كشفت مصادر عليمة لهسبريس عن رصد عمليات تفتيش باشرتها لجان مركزية بأقسام الشؤون الاجتماعية بعدة أقاليم في جهات الدار البيضاء سطات ومراكش آسفي وفاس مكناس خروقات في تدبير أموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، شملت إحداث مشاريع واقتناء معدات وهمية، ومنح دعم غير مستحق لجمعيات حديثة التأسيس، مع شبهات ارتباط تمويلات بمصالح انتخابية.
وأكدت المصادر ذاتها استناد عمليات التفتيش الجديدة إلى توجيهات من مسؤولين إقليميين، بينهم عمال جدد شملتهم الحركة الانتقالية الأخيرة، إثر توصلهم بتظلمات من أصحاب مشاريع مقصية، طالبوا فيها بالتدقيق في هويات المستفيدين وتعليلات قرارات الإقصاء، متهمين رؤساء أقسام الشؤون الاجتماعية في عدد من الأقاليم بالتورط في خروقات خطيرة.
وأفادت مصادر بتركيز اللجان على جرد المشاريع الممولة في إطار المبادرة الوطنية برسم السنوات الخمس الماضية، والتدقيق في سجلات المستفيدين من تمويلات مشاريع، موردة أن المفتشين بصدد الانتقال إلى معاينة مآل معدات مقتناة، ومقارنة أشغال ومشتريات فعلية بما هو منصوص عليه في دفاتر الشروط التقنية؛ فيما ستبدأ عمليات المراقبة الميدانية من جماعات تابعة للنفوذ الترابي لإقليم برشيد، ضواحي الدار البيضاء، خلال مرحلة أولى.
وحملت تظلمات المقصيين من دعم وتمويلات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية معطيات خطيرة بخصوص اختلالات في توزيع دعم الجماعات، بعدما طغى عليه منطق الزبونية والولاءات الانتخابية، إذ خصصت جماعات ترابية فقيرة ميزانيات ضخمة، تجاوز بعضها مليار سنتيم، لجمعيات يسيرها مقربون من رؤساء مجالس، متفوقة في ذلك على جماعات أغنى منها، في وقت لم تحصل جمعيات فاعلة ميدانيا منذ سنوات إلا على مبالغ زهيدة، مقابل استفادة أخرى تم إنشاؤها حديثا من دعم مالي مهم.
وحسب معطيات حصلت عليها هسبريس فقد توقف المفتشون عند تورط منتخبين في خرق القوانين المنظمة، إذ تنص المساطر على ضرورة صرف الدعم عبر مقرر من المجلس الجماعي يحدد الجمعيات النشيطة بغض النظر عن مجال اشتغالها، مع توضيح المبالغ المخصصة لها، وتسجيل ذلك ضمن البند المخصص لدعم الجمعيات في الميزانية.
ومعلوم أنه لتفادي استغلال النفوذ منعت القوانين التنظيمية إبرام اتفاقيات شراكة بين الجماعات والجمعيات التي يكون أحد أعضائها منتخبا في الجماعة نفسها، نظرا لما يشكله ذلك من تضارب للمصالح بين المسؤولية والمنفعة الخاصة.
وتجاوزت تظلمات، وفق مصادر ، الأقاليم إلى المصالح المركزية لوزارة الداخلية، حيث ركزت على توزيع دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في أجواء من الارتجال والمحسوبية وغياب الحكامة والمقاربة التشاركية، مسجلة “فوضى” في تدبير ملف الدعم العمومي، وغياب العدالة المجالية، بالإضافة إلى أوضاع صعبة لبعض الفضاءات الثقافية، وغياب التواصل بين المجالس والجمعيات، الذي لم يتعد في بعض الحالات لقاءين خلال ست سنوات.
وسجلت شكايات مقصيين من دعم المبادرة أيضا ارتفاع عدد المشاريع التي لم تر النور، أو لم تجد طريقها إلى النجاح، رغم الدراسات المنجزة التي كلفت موارد مالية ضخمة، بسبب طريقة التسيير المتبعة من قبل بعض مسؤولي الجمعيات المستفيدة، بتواطؤ مع مسؤولين في أقسام العمل الاجتماعي.
المصدر: هسبريس