اخبار المغرب

لأول مرة في تاريخه.. المغرب يستعد لإنتاج الغاز الطبيعي المُسال بنهاية 2025

يدخل المغرب مرحلة جديدة في مسيرته الطاقية مع اقتراب بدء إنتاج الغاز الطبيعي المُسال لأول مرة في تاريخه ابتداءً من الربع الأخير من العام الجاري، حيث تستعد شركة “ساوند إنرجي” البريطانية للانتهاء من بناء محطة لتسييل الغاز المستخرج من امتياز حقل “تندرارا” الذي تديره شرق المملكة.

ويُرتقب أن تبدأ تجارب الإنتاج في المحطة خلال الصيف المقبل على أن يتم الشروع في الإنتاج التجاري بقدرة تناهز 10 ملايين قدم مكعب يوميًا بنهاية الخريف، مع إمكانية رفعها لاحقًا إلى 40 مليون قدم مكعب يوميًا، مع وجود حقول أخرى قيد التطوير، بحسب غراهام ليون، الرئيس التنفيذي للشركة البريطانية في مقابلة مع “الشرق بلومبرغ”.

وأكد رئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، علي الغنبوري، أن قدرة المغرب على إنجاح مشروع إنتاج الغاز الطبيعي المُسال ترتكز على رؤية استراتيجية طاقية واضحة تهدف إلى تنويع مصادر الطاقة المحلية، مضيفًا أن “مشروع تطوير حقل تندرارا يعكس التزام المملكة بتبني حلول مستدامة وتعزيز الإنتاج المحلي للغاز الطبيعي، مما يشكل جزءًا من استراتيجية المغرب الطاقية.”

وعلى الصعيد التقني واللوجستي، أشار الغنبوري إلى أهمية الشراكات الدولية، مثل التعاون مع شركة “ساوند إنرجي”، التي استثمرت مبالغ كبيرة في المشروع، ما يبرز جدية المغرب والتزامه. كما أن توفر البنية التحتية، مثل خط الغاز المغاربي الأوروبي، يتيح للمملكة تصدير الغاز بسهولة للأسواق الأوروبية.

يشكل حقل “تندرارا”، أكبر حقل غاز بري في المغرب، خطوة محورية في سعي المملكة لتحقيق استقلال طاقي جزئي، وبحسب غراهام ليون يتمثل أحد الأهداف الرئيسية للمشروع في تقليل اعتماد البلاد على واردات الغاز الطبيعي، التي تبلغ حاليًا نحو مليار متر مكعب سنويًا، والتي تعتمد عليها بشكل أساسي في توليد الكهرباء، وتجفيف الفوسفات، وصناعات السيراميك والحديد.

ومن المترقب أن يتم بيع الغاز الطبيعي المُسال من وحدة التحويل في “تندرارا” لشركة “أفريقيا غاز”، التابعة لمجموعة “أكوا” (Akwa) المغربية، التي تستثمر في مجالات الطاقة والعقار والسياحة والمتاجر.

وسجل المحلل الاقتصادي أن “المغرب لديه موقع جغرافي استراتيجي يجعله نقطة عبور للطاقة بين إفريقيا وأوروبا، حيث تعزز هذه الميزة من فرص نجاح المشروع، خاصة في ظل الطلب الأوروبي المتزايد على الغاز الطبيعي المُسال كبديل للطاقة التقليدية.”

من جانب آخر، نبه الغنبوري إلى التحديات المرتبطة بالمشروع، إذ أوضح أن “تكلفة تطوير البنية التحتية اللازمة لإنتاج وتسييل ونقل الغاز، تتطلب استثمارات ضخمة”. كما أن التحديات المتعلقة باستقرار الإمدادات والتقلبات في السوق العالمية وأسعار الغاز قد تؤثر على استدامة المشروع على المدى الطويل وكذا الجدوى الاقتصادية، حسب قوله.

ومنذ دخولها السوق المغربية، استثمرت الشركة البريطانية “ساوند إنرجي” أكثر من 160 مليون دولار في التنقيب عن الغاز، وهي تمتلك حاليًا 20% من امتياز “تندرارا”، بعد بيعها حصة 55% العام الماضي لشركة “مناجم” العاملة في قطاع المعادن في أفريقيا، مقابل 45 مليون دولار، كما تملك الدولة، عبر المكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن، حصة 25% في الامتياز، حسب غراهام ليون، الرئيس التنفيذي للشركة.

وتعمل “ساوند إنرجي” و”مناجم”، إلى جانب تطوير الحقل الغازي، على إنشاء خط أنابيب بطول 120 كيلومترًا يربط “تندرارا” بخط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي، بتكلفة تصل إلى 400 مليون دولار. هذا الخط، الذي كان يمد المملكة بالغاز الجزائري ويتم تصدير حصة منه إلى أوروبا، يُعتبر هذا المشروع حلاً استراتيجيًا لضمان تدفق الغاز إلى الأسواق المحلية والدولية، إلى أن قُطعت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 2021، حيث بدأ المغرب يعتمد على خط الأنابيب بشكل عكسي من خلال الجزء الواقع في ترابه للحصول على الإمدادات عبر إسبانيا.

وتتوقع الشركة البريطانية إنتاجًا وفيرًا للغاز الطبيعي في شرق المملكة خلال السنوات المقبلة، حيث تخطط لحفر آبار استكشافية جديدة باستثمارات قد تصل إلى 25 مليون دولار، إلى جانب استغلال تقنيات زلزالية حديثة لاستكشاف موارد الغاز في مناطق أخرى وسط البلاد، بحسب غراهام ليون.

وعن العوامل التي يمكن أن تضمن نجاح المغرب في هذا المجال، سجل الغنبوري أهمية الاستثمار في البنية التحتية الطاقية، مثل خطوط الأنابيب ومحطات التسييل، حيث أن “إنشاء خط أنابيب بطول 120 كيلومترًا لربط محطة تندرارا بخط الغاز المغاربي الأوروبي يعد خطوة استراتيجية في هذا الإطار.”

وشدد المحلل الاقتصادي على ضرورة التركيز على البحث والتطوير لاعتماد أحدث التقنيات في قطاع تسييل الغاز، بالإضافة إلى تعزيز الشراكات مع الشركات العالمية ليس فقط على مستوى توفير التمويل، بل أيضًا لنقل “التكنولوجيا والخبرات اللازمة.”

وأكد الغنبوري أن الموقع الجغرافي للمغرب واستقراره السياسي والاقتصادي يجعلان منه وجهة استثمارية مميزة، مضيفًا أنه “على المدى الطويل، سيستفيد المغرب من دعم الصناعات المحلية المرتبطة بالطاقة، مثل صناعة البتروكيماويات وتوليد الكهرباء”، إضافة إلى تطوير الكفاءات المحلية لتعزيز استقلالية المملكة وتقليل الاعتماد على الخبرات الأجنبية.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *