مع اقتراب عيد الأضحى تشهد بيوت الأسر المغربية حركية جلية. ومن بين التقاليد العديدة التي تميز هذه المناسبة الدينية، اختيار الأضحية، التي يوليها البعض أهمية خاصة بالنظر إلى دلالاتها الدينية.
وإذا كان عرض الأضاحي على مستوى جهة فاسمكناس يشمل مختلف سلالات الأغنام، من قبيل الصردي وبني كيل والدمان أو بوجعد، فإن سلالة “تمحضيت” تبقى بلا شك الأكثر شعبية وإثارة للرغبة في الحصول عليها.
ويقع مهد هذه السلالة من الأغنام في قلب سلسلة جبال الأطلس المتوسط والمناطق المحيطة بها، حيث يسهل التعرف عليها من خلال رأسها بني اللون وأرجلها البيضاء، كما تتميز أيضا بصوفها الأبيض النقي وذكورها ذات القرون.
ويبلغ متوسط وزن النعاج البالغة حوالي 45 كيلوغراما، بينما يتراوح وزن الأكباش عموما بين 70 و90 كيلوغراما. وبفضل تعدادها الكبير، يحتل قطيع سلالة “تمحضيت” المركز الثاني من حيث الثروة الحيوانية في المغرب.
ظاهريا، تتميز هذه السلالة بذيل رفيع جدا، ورأس متوسط الحجم، ذي لون بني موحد ومتناغم. ومع ذلك، فإن ما يجعل سلالة “تمحضيت” مشهورة حقا هو تكيفها الرائع مع الظروف القاسية للسهوب المغربية، فضلا عن مذاقها الاستثنائي وجودتها الغذائية الرفيعة.
وأكد محمد عمراوي، “كساب” من جماعة آيت علي بإقليم إفران، في تصريح صحافي، أن لانتشار سلالة أغنام “تمحضيت” جذور عميقة على مستوى منطقة الأطلس المتوسط، وأوضح أن “هذه السلالة تنحدر من منطقتي الأطلس المتوسط وإفران، كما ينتشر وجودها من منطقة بولمان وصولا إلى خنيفرة وضواحيها”.
وفضلا عن تأقلمها الملحوظ مع البيئة المحلية فإن سلالة تمحضيت تتمتع بعدة صفات مرغوبة، بما في ذلك مقاومتها الجفاف ومردوديتها، سواء بالنسبة للمربين أو المستهلكين، وفق المتحدث ذاته، مضيفا أن هذه السلالة من الأغنام لا تعتبر السلالة المفضلة لسكان المنطقة فقط، بل هي أيضا مطلوبة في جهات أخرى من المملكة، ما يدل على شهرتها التي تتجاوز حدود موطنها الأصلي.
أما بالنسبة لزهير بوتزرا، مرب متخصص في هذه السلالة من الأغنام بمنطقة أزرو، فشدد على أن “شعبية سلالة تمحضيت ليست ظاهرة محلية فقط”، وزاد موضحا: “لقد اعتمدنا على هذه السلالة لأنها الأكثر وفرة في المنطقة، ولأن عليها طلب كبير من الناس على الصعيد الوطني”.
وسجل هذا “الكساب” أن معظم زبائنه يعودون كل سنة إليه لاقتناء أكباش أضحية العيد، وفاء منهم لجودة وسمعة سلالة تمحضيت.
هذا الوفاء لسلالة تمحضيت يتقاسمه أيضا بن عمر الحسين، وهو زبون منتظم لمزرعة بوتزرا، إذ يؤكد أنه مثل كل عام يأتي إلى هذه المزرعة لشراء الأغنام لعائلته الصغيرة والكبيرة التي تعيش في منطقة الدار البيضاء.
ورغم المسافة التي تفصل الدار البيضاء عن موطن سلالة تمحضيت فإن الحسين لا يتردد في القيام بهذه الرحلة كل سنة، دافعه في ذلك إعجابه بالنكهة التي لا تضاهى للحم غنم تمحضيت، حتى صارت جزءا من التقاليد.
تجدر الإشارة إلى أن قسما كبيرا من المواطنين المغاربة يقتنون كل سنة هذه السلالة من الأغنام، ليس فقط وفاء للعادات والتقاليد، ولكن أيضا رغبة في تذوق اللحم الفتي واللذيذ لهذه الأغنام المعروفة باستهلاكها للكلأ التقليدي.
المصدر: هسبريس
