لماذا لا تتدخل الحكومة لتسقيف أسعار الأضاحي المستوردة مادامت تدعمها؟
على غرار السنوات الماضية، تشهد أسواق بيع أضاحي العيد ارتفاعا مهولا لأسعار بيع الأكباش، وذلك على بعد حوالي شهر من موعد “العيد الكبير”، وهو ما يدعو للتساؤل حول إمكانية تدخل الحكومة لتسقيف أسعار الأغنام “الأوروبية”، ما دامت قد وفرت الدعم المالي والإعفاء الضريبي لتسهيل استيرادها.
وكانت الحكومة قد أعلنت عن تقديم منحة قيمتها 500 درهم عن كل شاة يتم استيرادها بداية من الشهر الماضي إلى غاية يونيو المقبل، شريطة أن يعمل المستورد على استيراد ما لا يقل عن 1000 رأس من الأغنام، وذلك بهدف تغطية تزويد السوق الوطنية بالعدد الكافي من رؤوس الأغنام لاستقبال عيد الأضحى 2024.
التسقيف “ممكن جدا”
واعتبر عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكي، جمال بنشقرون كريمي، أن تسقيف أسعار الأكباش المدعمة بالخصوص “ممكن جدا”، بل ذهب إلى القول أكثر من ذلك، بأنه “من المفروض على الحكومة التدخل لحماية المال العام من الهدر”.
وأوضح النائب البرلماني السابق، بنشقرون كريمي، في حديثه “للعمق” أن تسقيف أثمنة الأكباش المدعمة، يجد له السند القانوني في المادتين 3 و4 من قانون حرية الأسعار والمنافسة، ونظرا لحالة التضخم، وأيضا تدهور القدرة الشرائية للمواطنين الواضحة لمرأى العين والتي أثرت على حياتهم الاقتصادية والاجتماعية.
وأضاف بنشقرون أنه من المفروض على الحكومة تسقيف أضاحي المستوردة والحرص على بيعها بأثمنة تفضيلية، لأنها مدعمة من المال العام ومعفاة من الضرائب الجمركية، والحيلولة دون تكرار أخطاء السنة الماضية.
ظلم الكساب المغربي
وأضاف أنه من غير المعقول أن يقتني المستوردون الأكباش الأوروبية بأثمنة لا تتراوح 600 و700 درهم، وبيعها في السوق بنفس أثمنة الأضاحي التي سهر عليها الكسابة سنة كاملة من الرعاية وتقديم الأعلاف والأدوية البيطرية.
ونبه المتحدث الحكومة المغربية إلى ضرورة التدخل حتى “لا تدر على المستوردين أرباحا خيالية بعد السماح لهم ببيع الأكباش الأوروبية بنفس أثمنة الأكباش المغربية، وجعل مناسبة عيد الأضحى فرصة لاغتناء فئات محظوظة على حساب الطبقات الاجتماعية الفقيرة”.
واقترح بنشقورن خلق ضيعات وأسواق نموذجية خاصة بالأكباش المستوردة، مع إشهار تسعيرتها للعموم، مشددا على ضرورة مراقبة هذه الأسواق بشكل مستمر، وترك الاختيار للمواطنين، بين الكبش “الرومي والبلدي”.
كما نبه المتحدث إلى ضرورة الوقوف على إخراج هذه الأكباش وعرضها جميعا بالأسواق المغربية، مشيرا أنه في السنوات الماضية تم تركها في الضيعات وتوجيهها للأعراس والحفلات.
التسقيف “غير ممكن”
من جهته قال رئيس الجامعة المغربية لحماية حقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، إنه لا يمكن تسقيف أثمنة أضاحي العيد، على اعتبار القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، والذي ينص على أن الأسعار حرة في السوق المغربية، باستثناء المواد المدعمة.
وبناء على هذا الاستثناء الذي يشير إليه القانون، يدعو الخراطي إلى تطبيق المادة الـ4 منه، التي تنص على اتخاذ تدابير مؤقتة من طرف الحكومة في حالة ارتفاع أو انخفاض فاحش في الأسعار تعلله ظروف استثنائية، لمدة يحددها القانون في 6 أشهر قابلة للتمديد.
لكن، يستدرك الخراطي ويوضح أن القانون يلزم الحكومة، في حالة أرادت تسقيف الأسعار، بالعودة إلى مجلس المنافسة لأخذ رأيه في الموضوع.
حلول للتدارك
وأضاف الخراطي في تصريح لجريدة “العمق”، أن ما بيد الحكومة القيام به، هو الصرامة في تطبيق بنود دفتر التحملات الخاص بالدعم المخصص للأغنام المستوردة، والوقوف على عرضها كلها في السوق للبيع للحيلولة دون تخزينها، وفي حالة مخالفة ذلك، يمكن فرض عقوبات على المتورطين.
واسترسل الخراطي، أن المستوردين المتورطين في تخزين أكباش العيد المستوردة ملزمين بإرجاع الدعم والإعفاء الضريبي الذي منحته إياهم الحكومة.
أما بخصوص تسقيف أسعار أضاحي العيد بشكل عام، يقول الخراطي، إنه ليس من حق الحكومة القيام بذلك، مردفا أن المستهلك من يتحكم في السوق بناء على العلاقة بين العرض والطلب.
كما يقترح الخراطي للحيلولة دون وقوع تلاعبات في أضاحي العيد، الحرص على تطبيق إلزامية إشهار الأثمنة، أسوة بالمتاجر الكبرى، لأن عدد من بائعي خروف العيد يرمون بأثمنة خيالية أحيانا بناء على على نوعية الزبون.
وقال إنه من الضروري أيضا العمل على مراقبة الأسواق بخروج مصالح المراقبة بالعمالات والأقاليم للأسواق والمحلات بالمدن والوقوف على مدى احترام إشهار أثمنة.
المصدر: العمق المغربي