اخبار المغرب

مراسلون بلا حدود: وضع حرية الصحافة “خطير للغاية” وخريطة العالم تزداد احمرارا

أظهر أحدث تصنيف عالمي أصدرته منظمة “مراسلون بلا حدود”، اليوم الجمعة، أن حرية الصحافة في العالم “في أسوأ حالاتها على الإطلاق”، مشيرة إلى أن أوروبا هي الأكثر حرية في مجال الصحافة.

وأوضح تقرير المنظمة حول “وضع حرية الصحافة العالمي في عام 2025″،  أنه على مدى أكثر من عشر سنوات، دقت مختلف نسخ التصنيف ناقوس الخطر إنذاراً بتدهور حرية الصحافة على الصعيد العالمي، ليشهد عام 2025 تجاوز خط أحمر جديد، حيث انخفض متوسط سجل جميع البلدان التي تم تقييمها إلى أقل من 55 نقطة “وضع صعب”.

ونبهت المنظمة ضمن تقريرها الذي اطلعت عليه “العمق” أن أكثر من ستة بلدان من أصل عشرة (112 في المجموع) شهدت تراجعاً في الترتيب. وللمرة الأولى في تاريخ التصنيف، “تُعتبر ظروف ممارسة الصحافة صعبة أو بالأحرى خطيرة للغاية في نصف دول العالم، ومُرضية في أقل من رُبع البلدان”.

في 42 بلداً، حيث يعيش أكثر من نصف سكان العالم ، يُعتبر الوضع “خطيراً للغاية”، وهو ما يعني أن حرية الصحافة غائبة تماماً وأن ممارسة العمل الصحفي نشاط محفوف بالمخاطر، كما هو الحال في فلسطين (163)، حيث يتمادى الجيش الإسرائيلي في ارتكاب المجازر بحق الصحافة منذ أكثر من 18 شهراً، وهو الذي قَتل قرابة 200 من الفاعلين الإعلاميين، من بينهم 43 على الأقل لقوا حتفهم أثناء قيامهم بعملهم، بينما يفرض تعتيماً إعلامياً مُطْبقاً على القطاع المحاصر، وهو ما يفسر تراجع إسرائيل(112) بما لا يقل عن 11 مرتبة في التصنيف.

وحسب تحليل مراسلون بلاحدود، فقد شهد هذا العام انضمام ثلاث دول من شرق أفريقيا إلى قائمة البلدان حيث يُعتبر الوضع “خطيراً للغاية”، ويتعلق الأمر بكل من أوغندا (143) وأثيوبيا (145) ورواندا (146)، شأنها في ذلك شأن هونغ كونغ (140)، التي تَغيَّر لونها إلى الأحمر كذلك، حيث أصبحت تكتسي نفس لون الصين (178 6)، التي انضمت لثلاثي مؤخرة الترتيب، إلى جانب كل من كوريا الشمالية (179) وإريتريا (180).

من جهتها، تزداد منطقة آسيا الوسطى قتامة بسبب وضع كل من قرغيزستان (144) وكازاخستان (141)، بينما يكسو اللون الأحمر منطقة الشرق الأوسط بالكامل، علماً أن الأردن (147) خسر ما لا يقل عن 15 مرتبة بسبب القوانين القمعية التي تثقل كاهل الصحافة.

 اتساع الفجوة

ولا تزال منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حسب منظمة مراسلون بلا حدود، “هي الأخطر على سلامة الصحفيين من بين جميع مناطق العالم، وهي التي تعيش على وقع مذابح الجيش الإسرائيلي بحق الصحافة في قطاع غزة”. فباستثناء قطر (79)، يتراوح الوضع في جميع دول المنطقة بين “الصعب” و”الخطير للغاية”، علماً أن مهنة الصحافة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عالقة بين مطرقة قمع الأنظمة الاستبدادية وسندان عدم الاستقرار الاقتصادي المستمر.

وسجلت تونس (129 11) أكبر تراجع على مستوى المؤشر الاقتصادي في المنطقة (30)، وذلك في سياق أزمة سياسية خانقة انعكست سلباً على الصحافة المستقلة بالدولة الوحيدة التي تقهقرت في الترتيب الاقتصادي من بين دول شمال أفريقيا. وفي المقابل، تُراوح إيران (176) مكانها في أسفل التصنيف، حيث لا يزال تكميم أفواه الصحفيين وقمع الأصوات الناقدة مشهداً مألوفاً في هذا البلد، الذي تليه سوريا (177) على جدول الترتيب، في انتظار إجراء إصلاحات عميقة على المشهد الإعلامي في مرحلة ما بعد بشار الأسد.

ومن بين بلدان منطقة آسيا والمحيط الهادئ الـ 32، شهدت 20 دولة تراجعاً على مستوى المؤشر الاقتصادي في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام 2025، وسجل التقرير أن  “السيطرة الممنهجة على وسائل الإعلام في الدول الواقعة تحت حُكم الأنظمة الاستبدادية غالباً ما تكون مستوحاة من نموذج الدعاية المعتمَد في الصين (178)، التي لا تزال تُعتبر أكبر سجن للصحفيين في العالم، وهو ما يفسر احتلالها المرتبة الثالثة قبل الأخيرة، وتليها جارتها كوريا الشمالية (179)”.

القمع المطَّرد

ونبهت مراسلون بلا حدود، إلى أن  حرية الصحافة، ترزح تحت وطأة تمركز وسائل الإعلام في أيدي مجموعات ذات نفوذ ومقربة من السلطة، كما هو الحال في الهند (151)، ناهيك عن الضغوط الاقتصادية المتزايدة والقمع المطَّرد، وما يصاحب ذلك من شكوك وغموض وعدم يقين.

كما تشهد حرية الصحافة تراجعاً مقلقاً في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث لا تزال إريتريا (180) تتذيل الترتيب، علماً أن 80% من بلدان المنطقة سجلت تراجعاً على مستوى المؤشر الاقتصادي، ومن أبرزها جمهورية الكونغو الديمقراطية (133 10)، حيث لا يزال الاستقطاب “جاثماً على المشهد الإعلامي الذي يئن تحت وطأة القمع في شرق البلاد”، وفق معطيات تقرير مراسلون بلاحدود.

وسجل المصدر نفسه، أن هذا الوضع يتكرر أيضاً في سياقات أخرى تتسم إما بالحرب أو عدم الاستقرار الأمني، كما هو الحال في بوركينا فاسو (105، 19 ) والسودان (156، 7) ومالي (119، 5)، حيث تجبر وسائل الإعلام على الاستكان للرقابة الذاتية أو الإغلاق أو العمل من المنفى.

وبدورها تعيش كل من الكاميرون(131) ونيجيريا (122 10)  ورواندا (146) على وقع التمركز المفرط لملكية وسائل الإعلام في أيدي السياسيين أو دوائر المال والأعمال، دون ضمان استقلاليتها التحريرية. من جهتها، ارتقت السنغال (74) بما لا يقل عن 20 مرتبة، حيث أطلقت السلطات مشاريع إصلاح اقتصادي لتنفيذها بالتشاور مع مختلف الجهات الفاعلة.

هذا وقد سُجل تراجع في المؤشر الاقتصادي بالغالبية العظمى من بلدان منطقة الأمريكتين (22 من أصل 28 بلداً). ففي الولايات المتحدة (57)، تسببت عودة دونالد ترامب لولاية رئاسية ثانية في تدهور حرية الصحافة بشكل مقلق. أما الأرجنتين (87)، فقد شهدت تمادي الرئيس خافيير ميلي في تشويه سمعة الصحفيين والتشكيك في مصداقيتهم من جهة، بينما أقدم على حل وسائل الإعلام العامة من جهة ثانية.

استفحال الدعاية

وفي بيرو (130) والسلفادور (135)، تم تقويض حرية الصحافة بسبب استفحال الدعاية وتفاقم الهجمات ضد وسائل الإعلام الناقدة، بينما سُجل تقهقر مهول على مستوى المؤشر الاقتصادي في المكسيك (124)، البلد الأكثر خطورة على سلامة الصحفيين في المنطقة.

من جهتها،  أصبحت نيكاراغوا (172) الدولة الأسوأ تصنيفاً في أمريكا اللاتينية، حيث يُفسر تخبطها في أسفل الترتيب بإجهاز حكومة أورتيغاموريلو على وسائل الإعلام المستقلة في البلاد. وفي المقابل، تواصل البرازيل (63) صحوتها بعد حقبة بولسونارو، حيث أصبحت واحدة من الدول القليلة التي سجلت تحسناً في مؤشرها الاقتصادي.

وإذا كانت منطقة أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى قد شهدت أكبر تراجع في السجل العام، فإن منطقة الاتحاد الأوروبيالبلقان تزخر بأعلى سجل إجمالي في العالم، حيث وسعت الفجوة التي تفصلها عن بقية المناطق. ومع ذلك، سجل التقرير أن “آثار الأزمة الاقتصادية واضحة بشكل لا غبار عليه” في دول الاتحاد الأوروبي ومنطقة البلقان، حيث سُجل تراجع على مستوى السجل الاقتصادي في 28 من أصل 40 بلداً في الاتحاد الأوروبي، الذي لم يعتمد بعد اللائحة الأوروبية لحرية الصحافة التي طال انتظارها.

ونبهت مراسلون بلا حدود، إلى أن الوضع ازداد سوءاً في كل من البرتغال (8) وكرواتيا (60) وكوسوفو (99) على وجه الخصوص. أما النرويج، فإنها الدولة الوحيدة في العالم التي تزخر “بوضع جيد” في المؤشرات الخمسة التي ينطوي عليها التصنيف، مما يفسر احتفاظها بالمرتبة الأولى للعام التاسع على التوالي، موسعة الفارق عن بقية البلدان، إذ تحتل إستونيا المركز الثاني، ثم تليها هولندا، التي خطفت المرتبة الثالثة من السويد (4).

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *