“لحيوط إذا رابو كلها يبني دار”.. أبيات مغربية تطفو على سطح فواجع المغاربة
“ما همّوني غير الرجال إذا ضاعو.. لْحيوط إذا رابو كلها يبني دار / ما همّوني غير الصبيان مرضو وجاعو.. والغرس إذا سقط نّوضو نغرسو أشجار”، هذه الأبيات من إرث فرقة “ناس الغيوان” طفا على سطح ألم المغاربة بعد فاجعة “زلزال الحوز” بمعانيه العميقة: “لا يهمّني إلا الرجال إذا ضاعوا، الحيطان إذا تهدمت كلٌّ يبني دارا. لا يهمّني إلا الصبيان مرضوا وجاعوا، أما الزرع إذا سقط، ننهضُ ونغرس أشجارا”.
وعبر التاريخين القديم والمعاصر، توثق نصوص أدبية مغربية فواجع عاشتها البلاد؛ من بينها “ملعبة الكفيف الزرهوني”، أقدم نص وصل المحقّقين بالدارجة المغربية، ويوثّق حملة السلطان أبي الحسن المريني على تونس، وهزيمته بالقيروان، وينتقد ناظمها هذا الفعل، موضحا أثره في تاريخ المغرب والمنطقة المغاربية.
وفي الزمن الراهن، ألهم زلزال “أكادير” المفجع سنة 1960 نصوصا؛ من بينها عمل الروائي والشاعر محمد خير الدين “أكادير” المكتوب باللغة الفرنسية.
وألهم الزلزال أيضا الملحونَ، فنظم نسيم ابرهام “قصيدة في زلزال أكادير”، قال فيها: “لِلَة الثَّلاثة في نِصّ اللِّيلْ يا ساداتْ / تْرعْدتْ الأرضْ وُبلادْ أكاديرْ نِخْلاتْ // في رُبع دْقيقَة ناسْها بالأْلوفْ فْناتْ / الْموت خَلْطتْ في وُسْطْ بْلادْهُمْ بغَدْرَة // هادي مُصيبَة بأَمْرْ مُولْ القُدْرَة / أَمَرْ مولْ الُقُدْرَة بِقْضاهْ في رِمْشَةْ عِينْ // تْرُوَّعْ الْبْحَرْ وُغْرَقْ الأرْضْ يا سَامْعينْ / أكادير نايْمَة هَانيْة كْبارْ وُصْغار وُمرضعينْ // رايتْ الدّيارْ على مُواليها في الظلام والصْياح قُواتْ / لِيلَة الثلَاثَة في نِصّ اللّيلْ يا سَادَاتْ”.
وعن الزلزال كتب الشاعر المغربي أحمد بركات: “حَذِرٌ، كأني أحمل في كفي الوردة التي توبخ العالم /
الأشياء الأكثر فداحة: / قلب شاعر في حاجة قصوى إلى لغة / والأسطح القليلة المتبقية من خراب البارحة /
حَذِرٌ، أخطو كأني ذاهب على خط نزاع / وكأن معي رسائل لجنود / وراية جديدة لمعسكر جديد / بينما الثواني التي تأتي من الوراء تقصف العمر / هكذا.. / بكثافة الرماد / معدن الحروب الأولى / تصوغ الثواني صحراءها الحقيقية
وأنا حَذِرٌ، أخطو نحوكم وكأن السحب الأخيرة تحملني / أمطارها الأخيرة / ربما يكون الماء سؤالا حقيقيا / وعليّ أن أجيب بلهجة العطش / ربما حتى أصل إلى القرى المعلقة في شموس طفولتكم / عليّ أن أجتاز هذا الجسر الأخير / وأن أتعلم السهر مع أقمار / مقبلة من ليال مقبلة حتى أشيخ / وأنا أجتاز هذا الجسر الأخير”.
الأكاديمي محمد المدلاوي قلَب حرف قصيدة جدلية حول “خراب مدينة أكادير” لصاحبها حانانيا كوهن، قال فيها: “أجيو تسمعو هاد الـقسَّة / داكَادير عمرها ما تنسى / جرات فخوانّا هاذ الرفسة / شي مات، وشي جبدوه بالكْـياسة / تًّـكًـلبـ’ـت لارض وهوما نايمين / فالحجـ’ـر والتراب صبحو مردومين / فيهوم يهود، نصارى ومسلمين / هادشّي طرا من ربّ العالامين”.
وعن الأمازيغية، ترجم المدلاوي قصيدة عن زلزال الأطلس، يقول فيها: “يا نسر الجبال، يا مولاي براهيم بوسالم / الذي قيل إنه يرتدي الحرير ويمتطي الخيل البلقاء! / فأين أنت يا مولاي براهيم بوسالم؟ / وأين هو جارك، سيدي شامهاروش؟ / الذي قيل إنه يسود على جِـنّ الأرض السابعة! / ألا، أين ذهب سائر أولياء من لا يكبو أبداً، / لما تزعزعت جبال دَرَن تلك، فتهاوت / قمّة جبل توبقال، وارتعد سائر البلاد؟ / فحينما يهتز أساس عمود دعامة البيت / فإن السطوح والجدران تتهاوى وتصبح ركاما. / ألا، أين ذهب سائر أولياء من لا يكبو أبداً؟”.
المصدر: هسبريس