ما هي مهام ومجالات تدخل اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي؟
يُعد الحق في “حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي” أحد أساسات الحرية الفردية الذي نصت عليه المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية، وهو من الحقوق التي تعرف تحديات متزايدة جراء التطور التكنولوجي ورقمنة الخدمات الإدارية والتجارية، ناهيك عن انتشار استعمال الإنترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يفرض على الدول تحصينه بمؤسسات تروم مراقبة حماية هذا الحق من أي انتهاك، وهو الدور الذي تلعبه “اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي”، فما هي مهامها ومجالات تدخلها؟
المنطلق القانوني
تم إحداث “اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي” بمقتضى القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، والذي دخل حيز التنفيذ بعد صدوره في الرسمية في عدد 18 فبراير 2009.
وينص الفصل 24 من دستور فاتح يوليوز 2011 على أنه “لكل شخص الحق حماية حياته الخاصة”، و”لا تنتهك حرمة المنزل ولا يمكن القيام بأي تفتيش إلا وفق الشروط والإجراءات التي ينص عليها القانون”، ثم نص على أنه “لا تنتهك سرية الاتصالات الشخصية، كيفما كان شكلها، ولا يمكن الترخيص بالاطلاع على مضمونها أو نشرها، كلا أو بعضا، أو باستعمالها ضد أي كان، إلا بأمر قضائي، ووفق الشروط والكيفيات التي ينص عليها القانون”.
ويؤطر المرسوم رقم 2.09.165 الصادر في 25 جمادى الأولى 1430 (21 ماي 2009)، قواعد عمل اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، كما يحدد شروط وطرق تعيين أعضائها وإدارتها، كذا سلطات اللجنة الخاصة بالتقصي والمراقبة وغيرها من تفاصيل قيام اللجنة بمهامها.
تكوين اللجنة وتعيينها
يترأس اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي رئيس يعنيه جلالة الملك، وتتكون من أعضاء يعينهم أيضا جلالة الملك باقتراح عضوان من طرف رئيس الحكومة، وعضوان من طرف رئيس مجلس النواب وعضوان من طرف رئيس مجلس المستشارين.
وتحدد مدة العضوية في اللجنة الوطنية في خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، ويتشرط أن يكون بين الأعضاء شخصيات مؤهلة لكفاءتها في الميادين القانونية من جهة والقضائية من جهة أخرى، وشخصيات متوفرة كذلك على خبرة واسعة في ميدان الإعلاميات بالإضافة إلى شخصيات بارزة لمعرفتها بقضايا تهم الحريات الفردية.
مهام اللجنة الوطنية
تتلخص مهام اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي في خمس مهام أساسية، وهي “الإخبار والتحسيس” و”الاستشارة والاقتراح” و”الحماية”، ثم “المراقبة والتحري” و”اليقظة القانونية والتكنولوجية”:
مهمة “الإخبار والتحسيس” موجهة إلى “الأفراد والهيئات العمومية والمؤسسات الخاصة”، وأنها تسهر في هذا الإطار على “إطلاع الأفراد على الحقوق التي يمنحهم إياها الإطار القانوني في ما يتعلق بمعالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي بالمغرب”، وإرشاد وتوجيه الأفراد لحمايتهم من كل استعمال متعسف لمعطياته ذات الطابع الشخصي”، إضافة إلى “تحسيس الهيئات العمومية والخاصة بالالتزامات التي يفرضها القانون وبأفضل السبل والوسائل في مجال معالجة المعطيات”، و”إرشاد وتوجيه المسؤولين عن المعالجة للانخراط في عملية ملاءمة تفضي إلى الانسجام مع مقتضيات القانون 0809 ونصوصه التطبيقية”، ناهيك عن “توضيح القواعد والآليات التي تؤطر نقل المعطيات ذات الطابع الشخصي إلى الخارج”.
مهمة “الاستشارة والاقتراح”، تقوم اللجنة الوطنية بتقديم المشورة للحكومة والبرلمان والإدارة عموما فيما يتعلق بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي”، ولهذه الغاية فإنها “تدلي برأيها حول مشاريع ومقترحات القوانين ومشاريع النصوص التنظيمية ذات الصلة بمعالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي”، و”تساعد الحكومة في تحضير وتحديد الموقف المغربي أثناء المفاوضات الدولية في مجال حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي”، ثم “تقدم للحكومة كل مقترح يخص حماية المعطيات الإسمية”.
كما تعد اللجنة الوطنية الهيئة المغربية الرسمية التي أنيط بها مراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، هذه الصفة تسمح لها بالعمل على إضفاء المزيد من الشفافية في مجال استعمال المعطيات ذات الطابع الشخصي من طرف المؤسسات العمومية والخاصة، وكذا ضمان التوازن بين الحياة الخاصة للأفراد وحاجة المؤسسات إلى استعمال المعطيات ذات الطابع الشخصي في أنشطتها.
وتقوم اللجنة الوطنية في إطار مهامها المتعلقة بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، بـ”معالجة الشكايات الواردة من الأفراد”، و”البث في التصاريح وطلبات الإذن الواردة من مسؤولي المعالجة”، و”مسك السجل الوطني”.
السجل الوطني
أطلقت اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، في يناير 2023، ” ذات الطابع الشخصي”، ووضعته رهن إشارة العموم كما تنص على ذلك المادة 50 من القانون رقم 0809.
كما تناط باللجنة مهام “التحري والمراقبة”، حيث “تتوفر اللجنة الوطنية على سلطة التحري والبحث التي تمكنها من مراقبة عمليات معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي للتأكد من توافقها مع مقتضيات القانون 0809 ونصوصه التطبيقية”. بحيث يمكن لأعوان اللجنة المفوضين الولوج لكل العناصر الخاصة بالمعالجة (المعطيات، التجهيزات، البنايات، دعائم حفظ المعلومات…)”، وتقضي “عمليات المراقبة إلى إصدار عقوبات إدارية أو مالية أو جنائية”.
وتقوم اللجنة بمهام “اليقظة القانونية والتكنولوجية”، حيث تقوم بـ”مراقبة ودراسة وتحليل التوجهات والتحولات التكنولوجية والاقتصادية والقانونية والمجتمعية التي يمكن أن تؤثر على مجال حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي بالمغرب”.
المصدر: العمق المغربي