مركزيات نقابية تنفي “المقايضة” .. وترفض “التشويش على معركة الإضراب”
نفت المركزيتان النقابيتان الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، لجريدة هسبريس الإلكترونية، صحّة الأنباء الرائجة على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن “تلقي المركزيات عرضا حكوميا في الحوار الاجتماعي يقضي بإقرار الحكومة زيادة عامة في الأجور، ورفعها قيمة التعويضات العائلية، مع سنّ تخفيضات ضريبية، مُقابلَ مُوافقة النقابات الأكثر تمثيلية، المُمثلة في هذا الحوار، على رفع سن التقاعد إلى 65 سنة، وإقرار اقتطاع يصل إلى 2000 درهم، وتمرير قانون الإضراب”.
وتزامناً مع ترقب تقديم الحكومة “عرضا أولياً” حول إصلاح أنظمة التقاعد هذا الشهر يجري حالياً بمواقع التواصل الاجتماعي تداول صورة موحدة، تفيد بكون العرض الحكومي الذي توصلت به النقابات الثلاث الأكثر تمثيلية، الممثلة داخل الحوار الاجتماعي، يقضي بـ”زيادة عامة في الأجور بين 400 و1300 درهم حسب السلالم، وتخفيضٍ ضريبي بين 200 درهم و800 درهم، وزيادة 100 درهم في التعويضات العائلية للأبناء الثلاثة الأوائل و50 درهما للمتبقين”.
وبموجب “العرض ذاته”، وفق الصورة التي يتم تداولها، مع مناشير تنتقد “هذه الكارثة”، و”منطق المقايضة في الحوار الاجتماعي”، فإن إقرار هذه المكتسبات “مشروط بالرفع من سن التقاعد إلى 65 سنة، وتسقيف مبلغ التقاعد بحيث لا يتجاوز 80% من الأجرة، مع احتساب معدل الأجرة منذ تاريخ التوظيف، ثم اقتطاع ما بين 600 و2000 درهم لصالح صندوق التقاعد، وتمرير قانون الإضراب”.
ومع التذكير بأن جولة شُتنبر للحوار الاجتماعي لم تنعقد أساسا، شددّ قياديون في المركزيتين النقابيتين سالفتي الذكر على أن “هذه العرض غير صحيح، وكذب وبهتان”، معتبرين أن “ترويجه في الوقت الحالي، حيث الاستعداد لتنظيم مسيرات جهوية رافضة لتمرير مشروع القانون رقم 97.15، بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، يأتي بغرض تكسير حملة التعبئة والحشد هذه”، و”خِدمة لأجندات معلومة”، بتعبيرهم.
وقال الميلودي موخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، إن “كُل ما يروج عن مقايضة النقابات زيادات في الأجور والتعويضات العائلية وتخفيضات ضريبية برفع سن التقاعد وتسقيف مبلغه، وتمرير قانون الإضراب، مغالطات وكذب وبهتان، وليس له أي أساس من الصحة”.
وأوضح موخاريق، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “لم يسبق إطلاقاً للاتحاد المغربي للشغل أن قبل الحوار الاجتماعي القائم على المقايضة، وأساساً مقايضة ملف مجتمعي ضخم (إصلاح أنظمة التقاعد)، يهم الأجيال الحالية والمستقبلية، بزيادة بضع دريهمات للأجراء النشيطين”، مُشيراً إلى أنه “حينما صدرت عن جهة معينة (لم يسمها) مثل هذه الأنباء سابقاً في ندوة صحافية أصدر الاتحاد بياناً شديد اللهجة يندد فيه بهذا السلوك؛ فتمّ الاعتذار للنقابة بشأنه”.
وشددّ الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل على “استحالة لجوء الاتحاد إلى مقايضة هذا الملف المجتمعي الحاسم ببضع دريهمات،”، مفيداً بأنه “لم يسبق لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش، سواء خلال اجتماعاته بالنقابات في إطار الحوار الاجتماعي أو أثناء توقيع اتفاق أبريل أن عرض عليها هذه المقايضة أو اقترحها عليها”.
وأكدّ الفاعل النقابي عينه أن موقف نقابته من “إصلاح أنظمة التقاعد سوف يتم التعبير عنه خلال النقاش بشأن هذا الإصلاح داخل جلسات الحوار الاجتماعي”، مُتهمّا “رواد الديماغوجي وأعداء الطبقة العاملة وخصومها بالترويج للمغالطات سالفة الذكر، خدمة لأجندات معلومة معادية للشغيلة المغربية في نهاية المطاف”.
بدوره نفى عبد القادر العامري، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، “مقايضة المركزيات النقابية أي زيادات في الأجور والتعويضات العائلية بالسماح برفع سن التقاعد وتمرير قانون الإضراب”، قائلاً إن “كل ما يروج بهذا الشأن غير صحيح”، ومؤكدا أنه “لم يكن مطروحا بالنسبة للكونفدرالية، التي رفضت منذ البداية منطق المقايضة في الحوار الاجتماعي، وأصرّت على اعتماد منطق التفاوض”.
وألحّ العامري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، على أن “أحد الشروط الأساسية التي وضعتها الكونفدرالية على طاولة الحوار الاجتماعي مع الحكومة هو عدم اعتماد منطق المقايضة؛ أي تحقيق مكاسب مقابل التنازل عن أخرى أو التغاضي عن تراجعات”، مؤكداً أنه “لم يسبق أساسا أن كان هناك حديث عن المقايضة بين الحكومة والنقابات”.
وشددّ عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل على أن “ما جرى الاتفاق عليه بين الطرفين (الحكومة والنقابات) هو وجوب إحالة جميع القوانين ذات البعد الاجتماعي، وعلى رأسها المرتبط بإصلاح أنظمة التقاعد، على طاولة الحوار الاجتماعي من أجل مناقشتها والتوافق بشأنها، قبل ولوجها مسطرة المصادقة”.
وأفاد الفاعل النقابي عينه بأن “موضوع التقاعد سبق أن طرح فقط داخل اللجان، حيث طرحت عليها ما تقول الحكومة إنها دراسة أصدرها مكتب دراسات وليست هي نفسها”، وزاد: “لم يسبق أن ناقشنا معها هذا الموضوع نهائياً”، مؤكدا أن “التفاوض بشأن إصلاح أنظمة التقاعد سيكون مستقبلاً عند عرض القانون على طاولة الحوار الاجتماعي”.
وحسم المتحدث عينه بأن “نشر مثل هذه المغالطات في هذا السياق بالذات غايته هي تكسير حملة التعبئة التي تقودها الكونفدرالية للمسيرات الجهوية الرافضة للقانون التكبيلي التعجيزي للإضراب”، مضيفا أن “هذا الأسلوب لا يُعمل به لأول مرة، إذ يجري استخدامه دائماً حين وجود استعداد وتعبئة جيدين لمعركة نضاليةً ما”، وخالصاَ إلى أن “النقابة سوف تستمر في تسطير البرامج النضالية إلى أن تتراجع الحكومة عمّا هي ماضية فيه”.
المصدر: هسبريس