مبادرة تصون الذاكرة الحقوقية المغربية بمقالات المحامي عبد الرحيم برادة
الأربعاء 14 غشت 2024 06:00
مقالات أحد أبرز المحامين في المحاكم المغربية، النقيب الراحل عبد الرحيم برادة، الذي ارتبط اسمه في النصف الثاني من القرن 20 وبداية القرن 21 بمحاكمات سياسية ومحاكمات للرأي بارزة، يضمّها كتاب جديد صدر عن “منشورات طارق”، التي كانت أصدرت مرافعة الفقيد “من أجل مغرب علماني”.
باللغة الفرنسية صدرت هذه المقالات حول وضع الحقوق بالمغرب، من خلال النصوص القانونية والممارسات اليومية، مع اهتمام بقضايا المس بالحقوق في يوميِّ المغاربة خلال الاعتقال الاحتياطي مثلا، أو تدبير ملفات العلاقات خارج إطار الزواج، أو المواطنة، وغيرها من الأمور المتعلقة بالحريات الجماعية والفردية للمواطنين بالمغرب.
مقالات “كلمة” تكتسب أهميتها لا من تقديم حلول أو تلقين مبادئ، بل من كونها جزءا من النقاش المجتمعي، أواخر ثمانينيات القرن 20، المدافعِ عن حقوق الإنسان، والمتشبّث بحرية الرأي والتعبير، مع إثارة مواضيع متعددة، وانخراط في نقاشات عمومية لا مع ممارسات مؤسسات عمومية فقط، أو تأويلات قانونية، بل أيضا مع شخصيات ثقافية بارزة مثل المهدي المنجرة.
وتحضر في الكتابات مختارات مقالات صدرت بين 1986 و1989، هي سنوات عيش مجلة “كلمة”، التي أسّستها هند التعارجي ونور الدين عيوش، وأُغلقت بعد صراع مع وزير الداخلية والاتصال ومصادرة العدد الأخير بسبب “بغاء الذكور” والاهتمام الصحافي به، بعدما كانت تجربة مغربية ناطقة باللغة الفرنسية، من بين من ساهم فيها عالمة الاجتماع فاطمة المرنيسي والمحامي عبد الرحيم برادة، وتناولت مواضيع غير يسيرة التناول آنذاك، من بينها الأمهات العازبات، والإجهاض، والاغتصاب بما فيه اغتصاب الأطفال، والأطفال المتخلى عنهم، ووضع المرأة، والحياة الجنسية، والمخدرات، والحقوق “الرّمضانية”، وحرية الصحافة، وحقوق الإنسان بشكل أعم.
مقالات برادة، التي شكرت دار النشر الفاعل المدني والإشهاري نور الدين عيوش على منحِها حقوق نشرها، في مستهلّ الكتاب الذي يضمّها جزءٌ من تاريخ الصحافة المغربية، والنقاش العمومي الحقوقي والقانوني بالبلاد. كما تقدّم نموذجَ محام كان “مدافعا كبيرا عن حقوق الإنسان والحريات، وجزءا من جميع المحاكمات السياسية بالمجتمع المغربي، مع تعبيره، على طول الطريق، عن تضامنه مع كل معتقلي الرأي”.
يُذكر أن من بين ما غذّى الوعيَ الحقوقي لبرادة وضع أمّه التي كانت زوجة والده الرابعة، وما شاهده مما يمكن أن يَبْلُغَه “الظلم” و”المعاناة” بعدما تركها زوجها سنوات مع معاش بسيط، قبل أن يعود إليها مطلّقا الفتاة التي تزوّجها بعدها، رغم الوعي الوطني لأبيه التاجر الذي كان منخرطا زمن الاستعمار في “حزب الاستقلال”.
ودافع عبد الرحيم برادة، وليدُ 1938 والراحل سنة 2022، عن “مغرب لائكي”، بتصوّر “فصل واضح وجذري بين الدينيّ والسياسي”، دون سقوط في تبني “المقاربة السُّلطويّة للائكية، التي تحوّلها (…) إلى دين جديد”، مع دفاعه عن الحاجة إلى علمنة الدولة المغربية، والأحوال الشخصية، والحريات الأساسية، والعيش المشترك، علما أن “الديمقراطية لا يمكن تصوّرها دون لائكية”.
المصدر: هسبريس