عقب تسجيل وفاة جديدة لامرأة حامل بمستشفى الحسن الثاني بأكادير، علمت هسبريس، من مصادر مطلعة، أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية أوفدت، اليوم الخميس، لجنة مركزية إلى المستشفى، من بين أعضائها عادل زنيبر باش، مدير الموارد البشرية بالوزارة، لتعميق تدارس المشاكل الكامنة؛ في حين أفادت الأخيرة للتنسيق النقابي بالقطاع، أمس، “بأنها قد تراجع قرار قطع أجور المهنيين العاملين الذين جرى توقيفهم احترازيا”.

وكانت المديرية الجهوية للصحة والحماية الاجتماعية بجهة سوس ماسة أعلنت، أمس، فتح تحقيق طبي وإداري عقب وفاة امرأة حامل صباح الثلاثاء بالمستشفى المذكور، مُفيدة بأن لجنة طبية وإدارية فتحت تحقيقا “دقيقا” في ظروف وملابسات الحادث لتحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات اللازمة وفق القوانين.

وكانت نقابات قطاع الصحة عقدت، أمس الأربعاء، اجتماعا بالوزير أمين التهراوي. وارتأى التنسيق النقابي، حسب بيان له، “تخصيص مجمل الاجتماع للترافع عن المهنيين الموقوفين ولوضع النقاط على الحروف”.

وعبر التنسيق عن “رفضه القاطع تحميل الشغيلة الصحية فشل تدبير المنظومة التي تعاني من خصاص مهول ومزمن في الموارد البشرية، وميزانية غير كافية، وبنيات تحتية مهترئة، ونقص في التجهيزات والمعدات الضرورية والأساسية والأدوية، وشروط عمل سيئة وغير لائقة، وحكامة غائبة، وغياب روح المسؤولية لبعض المسؤولين”.

وفي هذا الصدد، حمّل “مسؤولية ما وقع بمستشفى أكادير للاختلالات البنيوية لمنظومة صحية متهالكة بسبب السياسات الحكومية المتبعة والمتعاقبة في قطاع الصحة منذ سنين”.

كما استنكر “إصدار بلاغ صحافي من طرف وزارة الصحة يخبر فيه الرأي العام بتوقيف مهنيين وإحالة تقرير المفتشية العامة لوزارة الصحة على النيابة العامة؛ وبالتالي التشهير بالمهنيين وإحالة ملفهم على القضاء!!!”، مُتسائلا عن “سكوت هذه المفتشية على مظاهر عديدة للفساد بالقطاع، وعن نومها وسباتها في مختلف الجهات وبجهة سوس خاصة منذ سنين وظهورها فجأة لتلفيق تهم غير مؤكدة على مهنيين بـ”تقصير مهني أدى إلى الموت…” في وقت ما زال الملف في طور التحقيق”.

“اختلالات منظومة”

مصطفى جعا، الكاتب الوطني للنقابة المستقلة للممرضين، قال إن “التنسيق أكد للوزير أن واقع المنظومة هو الذي يؤدي إلى الوفيات في مستشفى الحسن الثاني بأكادير”، متسائلا: “إذا كانت الأطر هي السبب، وقد تم إيقاف 17 منها، كيف يمكن تفسير الوفاة التي حدثت الثلاثاء، بعد توقيف هؤلاء؟”.

وأضاف جعا، في تصريح لهسبريس، أنه “جرى التأكيد للوزير على أن عدم حلول لجنة إلى المستشفى إلا بعد تسجيل 8 وفيات ومُضي ثلاثة أسابيع، واندلاع احتجاجات الساكنة، يُبين أننا بصدد مشكل تدبير”، كذلك “تمت إدانة إرسال المهنيين الموقوفين احترازيا إلى القضاء؛ بينما المفروض من الوزارة، مبدئيا، هو المسطرة التأديبية، والقضاء سيتكلف إثرها، وفي وقت أعفت فيه المديرة الجهوية بسوس ماسة والمندوب دون عقوبة أو إحالة على المجالس التأديبية”.

وشدد الكاتب الوطني للنقابة المستقلة للممرضين على أن المشكل يتعلق باختلالات عديدة، منها “الخصاص في أطباء التخدير والإنعاش؛ ما يجعل 80 في المائة من عمليات الولادة يقوم بها الممرضون في التخدير والإنعاش والقابلات”، و”في ظل هذا الوضع، تبقى القابلة، بين خيارين كلاهما موجبين للمتابعة، بحيث إذا حولت حالة ولادة عسيرة مستعجلة وتعرضت المعنية لمكروه، تتابع هذه القابلة، وإذا تدخلت تتابع كذلك لأنها قامت بأمر لا يدخل في اختصاصها”.

كما استنكر المتحدث عينه “محاولة تقديم الموقوفين كأكباش فداء لتصوير الحزب السياسي المعني بأنه يقوم بإصلاحات”، و”سلب حق البراءة من الموقوفين، عن طريق التشهير بهم بتقديمهم سببا لفشل المنظومة”.

في المقابل، طمأن وزير الصحة والحماية الاجتماعية بأنه “سوف يكون هناك تحقيق شفاف”.

وأورد جعا أن “الأمر يثير تساؤلات حول طبيعة التدخل، فمعلوم أن الملف حاليا بيد القضاء المستقل”.

وبخصوص العقوبات التأديبية، قال الفاعل النقابي سالف الذكر إن “الوزارة لم تعط جوابا واضحا؛ لكنها أفادت بأنها قد تستطيع مراجعة قرار قطع الأجور عن الموقوفين احترازيا”.

احتجاج على المرفق

على النحو ذاته، سار تدخل مصدر نقابي، إذ أكد أن “التنسيق النقابي شدد على أنه كان يجب أولا انتظار نتائج التحقيقات القضائية والتحريات قبل الإقدام على توقيف الزملاء”.

وأشار المصدر، الذي فضّل عدم كشف هويته، في تصريح لهسبريس، إلى أن القطاع “بصدد أكبر عملية عقاب للأطر الصحية من حيث العدد في تاريخ قطاع الصحة بالمغرب؛ فنحن نتحدث عن 7 قابلات و4 ممرضين للتخدير والإنعاش و4 أطباء في ذات التخصص و3 أطباء توليد”.

وأكد المصدر عينه أن “ثمة بالفعل اليوم زيارة للجنة من الوزارة بمستشفى الحسن الثاني بأكادير، نتمنى أن تعالج الموضوع من كافة جوانبه، وتصل إلى نتيجة بخصوص كافة الملفات وضمنها ملف الموقوفين”.

وشدد المصدر النقابي على أن ساكنة أكادير “لم تحتج على الأطر الصحية العاملة بمستشفى الحسن الثاني؛ بل على المرفق الذي لا يلبي تطلعات المواطنين”، مُحذرا من أن “المقاربة العقابية في حق المهنيين العاملين في الصحة تؤدي إلى تجييش الرأي العام تجاه الأطر الصحية”.

المصدر: هسبريس

شاركها.