دعا مجلس المنافسة، في رأي له حول السير التنافسي لسوق المطاحن بالمغرب، إلى مراجعة الإطار القانوني الخاص بالدعم لأنه “يربك السير التنافسي” للسوق، وطالب بالرفع التدريجي للدعم المقدم للدقيق الوطني للقمح اللين والخبز، وتعويضه بإعانات مالية مباشرة توجه للأسر ذات الدخل المحدود.
دعم الأسر
وحث المجلس على ضرورة إلغاء الدعم الحالي الخاص بالخبز والدقيق الوطني اللين بشكل تدريجي، مشدداً على أن ذلك لا يعني “انسحاباً للدولة، بل رغبة في جعل عملها أكثر فعالية وتركيزاً وتماشياً مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي للبلاد”.
واعتبر المصدر ذاته أن إصلاحات الدعم الخاص بالخبز والدقيق الوطني للقمح اللين لا تزال متوافقة مع أهداف القانون رقم 2109 المتعلق بالحماية الاجتماعية، “مما يسهل الانتقال التدريجي نحو تقديم الدعم المباشر للأسر ذات الدخل المنخفض”.
واسترسل “لأنها تنطوي على تحويل تدريجي لآليات المساعدة من الدعم غير المباشر للمنتجات إلى آليات أخرى مباشرة وأكثر إنصافاً وأفضل تكييفاً مع خصائص الفئات السكانية الهشة، ويتمثل هذا النهج في استبدال الدعم غير المباشر الحالي بمساعدة مباشرة”.
هذا التوجه، يقول مجلس المنافسة، من شأنه أن يساهم في الحد من الهدر وضمان استفادة الأسر الهشة حصراً من المساعدات العمومية، معتبراً أن إدماج أدوات رقمية للمتابعة سيعزز شفافية وفعالية نظام الدعم، مما يسهل تدبير الموارد العمومية على نحو أكثر ترشيداً وكفاءة.
دعم المطاحن
واقترح المجلس إعادة صياغة الترسانة القانونية التي تنظم نظام الدعم في قطاع المطاحن من أجل تحقيق توازن أفضل بين الدعم العمومي وإنعاش السوق، و”ينبغي أن تندرج هذه الإصلاحات في إطار سياسة متكاملة للدعم تهدف إلى تعزيز القدرة التنافسية للقطاع مع الحد من اعتماده على الواردات”.
وأشار إلى أن الإطار القانوني الحالي يشهد “تشتت الدعم وغياب التناسق الشامل في توزيعه”، منبهاً إلى أن المساعدات العامة المختلفة تفتقر إلى التنسيق ولا تندرج في إطار رؤية استراتيجية موحدة، “مما يقلل من فعاليتها ويؤدي إلى عدم الكفاءة”.
ويحد هذا التشتت، بحسب التقرير ذاته، من تأثير الدعم على تنمية قطاع المطاحن ويزيد من الضغط على الميزانية. لذلك، “من الضروري اتباع نهج متكامل ومبسط لضمان التوزيع الأمثل للموارد وتعزيز مرونة السوق في مواجهة التقلبات الاقتصادية”.
ولهذا الغرض، يتعين توجيه الدعم إلى المطاحن لتشجيع اللجوء إلى الإنتاج المحلي، مما يتيح تحقيق توازن أفضل بين العرض الوطني والواردات، فضلاً عن دعم الفلاحين ومنتجي الحبوب. و”لضمان استقرار أكبر للسوق”، من الضروري إعادة النظر في آليات الحماية الجمركية وحصص الاستيراد لإيجاد توازن بين تنظيم التجارة الخارجية والحفاظ على بيئة تنافسية سليمة.
كما يجب إعطاء الأولوية، بحسب التقرير، لتبسيط إجراءات تحديد الأسعار وتوزيع الدعم، معتبراً أن من شأن اتباع نهج أكثر شفافية وسهولة الوصول إليه أن يعزز ثقة الفاعلين في القطاع من خلال جعل هذه العمليات أكثر قابلية للتنبؤ.
ولضمان وصول الدعم إلى الفئات المستهدفة وتجنب تحويله عن أهدافه، حث التقرير على وضع آليات رصد صارمة، مشدداً على أن يرافق هذا الانتقال إجراء دراسة تأثير لتقييم الآثار على القوة الشرائية للأسر والتوازن المالي للبلاد، و”من شأن هذه العملية أن تضمن ملاءمة الإصلاحات للواقع ولأهداف الاستدامة الاقتصادية”.
ربط الدعم بالإنتاجية
التقرير ذاته أوصى بربط تقديم الدعم بمعايير الأداء والإنتاجية، مقترحاً إنشاء نظام دعم متباين يكافئ الفلاحين وأصحاب المطاحن الذين يتبنون ممارسات فلاحية وصناعية فعالة ومستدامة، ويشمل ذلك حوافز لتناوب المحاصيل، وتحسين الري، وتنويع منتجات المطاحن، و”من شأن هذا النهج أن يضمن عدم دعم مساعدات الدولة للجهات الفاعلة غير التنافسية، وأن يشجعها على تحديث ممارساتها”.
ودعا التقرير أيضاً إلى تحسين الدعم المخصص للبنى التحتية الخاصة بالتخزين لتجنب عدم الكفاءة، موصياً بربط هذه المساعدات باعتماد حلول حديثة وفعالة، مثل الصوامع ذات التهوية المضبوطة التي تسمح بالحد من الخسائر بعد الحصاد، واقترح إنشاء نظام رقمي لتتبع المخزونات.
المصدر: العمق المغربي
