أكد محمد لغروس، مدير نشر جريدة “”، أن ركيزتي التنمية والديمقراطية بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، كفيلتان بإنهاء دعاوى الانفصال، مشيرا إلى أن مغاربة المخيمات أصبحوا أقلية، وأن عدد الصحراويين من أصول مغربية في تندوف بات محل تساؤل.

جاء ذلك خلال مشاركته في لقاء نظمه المجلس الفيدرالي الديموقراطي المغربي الألماني، حيث قدم مداخلة تفاعلية حول كتاب “الصحراء المغربية.. أرض النور والمستقبل” للكاتب الفرنسي السويسري جون مارين.

وأبرز لغروس أن المغرب يقدم نموذجا تنمويا واعدا في أقاليمه الجنوبية، قادرا على التصدي لمناورات الانفصال ومنطق “العصابات”، موضحا أن التنمية في هذه المناطق باتت ملموسة، لدرجة أن مدنا مثل العيون تنافس وتتجاوز بعض المدن الكبرى في المغرب.

وأوضح لغروس أن المغرب، ومنذ اندلاع هذا النزاع المفتعل، ظل يتحرك بشكل مستمر إلى الأمام، عارضا مقترحات عملية من أجل التوصل إلى حل سياسي نهائي، بدءا من مرحلة اللا حوار، ثم استقبال قيادة جبهة البوليساريو من طرف الملك الراحل الحسن الثاني، مرورا بمبادرة “الوطن الغفور الرحيم”، ثم الدخول في مراحل متقدمة من الحوار السياسي، بما في ذلك جولات مائدة جنيف الأولى والثانية، وصولا إلى المقترح المغربي للحكم الذاتي، الذي اعتبره المتحدث تعبيرا عن إرادة حقيقية لتجاوز الجمود وتقديم حل واقعي وذي مصداقية.

وأضاف أن الطرف المقابل، للأسف، ظل متمسكا بشعارات قديمة متجاوزة، لم يعد لها أي صدى في المنتظم الدولي، الذي أضحى، حسب قوله، أكثر وعيا بطبيعة هذا النزاع المصطنع وبضرورة تبني مقاربات سياسية جديدة قائمة على الواقعية والعقلانية، كما فعل جون مارين من خلال كتابه الذي وثق لمجموعة من الحقائق التنموية والسياسية والاجتماعية التي تؤكد مغربية الصحراء.

وأشار لغروس إلى أن المنتظم الدولي تعب من هذا الملف وتعقيداته، وأن المجتمع الدولي لم يعد مستعدا للاستمرار في الإنصات للشعارات الجوفاء، أدى إلى الانتباه إلى الطرح المغربي الذي يحظى بوصف “الوحيد الجاد وذي المصداقية”، وفق ما جاء في عدد من الوثائق والتقارير الدولية.

وسجل مدير نشر جريدة “العمق”، أن المغرب، من خلال تكريسه لمقومات التنمية والديمقراطية، صار يقدم نموذجا واعدا في أقاليمه الجنوبية، نموذجا قادرا على التصدي لمناورات الانفصال ومنطق العصابات، وعلى تجاوز النزعات العسكرية التي لا تمت بصلة لمنطق الدولة الحديثة، مبرزا أن التنمية أضحت ملموسة في هذه المناطق، إلى حد أن مُدنا مثل العيون بدأت تضاهي نظيراتها من المدن الكبرى داخل المغرب، بل وتتجاوز بعضها خارج محور مراكش طنجة.

وفي الشق الديمقراطي، أكد لغروس أن الساكنة المحلية في الأقاليم الجنوبية تمارس حقوقها السياسية بشكل طبيعي، من خلال انتخاب ممثليها على مستوى الجماعات الترابية، والأقاليم، والجهات، والبرلمان، بل وحتى في تركيبة الحكومة، ما يعكس بأن الحكم الذاتي ليس شعارا فقط، بل ممارسة واقعية يعيشها سكان هذه المناطق، وهم يديرون شؤونهم بأنفسهم، مشددا على أن من يريد الاحتكام إلى صوت الساكنة، فها هي الساكنة تختار وتشارك في بناء مستقبلها داخل المؤسسات الوطنية.

وانتقد لغروس استمرار الأطراف الأخرى في الرهان على تنظيم يتلقى الدعم من الخارج، ويتحكم فيه من خارج المنطقة، مشيرا إلى أن بعض أبناء الأقاليم الجنوبية الموجودين في مخيمات تندوف يعيشون واقعا مختلفا تماما، واقعا يتغذى على وهم سياسي، بينما أبناء عمومتهم في المغرب يستفيدون من مشاريع تنموية، ويشاركون في الحياة السياسية والاقتصادية، ما يشكل عنصر جذب كبير خاصة مع تطور وسائل الإعلام والتكنولوجيا، التي جعلت هذه الفئة قادرة على المقارنة بين الواقعين.

وأضاف أن نداءات المغرب المتكررة بفتح تحقيقات حول مساعدات إنسانية، وكشف انتهاكات حقوق الإنسان، وربط بعض ممارسات الجبهة بتقارير دولية حول الإرهاب والاتجار بالبشر، بدأت تجد صداها لدى عدد من الدول، منها الولايات المتحدة الأمريكية، التي باتت تطرح فكرة تصنيف “البوليساريو” كتنظيم إرهابي، مؤكدا أن الأمر لم يعد يتعلق فقط بمطلب إجراء الإحصاء، بل بالسؤال العميق: “هل ما تزال ساكنة تندوف أصلا تمثل الصحراويين من أصول مغربية؟” لأن المعطيات اليوم تفيد بأن التركيبة السكانية تشمل موريتانيين وجزائريين وطوارق وغيرهم من شعوب إفريقيا جنوب الصحراء.

وختم لغروس تصريحه الصحفي بالتأكيد على أن الصحراء المغربية تعرف دينامية متقدمة، مشيرا إلى مشروع الميناء الأطلسي والمبادرة الأطلسية، وما ستفتحه من آفاق اقتصادية وتجارية آمنة وسريعة نحو غرب إفريقيا، وهو ما سيكرس موقع الأقاليم الجنوبية كبوابة استراتيجية للقارة، معتبرا أن المنتظم الدولي بات أكثر ميلا إلى تبني نماذج الحكم الذاتي التي أثبتت نجاعتها في عدد من الدول كألمانيا وإسبانيا وغيرها، وأن منطق العصابات والجمود السياسي لم يعد مقبولا في ظل تطلع الجميع إلى حلول ناجعة تُنهي معاناة الإنسان، الذي ينبغي أن يظل في قلب كل مبادرة سياسية أو إنسانية، لإنهاء أزمة عمرت لعدة عقود من الزمن.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.