مجلس الحسابات يلاحظ أن تدبير وصون الأحياء والمدن العتيقة بالمغرب “لا يتم إلا عندما يتم تصنيفها تراثا عالميا”
قال المجلس الأعلى للحسابات، إن الوزارة المكلفة بالثقافة، لا تتوفر على برنامج عمل توقعي لتقييد وترتيب المواقع والمباني التاريخية، وفق أهداف ومواعيد محددة للإنجاز، وعلى أساس معايير تسمح بتحديد الأولويات.
وهو البرنامج التوقعي الذي سيسمح حسب تقرير لمجلس العدوي، بتحديد الشروط المطلوبة وتعبئة الوسائل والتدابير التواصلية التي ينبغي القيام بها لإجراء هذه العمليات.
وأوصى المجلس الأعلى في التقرير السنوي برسم سنة 2021، بالجرد العام والشامل للتراث الثقافي، والسهر على تحيينه سنويا، مع إدراج كل بيانات الخريطة الأثرية الوطنية المجمع ترميمها.
وكشف المجلس، أنه لا يتم تعميم مخطط تدبير وصون الأحياء والمدن العتيقة إلا عندما يتم تصنيف هذا التراث الثقافي على أنه تراث عالمي.
كما لا تتوفر الوزارة على مخططات لصون التراث الثقافي المادي، تشتمل على الوثائق القانونية والإدارية والمالية لهذه الممتلكات، وتحدد مناطق حمايتها ونظام تتبعها وتقييمها، وكذا سبل تعميمها على جميع المواقع والمعالم التاريخية.
وقال المجلس، إنه لا تتم المحافظة على الموروث الثقافي الصناعي بالطريقة المثلى، حيث أن هذا التراث يبقى غير محدد ولاتتم دراسته بشكل كاف، وهو ما قد يعرضه للضياع.
من جهة أخرى، يبقى تحديد أهلية وأولوية ترميم أو إعادة تأهيل المواقع والمعالم التراثية، رهينا بإنجاز خارطة المخاطر بناء على معايير محددة مسبقا، غير أنه لوحظ غياب ميثاق ومخطط وطني استعجالي لترميم وإعادة تأهيل المباني والمواقع التاريخية المعرضة للخطر.
وبالرغم من أن بعض المنشآت والمباني التاريخية، تواجه مشاكل تقنية أثناء تنفيذ أعمال ترميمها أو إعادة تأهيلها، إلا أن الوزارة لا تتوفر على إطار وطني مرجعي في المجال المعماري يضيف المجلس، يعرف ويميز بين أشغال الترميم وأشغال إعادة التأهيل، لتوجيه المقاولات المعنية لتبني المقاربات الملائمة في إنجاز الأشغال وتقليص هوامش التأويل لديها.
كما تفتقر هاته المقاولات المسؤولة عن أعمال الترميم أو إعادة التأهيل، في كثير من الأحيان، إلى مستخدمين مؤهلين ومتخصصين في هذه الأشغال، وذلك في ظل غياب دليل مرجعي لتصنيف الشركات المتخصصة في أشغال الترميم وإعادة تأهيل الموروث الثقافي.
على صعيد آخر، لوحظ قصور في تعميم دراسات تأثير المشاريع الاستثمارية المزمع إنجازها في محيط المواقع والمباني التاريخية، حيث اقتصر إنجاز هاته الدراسات على أربعة مشاريع فقط (باحة بيع السمك بميناء مدينة الصويرة، وموقف السيارات في محيط المدينة العتيقة بمراكش، ومشروع برج محمد السادس، ومحطة الرباط المدينة)، مما يحرم الوزارة من أداة وقائية تدخل في إطار سياسة الحفاظ على المواقع والمباني والمعالم التاريخية.
في السياق نفسه، تم تسجيل عدة إكراهات تعوق إنجاز مشاريع ترميم المواقع والمباني التاريخية المضمنة في الاتفاقيات متعددة الأطراف، حيث أنه بالرغم من مساهمة الوزارة، بغلاف مالي قدره 618 مليون درهم لتمويل هاته المشاريع، إلا أن هذه المساهمات لم يتم تحديدها في ضوء دراسات قبلية، ولم يتم إشراك الوزارة بشكل كاف في اختيار المواقع والتدخلات المبرمجة قبل الشروع في عمليات الترميم.
كما لا تتوفر الوزارة، بصفتها صاحبة المشاريع وعضوا في اللجنة المركزية لتتبع وتقييم الاتفاقيات المذكورة، على المحاضر والتقارير نصف السنوية التي يعدها أصحاب المشاريع المنتدبين.
في هذا الصدد، أوصى المجلس الوزارة، بوضع دلائل للحفاظ على التراث الثقافي المادي وترميمه، تتضمن مؤشرات حول تقنيات الصيانة والحفظ، وكذا المواد الأكثر ملاءمة لكل نوع من الهياكل والحفاظ على تقاليد البناء المتناقلة من قبل الحرفيين في هذا المجال. كما أوصى بالعمل على اعتماد نص تنظيمي يلزم بإجراء دراسات تأثير المشاريع والأنشطة الاستثمارية، المزمع إنجازها في محيط المواقع والمباني التاريخية على هذه الأخيرة.
المصدر: اليوم 24