب الدحماني، إلى “مجموعة من الاختلالات المتراكمة على مدى سنوات، وهو ما يقتضي تضافر الجهود بين الحكومة والغرف والفاعلين في القطاع الخاص من أجل تطوير أدوارها وجعلها أكثر قدرة على الإسهام الفعال في تنشيط وتطوير النسيج الاقتصادي الوطني في ظل المتغيرات الاقتصادية الداخلية والدولية”.

وشدد المتحدث ذاته على ضرورة “تعزيز تموقعها في دينامية التنمية التي تشهدها بلادنا، مما يقتضي إطلاق إصلاح جوهري للإطار القانوني الذي ينظمها وتخويلها اختصاصات تقريرية في مجالات رئيسية، بالإضافة إلى تعزيز مواردها المالية”.

قصور ورش الحماية الاجتماعية

بخصوص ورش تعميم الحماية الاجتماعية، دعا الفريق الحركي الحكومة إلى تقييم مقاربتها ومراجعة مقاربة تنزيلها لهذا الورش الملكي الاستراتيجي من خلال مراجعة أسس ومعايير تحديد المؤشر الاقتصادي والاجتماعي غير المنصف، وفق تعبيره، مجالياً واجتماعياً، سواء بالنسبة للاشتراك المجاني في “أمو تضامن” أو الاستفادة من الدعم الاجتماعي المباشر.

كما سجل الفريق الحركي “ضعف ومحدودية الانخراط في أنظمة التأمين”، حيث لم تتجاوز نسبة استخلاص اشتراكات المهنيين والعمال المستقلين، وفق تعبيره، 37% حسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات، مؤكدًا أن هذا الأمر “يكرس العجز المسجل في العديد من أنظمة التأمين”، ومعتبراً أن ورش الحماية الاجتماعية يواجه تحديات كبيرة تهم التعميم والتمويل والاستدامة، ما يستلزم من الحكومة، وفق تعبيره، تنويع مصادر التمويل المستدامة لكل مكونات الحماية الاجتماعية، خصوصًا في ظل عجز ميزانية الدولة وتحمل تكاليف باهظة لهذا الورش ومحدودية اللجوء لاستعمال الهوامش المالية في تمويل الحماية الاجتماعية.

من جهة ثانية، أكد الفريق الحركي ضرورة التعجيل برفع القطاعات الحكومية المعنية يدها على الاختصاصات الذاتية السبعة للجهات والجماعات الترابية والمبادرة إلى تفعيل اختصاصات الجهات المنقولة والمشتركة، مع التأكيد على راهنية وإلحاحية تعزيز آليات التمويل الذاتي للجهات كمدخل أساسي لتحقيق التنمية الجهوية، مستحضراً في هذا الصدد أهمية الميثاق الوطني للاتمركز الإداري في تنزيل هذا الورش، مسجلاً بطء وتيرة تنفيذ هذا الميثاق حيث لم يتجاوز معدل تنفيذه، وفق تعبيره، 36% إلى غاية نهاية سنة 2024.

وبخصوص الغرف المهنية، دعا المستشار يحفظه بنمبارك إلى إشراك الغرف في بلورة البرامج التنموية الوطنية والاستراتيجيات القطاعية، والرفع من ميزانياتها وتمكينها من الموارد البشرية المؤهلة، معتبراً أن مدخل ذلك هو المبادرة إلى تشريع قانون إطار ينظم عمل هذه الغرف المهنية ويجعلها في مستوى الجماعات الترابية بدل مواصلة تأطيرها بأنظمة أساسية متجاوزة ومتقادمة.

ضعف التشغيل والاستثمار

أكد فريق الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين أنه “على الرغم من التحسن النسبي المسجل في مناخ الأعمال، إلا أننا لا زلنا بعيدين عن تحقيق أهداف إصلاح منظومة الاستثمار المسطرة للفترة 20222026، المتمثلة في تعبئة 550 مليار درهم من الاستثمارات، وإحداث نصف مليون منصب شغل”.

وأردف الاتحاد المغربي للشغل أن “بلادنا لا زالت تسجل هشاشة أوضاع الأجيرات والأجراء بالقطاع الخاص بالقطاع المهيكل، فما بالك بأوضاعهم في القطاع غير المهيكل، في ظل حرمان جزء كبير منهم من أدنى حماية اجتماعية، حيث لا زال 6 ملايين أجير، بحسب تصريحات رسمية، لا يصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مما يضيع على نظام الحماية الاجتماعية أكثر من 60 مليار درهم سنوياً إذا ما احتسبنا أجورهم في الحد الأدنى”، وفق تعبيره.

كما سجلت النقابة ذاتها أن “التشغيل الناقص والتصريح بعدد أيام أقل من 26 يومًا في الشهر، يحرم أعدادًا متزايدة من الأجراء من أبسط حقوقهم الاجتماعية وأساسًا حقهم في التغطية الصحية، مع ضعف آليات مراقبة احترام قوانين الشغل، وغيرها من الحقوق الشغلية والنقابية الأخرى”.

ودعا فريق الاتحاد المغربي للشغل إلى تفعيل آليات المراقبة الصارمة لاحترام التشريعات الشغلية وتسريع إدماج القطاع غير المهيكل في المنظومة الاقتصادية، ووضع حد للتشغيل الناقص للعمال خارج نطاق الاستثناءات المحددة قانونًا مع الرفع من قيمة التعويضات العائلية وتوحيدها لجميع أطفال العائلة مع تعميم التعويض عن فقدان الشغل، وتبسيط شروط الاستفادة منه وضمان استدامته حتى حصول الأجير على عمل بديل وتنفيذ الالتزام الحكومي القاضي بخفض شرط استحقاق معاش التقاعد في القطاع الخاص إلى 1320 يومًا بدل 3240، دون المساس بالحد الأدنى للمعاش.

وبخصوص إصلاح الإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية والجماعات الترابية، أكد الاتحاد المغربي للشغل ضرورة مراجعة منظومة الأجور بهذه المؤسسات لجعلها أكثر إنصافًا وضمانًا للعدالة الأجرية ووضع استراتيجية واضحة لترقية وتحفيز الموظفين مع تعزيز الاستقرار الوظيفي عبر القطع مع نظام التوظيف بالتعاقد وفتح حوارات اجتماعية جادة في مختلف القطاعات.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *