“مارانيش راضي”.. حراك جزائري جديد يطالب بإسقاط العسكر وبناء دولة مدنية
أطلق مواطنون جزائريون حملة رقمية واسعة النطاق عبر منصات التواصل الاجتماعي تحت وسم “مارانيش_راضي”، للتعبير عن استيائهم من الأوضاع السياسية والاجتماعية التي تعيشها الجزائر، مطالبين بدولة مدنية بدل عسكرية.
وتتسم الحملة بطابعها الرقمي، بحيث عمد مواطنون، رجال ونساء، من مختلف المناطق الجزائرية، إلى نشر فيديوهات قصيرة على حساباتهم الشخصية، موسومة بعبارة “#مارانيش_راضي”، أي لست راضٍ، تهدف الحملة إلى إيصال رسالة واضحة مفادها أن الشعب الجزائري لم يعد راضيًا عن الواقع الحالي، مطالبين بتغيير جذري يضمن العودة إلى دولة مدنية تُحكم بالقانون والديمقراطية، بعيدًا عن هيمنة العسكر على القرار السياسي.
امتداد لحراك 2019
وذكّر المحتجون عبر المنصات الرقمية بحراك 22 فبراير 2019، الذي شهد خروج ملايين الجزائريين إلى الشوارع رفضًا للعهدة الخامسة للرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، حيث أشار المشاركون في حملة “مارانيش_راضي” إلى أن الحراك السابق نجح في توحيد صفوف الشعب حول مطالب واضحة، أبرزها إنهاء الفساد السياسي وإرساء قواعد دولة القانون، إلا أن هيمنة السلطة العسكرية على الحياة السياسية وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لا تزال تهيمن على البلاد، مما شكل محاور رئيسية في خطاب الشباب الجزائري لإطلاق الحملة.
تردي الأوضاع الاقتصادية
وتشهد الجزائر أزمة اقتصادية خانقة تفاقمت في ظل إحكام العسكر قبضته على قصر المرادية، أبرزها خنق الاستيراد في محاولة للاحتفاظ بالعملة الصعبة، التي تم توجيه جزء كبير منها، حوالي 23 مليار دولار، إلى قطاع التسلح. وقد أدت هذه الإجراءات إلى ركود كبير في الأسواق، حيث يعاني التجار من كساد حاد نتيجة نقص السلع والبضائع التي يحتاجها المواطنون.
وعلى صعيد آخر، يعاني المواطن الجزائري من أزمة حادة في الحصول على المواد الأساسية لسد احتياجاته اليومية، مثل الزيت والحليب والقهوة، التي أصبحت تشهد طوابير طويلة للحصول عليها. كما أسهمت هذه السياسات في خلق أزمة في توفير منتجات أساسية كالمواد الأولية للبناء والسيارات والآليات الإلكترونية، مما أثر سلبًا على العديد من القطاعات الاقتصادية.
إلى جانب ذلك، يعاني قطاع التشغيل من ضعف شديد مع تزايد معدلات البطالة، في ظل ركود اقتصادي يعيق خلق فرص عمل جديدة. ورافق ذلك ارتفاع مهول في مستويات التضخم، وانهيار للعملة الجزائرية أمام العملات الأجنبية، مما جعل القدرة الشرائية للمواطنين في أدنى مستوياتها. هذا الواقع الاقتصادي الصعب يعكس تدهورا شاملا أثار استياءََ شعبيا واسعا ومطالب بالتغيير لتصحيح المسار.
ردود أفعال
لقيت حملة “مارانيش_راضي” ردود أفعال واسعة ومشجعة من مختلف فئات المجتمع الجزائري، حيث أعرب العديد من النشطاء عن دعمهم الكامل لهذه المبادرة التي تعكس تطلعا نحو التغيير. واعتبر مؤيدو الحملة أنها خطوة إيجابية نحو إحياء الروح النضالية التي ميزت حراك 2019،
واعتبر الإعلامي وليد كبير، في اتصال هاتفي أجرته، جريدة “العمق”، أن انتشار وسم “#مارانيش_راضي” ومقاطع الفيديو عبر منصات التواصل الاجتماعي يعكس حالة استياء واسعة لدى الجزائريين من الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتردية. وأوضح أن هذا الحراك الرقمي يُعد امتداداً لحراك فبراير 2019، الذي واجهه النظام الجزائري بتشديد قبضته الأمنية، من خلال سياسات قمعية شملت اعتقال المعارضين السلميين ومصادرة آراءهم.
وأشار وليد كبير إلى أن القيود لم تقتصر على الجانب السياسي والإعلامي فحسب، بل امتدت لتشمل الاقتصاد، مما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية وانعدام العديد من السلع الأساسية. ما أثار تذمرا واسعا، مضيفا أن هذا الاحتقان قد يُنذر باندلاع اضطرابات اجتماعية جديدة تُعيد مطالب إقامة دولة مدنية ديمقراطية إلى الواجهة.
ولفت إلى أن النظام، الذي يعاني من أزمة شرعية شعبية، يحاول مواجهة هذه الحملة الرقمية عبر بث فيديوهات وتسجيلات صوتية منسوبة لجهات استخباراتية، هدفها بث الرعب وإيهام الشعب الجزائري بوجود مؤامرة خارجية، وهو ما ظهر في تقارير التلفزيون العمومي التي وجهت اتهامات لدول مثل فرنسا والمغرب.
وختم كبير بأن هذه التحركات الرقمية، إلى جانب نسبة مقاطعة تاريخية لانتخابات سبتمبر 2024، تشكل مصدر قلق كبير للنظام، مما قد يُحول الغضب الافتراضي إلى احتجاجات شعبية واسعة تطالب بالحقوق والعيش الكريم.
المصدر: العمق المغربي