اخبار المغرب

مدونة الأسرة والعزوف عن الزواج.. هل تهدد التحولات الديمغرافية مستقبل الاقتصاد الوطني؟

أثار مشروع مدونة الأسرة نقاشا واسعا خاصة على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي، وما قد تتركه من تغييرات جوهرية في المجتمع المغربي، خصوصا في ظل انتشار ظاهرة العزوف عن الزواج التي بدأت تطفو على السطح حتى قبل تطبيق المدونة.

هذه الظاهرة، التي تعكس تغييرات اجتماعية عميقة، تثير تساؤلات حول تأثيرها على الاقتصاد الوطني، خاصة في ظل نتائج الإحصاء الأخير الذي أظهر تحولا في البنية الديمغرافية للمغرب.

ويتوقع أن يشهد البلد انخفاضا في أعداد اليد العاملة وارتفاعا في نسبة الشيخوخة، مما يضع مزيدًا من الضغوط على الأنظمة الاجتماعية والحماية الاجتماعية.

وفي ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المغرب، يطرح الخبير الاقتصادي محمد جدري في حديثه لجريدة “العمق” رؤية شاملة حول تأثير التعديلات الجديدة على مدونة الأسرة التي تهدف إلى تعزيز حقوق المرأة وتوفير المزيد من الاستقلالية القانونية لها، والتي تأتي في وقت حساس حيث يواجه المجتمع المغربي العديد من الضغوط الاقتصادية التي تؤثر على قرارات الشباب فيما يتعلق بالزواج وإنجاب الأطفال.

وبينما تؤكد هذه التعديلات على تمكين المرأة وحمايتها من العنف، فإنها تثير أيضا تساؤلات حول كيفية معالجة قضايا غلاء المعيشة وارتفاع تكاليف تربية الأبناء، التي تعتبر من العوامل الرئيسية التي تحد من الإقبال على الزواج والإنجاب.

وفي حديثه لجريدة “العمق”، أشار جدري إلى أن مشروع المدونة يحتوي على العديد من النقاط الإيجابية التي ستساهم في تحسين وضع المرأة المغربية. وأكد أن المدونة لن تؤدي إلى عزوف الشباب عن الزواج

واعتبر أن الزواج يبقى مؤسسة مقدسة وسنة الحياة، وبالتالي من المتوقع أن يواصل 8 إلى 9 من أصل 10 شباب مغاربة الإقبال على هذه المؤسسة في السنوات القادمة.

وفيما يخص الحقوق القانونية للنساء، أشار جدري إلى أن المدونة ستساهم في منح النساء استقلالية قانونية وتمكينهن من الحفاظ على كرامتهن وحماية حقوقهن وحقوق أبنائهن بعد الطلاق.

وأضاف أن النساء في ظل هذه التعديلات سيشعرن بالأمان والاطمئنان لأنهن لن يكن مضطهدات بعد الطلاق ولن يتعرضن للعنف داخل مؤسسة الزواج، وهو ما لم يكن متاحًا في الماضي. وأضاف أن المدونة ستمكن النساء من طلب الطلاق إذا لزم الأمر، دون الخوف من العواقب أو الحاجة للبقاء في علاقة تعسفية.

من جهة أخرى، تحدث جدري عن مشكلة غلاء المعيشة التي أثرت بشكل كبير على الأسر المغربية والتي يمكن ان تساهم في الرفع من نسبة العزوف عن الزواج، وأشار إلى أن تكاليف الحياة المرتفعة تسببت في تقليص الزواج وبالتالي عدد الولادات.

وأوضح أن الأسر، خصوصا في المدن الكبرى، تفضل إنجاب عدد أقل من الأطفال، في حين لا تتجاوز الأسر في القرى ثلاثة أطفال. وأكد أن الحكومة مدعوة إلى معالجة هذه الأزمة من خلال توفير الدعم الكافي في مجالات السكن والتعليم والصحة، إضافة إلى دعم فرص العمل.

وشدد جدري على ضرورة العمل على توفير سكن مناسب للأسرة، مع تحسين جودة التعليم العمومي وتسهيل الوصول إلى الخدمات الصحية. كما دعا إلى وضع سياسات تشجع على الإنجاب من خلال منح الزواج والدعم المالي للأسر التي ترغب في تكوين أسرة. وأكد أن هذه الإجراءات ستكون حلا رئيسيا لمواجهة الشيخوخة المبكرة التي ستشهدها البلاد بحلول سنة 2050.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أنه إذا تم تحسين الظروف المتعلقة بالتعليم والصحة والسكن وفرص العمل، فإن ذلك سيشجع الشباب على التفكير في الزواج وإنجاب الأطفال.

وأكد أن غياب هذه الإجراءات قد يفرض على الدولة مواجهة مشكلات تتعلق بالشيخوخة السكانية وأزمة صناديق التقاعد، بالإضافة إلى اضطرار المغرب لاستيراد اليد العاملة لسد العجز الناتج عن قلة الولادات.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *