“متلازمة الهرس”.. شبح يهدد الناجين من تحت أنقاض “زلزال الحوز” المدمر

قد يبدو للوهلة الأولى أن الناجين الذين انتشلوا من تحت أنقاض الزلزال كتب لهم عمر جديد، غير أن الأمر ليس بهذه البساطة، فالموت الذي نجوا منهم لتوهم مازال يلاحقهم إلى أسرة المستشفيات في شكل حالة مرضية تسمى “متلازمة الهرس”، تنتج حسب المختصين عن الضغط القوي الذي يُخلفه سقوط الركام والكتل الضخمة على أجسامهم أو أعضاء منها، مع ما ينجم عن ذلك من تأثيرات صحية على الجهازين الكلوي أو الرئوي. كما يمكن أن تؤدي مضاعفات الإصابة بهذه المتلازمة إلى الوفاة، وهو ما يستوجب عناية طبية فائقة ومركزة بالمُصاب.

البروفيسور أسامة العدوي، طبيب متخصص في جراحة العظام والمفاصل، قال إن “متلازمة الهرس أوCrush syndrome هي مجموعة من المضاعفات الناتجة عن تعرض أنسجة عضو ما، وخصوصا النسيج العضلي، لضغط بفعل صدمة قوية أو السحق، كحادث سير، مع تلقي وزن المركبة فوق العضو، أو عند انهيار مبنى وتلقي الركام فوق هذا العضو، أو عند احتراق الجسم أو الصعق الكهربائي”.

وأضاف العدوي أنه “ينتج عن ذلك انقطاع الدم عن العضلة، ما يؤدي إلى تلفها، فتفرز مواد مؤثرة في الدم تنتشر في الجسم كله، فتظهر المضاعفات، سواء على مستوى العضو الذي قد يحتاج إلى بتر مستعجل لوقف انتشار تلك المواد في الأجهزة الحيوية للجسم، أو على مستوى الجهاز الرئوي بفعل ارتفاع حموضة الدم، أو الجهاز الكلوي بفعل تواجد بروتينات كبيرة الحجم (الميوجلوبين)، مسؤولة عن انسداد شرايين الكلى، ما يترتب عليه فشل كلوي، أو القلب كذلك بفعل ارتفاع نسبة البوتاسيوم في الدم؛ وغيرها من المضاعفات التي قد تؤدي إلى وفاة المريض رغم تلقيه الإسعافات اللازمة”.

وحول أعراض الإصابة بهذه المتلازمة، أوضح المتحدث عينه أن “الأعراض تظهر أولا على مستوى العضو الذي تعرض للحادث، إذ ينتفخ ويُصبح مؤلما بشكل كبير، مع ظهور أعراض عصبية، كفقدان الحساسية بالعضو المصاب”، مشيرا إلى أن “ظهور هذه الأعراض على المريض يدفع الطبيب المعالج إلى التفكير في المتلازمة، فيقوم بإجراء تحاليل طبية تثبت وجودها، كقياس تركيز البروتينات والأنزيمات العضلية في الدم، التي تكون مرتفعة، مع قياس تركيز أيونات الدم، وخصوصا البوتاسيوم، على اعتبار أن تغير مستواه في الدم بشكل مفاجئ قد يعرض للوفاة بسكتة قلبية”.

وأضاف البروفيسور ذاته، في تصريح لهسبريس، أنه “قد تظهر أعراض أخرى كالتنفس بسرعة أو بصعوبة، أو قلة التبول مع تغير لون البول الذي يصبح داكنا”، مشددا على أنه “فور الشك في المتلازمة ينبغي البدء بإجراءات علاجية لتفادي المضاعفات، وخصوصا وقف سبب تلف العضلة وتنقية الدم بالسيروم، والبحث عن المضاعفات القلبية والكلوية لمعالجتها قبل فوات الأوان”.

وخلص المتحدث عينه إلى أن “المرضى الذين قد يصابوا بمتلازمة crush syndrome هم مرضى بدرجة خطيرة، حيث تكون حياتهم مهددة؛ وفور الشك في وجود هذه المتلازمة فإن هؤلاء يجب أن ينقلوا على عجل إلى أقسام الإنعاش ليتلقوا عناية مركزة وعلاجات ذات طابع استعجالي، تختلف باختلاف المضاعفات، من قبيل حقن الدم بالسوائل الأيونية لإعادة أيونات الجسم إلى طبيعتها، أو أحيانا قد يحتاجون إلى الغسيل الكلوي”، مشيرا في الصدد ذاته إلى أن “بعض الحالات قد تحتاج إلى اللجوء للجراحة من أجل بتر العضو الذي تعرض للصدمة، لأنه أصبح ميتا وسيستمر في التحلل وإفراز تلك المواد السامة في الجسم”.