محكمة بمراكش تلغي قرار هيئة المحامين بتقاسم ملفات نزع الملكية بين أعضائها اليوم 24
قررت غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف بمراكش، في قرار صدر في 27 مارس الجاري، بطلان قرار مجلس هيئة المحامين بمراكش المؤرخ في 30 يناير 2024 القاضي بتعميم وتوزيع قضايا نزع الملكية والاعتداء المادي على المحامين،
وكان الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش طعن في قرار مجلس الهيئة والقاضي بتعميم توزيع قضايا نزع الملكية والاعتداء المادي المسجلة الرائجة أمام المحكمة الإدارية بمراكش بعلة حماية الممارسة المهنية وما تقتضيه المصلحة العامة من تكافل وتضامن اجتماعي بين محاميات ومحاميي الهيئة.
واعتبر الوكيل العام أن القرار المذكور يخرق مجموعة من النصوص القانونية المنظمة لمهنة المحاماة، منها خرقه لمبدأ أساسي باعتبارها مهنة حرة مستقلة، تساعد القضاء وتساهم في تحقيق العدالة، وهو المبدأ المنصوص عليه في المادة الأولى من قانون المحاماة، ومن تم لا يمكن تقييد ممارسة مهنة المحاماة بالحد من نيابة المحامي في القضايا الذي كلف بها إلا بموجب القانون، وفي المقابل لا يمكن تقييد حرية الأفراد في اختيار المحامي الذي يرغبون في النيابة عنهم إلا بموجب القانون.
كما اعتبر أن قرار تعميم وتوزيع قضايا نزع الملكية و الإعتداء المادي، سيؤدي لا محالة إلى تقييد حرية الأفراد في اختيار المحامي الذي يرغبون في توكيله والنيابة عنهم أمام المحاكم.
كما أن قضايا نزع الملكية معفاة أصلا من الرسوم القضائية و من تنصيب محام وبالتالي فإن الأفراد في هذه القضايا غير ملزمين بتنصيب محام للنيابة عنهم، مما يكون معه القرار المطعون فيه و القاضي بتوزيع هذه القضايا بين محاميات ومحامي الهيئة ضدا عن إرادة المتقاضي، قد خرق هذا المبدأ ومس بالتالي بحقوق ومصالح المتقاضين.
وخلال دفاعه عن قرار مجلس الهيئة تدخل النقيب الممارس مولاي سليمان العمراني ليؤكد أن هذا القرار جاء بعد دراسة شاملة من طرف أعضاء مجلس الهيئة وأن الإحصائيات أثبتت أن محام واحد ينوب في 5000 قضية ومحام آخر ينوب في 3500 ملف وأن هناك 13 ألف قضية ستحال على المحكمة الإدارية ولا يجوز أن يحتكر محاميان كل هذه الملفات. كما اعتبر أن الهيئة مستقلة بذاتها ولا تخضع لأي وصاية من أي جهة مضيفا أن مجموعة من الهيئات اعتمدت مثل القرار المطعون فيه في ملفات حوادث السير.
كما اعتبر أن الوكيل العام لم يستحضر ما اعتمده مجلس الهيئة واكتفى بالجانب القانوني فقط مستحضرا المقاربة القانونية عكس ما اعتمده مجلس الهيئة معتمدا التفسير الضيق للقانون في حين أن مجلس الهيئة قارب الموضوع من زاوية قانونية واجتماعية ومهنية بغية تحقيق المساواة ومحاربة الفساد وأن السؤال المطروح هو ما هو الضرر الذي لحق الوكيل العام للملك من القرار المطعون فيه في حين أن القرار ينظم المهنة في إطار أخلاقي ولا يمس بحرية التعاقد وان لا احد من المحامين طعن فيه وان غياب المراقبة الأخلاقية هو محور هذا القرار.
واعتبرت المحكمة في تبريرها لإلغاء القرار بكون حرية التعاقد وحرية التنافس المؤسسين لعلاقة المحامي بزبونه تستوجب حرية المتقاضي والمحامي في اختيار بعضهما البعض اعتمادا على ما توافقت عليه إرادتيهما سواء من حيث طريقة الدفاع أو مقابل ذلك من أتعاب طالما أن موضوع الاتفاق لا يخرج عما رسمه القانون من تنافس شريف بين أعضاء المهنة.
ومما جاء في القرار أنه أيا كانت المقاربات التي استحضرت في القرار المطعون فيه أو التبريرات التي اتخذ على أساسها، يجب ألا تخرج عن الطبيعة الحرة المستقلة لمهنة المحاماة، خاصة وأن المشرع لم يغفل تمكين أجهزة المهنة خاصة مجلس الهيئة ومؤسسة النقيب من جميع الصلاحيات لممارسة جميع المساطر التأديبية لمحاربة كل ما من شأنه المساس بأخلاقيات المهنة وبحرية التنافس أو استمالة الزبناء الذي اعتبرته المادة 35 في فقرتها الأولى مخالفة مهنية، حين منعت على المحامي “أن يمارس أي عمل يستهدف جلب الأشخاص واستمالتهم ولا أن يقوم بأي إشهار كيفما كانت وسيلته”.
واعتبرت المحكمة أن مجلس الهيئة اتخذ قرارا يخرج عما رسمه المشرع لمهنة المحاماة من كونها مهنة حرة مستقلة وأنه استبدل العلاقة التعاقدية بين المحامي وموكله بعلاقة الالزام وفرض المحامي على المتقاضي، بعيدا عن الرضا وتوافق إرادتيهما، وبذلك يكون قد تجاوز اختصاصه الذي يجب ألا يخرج عن تنظيم المهنة في حدود ما رسمه القانون.
المصدر: اليوم 24