اخبار المغرب

محمد الشوبي

هو فنان مغربيٌ بارز نهَض من “كبوة المرض” أكثرَ قوة وعزيمة وإصراراً، غيْرَ أن آفة “التشفّي” و”مُحترفي” الخوض في أعراض الناس لم تُخطئه، رغم اشتعال رأسه شيباً، لتُلاحق حالته الصحية بعد وعكة ألمّت به، مثيرة معها موجة تعاطف شعبي واسع من المغاربة مقابل رفض أخلاقي عبّرت عنه فعاليات مجتمعية كثيرة.

الفنان البارز محمد الشوبي كان قد كتب في تدوينة على “فيسبوك”: “الحمد لله على نعمة الموت بعد تشفّي المسلمين الصالحين الورعين أصحاب أبواب الجنة والنار. انتقلتُ عبر تعليقاتهم وتشفيهم إلى جوار ربي وهم الآن ينتظرون أي درك من النار سيصْلاني رب منتقم”.

بعدما راكم الممثل المعروف بمُحيَّاه “البشوش” تجربة فنية حافلة بالمشاركة في أفلام ومسلسلات أطلّ منها على المغاربة عبر “الشاشة الصغيرة” وقاعات الفن السابع، اختار هذه المرة الإطلالة، في بث مباشر عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، على محبّيه ليُطمئنهم على حالته الصحية بعد انتشار صوره وهو مريض وإثارتها جدلا واسعا.

وقال الشوبي، الذي كان قد توارى لأشهر قبل أن تنتشر صورة له جابت المواقع شهر غشت 2024، إن وضعيته حاليا مستقرة وإنّه بخير، واستغل الفرصة ليعبر عن شكره البالغ لكل من سأل عنه وعن أحواله في محنته وتعاون معه، مضيفا “أعيش حاليا نوستالجيا من نوع خاص”، تتعلق بسينما “مبروكة”، التي كان يزورها كثيرا خلال مرحلة طفولته، وكان ينتظر دوره لاقتناء التذكرة للدخول إليها، وأصبحت اليوم تجاورها مقاه تعيد إليه ذكريات الماضي الجميل.

إطلالة الفنان المقتدر بقدر ما عززت مكانته في قلوب متابعيه، بقدر ما شكلت “درساً في الصبر ورباطة الجأش والقدرة على تجاوز المِحَن والتغلب على الصعاب”. وقد رد الشوبي، في مقطع الفيديو المباشر الذي تواصل من خلاله مع أصدقائه ومحبيه على الجدل الذي أعقب نشر صوره وهو مريض عبر المنصات، قائلا: “شكراً لكل محب الخير للناس، ولا عزاء لمنْ يحملون في دماغهم [مسمار القبر].. اللهم خذ بيدهم واهْدِهِم ووفقهم وأعطهم هم الجنة ونحن جهنم.. وهذه هي الحياة ولنا لقاء بعد ذلك”.

“محاولات التشفي” ارتدّتْ على أصحابها بعدما لاقت انتقادات كثيرة من فعاليات مختلفة تضامنت مع الفنان الشوبي، مبدية رفضها “الاستغلال غير الأخلاقي لوضع صحي متدهور بعد تدخلات جراحية خضع لها، قصد تصفية حسابات فكرية وإيديولوجية مع الرجل”، وهو سلوك لقيَ شجبا متواصلا في ردود كثيرة إما في تدوينات مستقلة أو في تعليقات غير مهادنة “تنزع صفة الإنسانية وتشدد على موت الضمير لدى كل من يفرح لمآسي هذا الفنان ومتاعبه الصحية”.

ابنُ مراكش الذي جاوزَ الستين عاماً بسنة ونيّف انطلق مساره الفني بتجارب في التشخيص المسرحي بالمدينة الحمراء أواخر سبعينيات القرن الماضي، قبل أن يحتكّ بمسرح الهواة ويصقُل لاحقاً مواهبه بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط.

وفي أواخر الثمانينيات انفتح الرجل على المسرح الاحترافي، تشخيصا وإخراجًا، بفضل تكوينه الأكاديمي النظري والعملي، فضلا عن إطلالات سينمائية وأعمال تلفزيونية متنوعة تخللت مساره، لكنها ستظل راسخة في أذهان المغاربة على مر الأجيال.

بعيداً عن “عزاء الحاقدين” و”تشفّي مُمتهِني التشهير”، يستحق الفنان “البهجاوي البشوش” أكثر من التفاتة ليس فقط حين تردّي وضعيته الصحية، وهو معطى رشّحه فوق العادة ليحل ضيفاً كريما على ركن “طالعون” بجريدة هسبريس.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *