رفض مدير نشر الإلكترونية “”، محمد لغروس، تحميل المسؤولية المطلقة للأحزاب في إشكالية العزوف السياسي، مؤكدا أن المواطن يتحمل بدوره مسؤولية انعدام الثقة السياسية بالمغرب.
وقال لغروس، خلال حلوله ضيفا على برنامج “صدى الأحداث” على قناة “ميدي 1 تيفي” حول أزمة الثقة بين المواطن والأحزاب على ضوء دراسة للمركز المغربي للمواطنة: “أنا لست من دعاة صلب الأحزاب وجلدها، فهي لا تتحمل وحدها مسؤولية هذه ظاهرة العزوف السياسي إطلاقا، فالأحزاب لا تنفذ وحدها ولا تشرع وحدها ولا تخطط وحدها”.
وأضاف: “عادة ما يثار هذا الإشكال المتعلق بواجهة معينة مرتبطة بالأحزاب السياسية والمنتخبين، لكن أين بقية المتدخلين في القرار ومن يشرف اليوم على عمليات إعادة التسجيل في اللوائح الانتخابية وموضوع التقطيع وكل العمليات المصيرية، حيث نرى موقع وحجم الأحزاب فيها، لذلك لا ينبغي أن نجعلها مشجبا لكثير من الصور السلبية التي نراها اليوم، كما أننا نرى حاجة لمنح معنى للعمل السياسي والفعل العملي، وأن يكون لذلك أثر على المصوت والمشارك”.
وأضاف: “انتقلنا من مفهوم “المناضل السياسي” إلى “الناشط”، خاصة على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي من خلال الخروج للحديث والتصوير بحرية أكبر، دون التزام مالي أو حزبي أو إيديولوجي يقيدهم، فمجرد تصوير فيديو لمشكل في مجرى مائي أو إنارة عمومية قد يساهم في الحل بسرعة وجيزة، بينما الحزب عندنا له بنية تقليدية في الترقي داخله”.
وتابع: “عندما تناقش مع بعض الأمناء العامين، وتسأله لماذا لا ترشح محاميا أو أستاذا جامعيا أو إعلاميا أو شخصية معروفة، يبرر ذلك بأنه لن يستطيع أن يؤمن دائرة انتخابية ولن يتمكن من تنظيم وليمة في خيمة ليلة الانتخابات، فالمسألة لا ترتبط فقط بالترشيح، بل أيضا بالحضور في أجهزة الحزب والمكتب السياسي ومؤتمر وطني، حيث لم تعد المسألة مجرد ترشح وتكلفة مالية، بل لها أبعاد تنظيمية وسياسية أعمق”.
كما تطرق لغروس لإشكالية الترحال السياسي بالقول: “الانتقال بين الأحزاب أصبح يطرح الكثير من علامات الاستفهام، فقد شاهدنا مسؤولين سياسيين ينتقلون في ظرف 24 ساعة فقط إلى حزب جديد، ليعلنوا مباشرة “نحن في القيادة”، بينما قد لا يعرف الواحد منهم حتى تاريخ الحزب الذي التحق به. وإذا كان الأمين العام نفسه يفكر فقط بمنطق عدد المقاعد وهل يشارك حزبه في الحكومة أم لا، فهنا تبرز إشكالية أعمق”.
وبهذا الخصوص، ذكر مدير نشر جريدة “” بأحد الخطب الملكية باقتراح تخصيص الدعم العمومي للأحزاب لفائدة الكفاءات والأطر، لأنه تبين، وفق تعبيره، أن الاعتماد المفرط على الأعيان يفرز صورة سلبية، ويجعل كثيرين يتقلدون مناصب سياسية دون أن يمتلكوا المؤهلات اللازمة، ملفتا إلى أن “هذا الأمر ينعكس بشكل مباشر على جودة التشريع، وعلى مستوى المراقبة البرلمانية، وعلى طرح الأسئلة السياسية، ليتحول الأمر أحيانا إلى مجرد فرجة سياسية”، على حد قوله.
كما حمل الإعلامي ذاته المواطن مسؤولية العزوف السياسي وانعدام الثقة بالقول: “المواطن يوجد في موقع الملاحظ والناقد وأحيانا في موقع “القصف” المستمر، لكنه يتحمل أيضا مسؤولية أساسية، فبابتعاده عن الأحزاب وعن العمل السياسي، يكرس واقع هشاشة الثقة، فضلا عن أن كثيرا من السلوكات التي نراها داخل الأحزاب ليست سوى انعكاس لما يوجد في المجتمع، فكما ننتقد السياسي الذي يخرق القوانين أو ينهب المال العام، نجد أيضا المواطن الذي يتجاوز الضوء الأحمر، أو الذي يكلف في عرس بتوزيع الطعام فيأكل أولا قبل أن يوزع، أو الذي يأخذ نصيبه من الحلويات قبل الآخرين. بمعنى أن القبح السياسي لم يأت من الخارج، بل هو امتداد لسلوكيات متجذرة في المجتمع”.
المصدر: العمق المغربي