اخبار المغرب

كيف يحضر التأثير الديني في السباق الانتخابي نحو رئاسة الولايات المتحدة؟

الدين سيظل يؤثر بشكل كبير على الانتخابات الأمريكية لعام 2024، كما حدث في الانتخابات السابقة، على الرغم من انخفاض عدد الأمريكيين الذين يرتبطون بالدين. تتداخل الهوية الدينية مع العرق، مما يساهم في تحديد سلوك التصويت، ويزيد تأثير الخطاب الديني في السياسة الأمريكية، خاصة بين المسيحيين البيض والحركات الدينية اليمينية. في الوقت نفسه، يستخدم المرشحون الدين كأداة خطابية لجذب الناخبين، سواء من الجمهوريين أو الديمقراطيين.

وذكر تقرير صادر عن مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة أنه، من خلال تقسيم الناخبين إلى مجموعات دينية مختلفة، يظهر تأثير الدين على تصويت فئات متعددة. على الجانب الجمهوري، يحظى ترامب بدعم كبير من البروتستانت الإنجيليين البيض والكاثوليك البيض، بينما يظهر أن هاريس تحصل على دعم من المسيحيين من ذوي البشرة السمراء واليهود الأمريكيين. أيضًا، يبرز دور غير المنتمين لأي دين في الانتخابات، وهم فئة متزايدة تؤثر بشكل ملحوظ في نتائج التصويت.

ويعتبر التقرير ذاته أن الدين يعد عاملًا محوريًا في تشكيل خريطة التصويت الأمريكية، ويعكس الانقسام الحاد بين الجمهوريين والديمقراطيين حول القيم الأمريكية. فبينما يركز الجمهوريون على العودة للقيم الدينية والتفوق العرقي الأبيض، يؤمن الديمقراطيون بضرورة التنوع والتمسك بمبادئ العلمانية والانفتاح.

نص التقرير:

من المُرجح أن يلعب الدين دوراً كبيراً في اختيارات الناخبين في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، كما كان الحال في السنوات السابقة. وعلى الرغم من انخفاض نسبة الأمريكيين المرتبطين بالدين بنحو 11 نقطة مئوية، فإن الخطاب الديني لا يزال يشكل قوة بارزة في الساحة السياسية الأمريكية، وبخاصة في خضم السباق الانتخابي.

منذ ستينيات القرن الماضي، تداخلت الصلة بين الدين والعرق وأنماط التصويت في الولايات المتحدة الأمريكية، لدرجة أن استطلاعات الرأي والمحللين السياسيين يمكنهم تحديد سلوك التصويت بدقة بناءً على الهوية الدينية والعرقية.

خريطة الكتل الدينية

تُظهر خريطة الكتل الدينية في الولايات المتحدة الأمريكية ملامح واضحة، يمكن تقسيمها على النحو التالي:

تقسيمات واختلافات عديدة:

ليس من السهل تقسيم الأمريكيين حسب هويتهم الدينية، حيث تُوصف الهوية الدينية الأمريكية في الأدبيات بأنها أشبه بـ”دمية التعشيش الروسية” (ماتريوشكا)، حيث يكشف فتح دمية واحدة عن مزيد من الدمى داخلها. وعلى هذا النحو، تنقسم الفئة الواسعة من البروتستانت إلى مئات الطوائف المختلفة، التي يمكن تقسيمها بدورها إلى مجموعات أصغر. ويتعقد الأمر عندما نتحدث عن تأثير الهوية الدينية في السياسة، حيث ترتبط الهوية الدينية غالباً بمتغيرين إضافيين: الانتماء العرقي والانتماء الديني الشخصي.

تمايز العرق الأبيض والقومية المسيحية:

لا شك في أن الخطاب العام السائد في الولايات المتحدة يزعم أن العرق الأبيض هو الذي يتمتع برعاية إلهية، حيث يتواجد ارتباط وثيق بين الادعاءات الدينية والتفوق الأبيض، الذي يظهر في المنظمات العنصرية في الساحة السياسية. وتُشير ثلاث ملاحظات إلى سيطرة التفوق العرقي الأبيض مع القومية المسيحية:

الحركات المسيحية اليمينية: مثل “حركة الهوية المسيحية”، التي ظهرت في أمريكا الشمالية منذ ثمانينيات القرن الماضي، ترى أن غير البيض (الأعراق الطينية) خلقهم الله في مرتبة أدنى.

القادة الإنجيليون: غالباً ما يفشلون في إدانة أو فصل أنفسهم عن القادة الذين لهم صلات بالتفوق الأبيض.

دونالد ترامب: يظهر التعصب العرقي الديني في خطابه، حيث رفض إدانة المتعصبين البيض في المناظرة الرئاسية لعام 2020، ما يربطه بمواقف متعصبة.

إضفاء الطابع الديني على الخطاب الانتخابي:

على مدار العقود الماضية، استخدم العديد من الزعماء السياسيين في الولايات المتحدة الدين كأداة خطابية، زاعمين أن الله أرشدهم لتأسيس المؤسسات الديمقراطية، بما في ذلك الانتخابات والتوازنات الدستورية. وتُستخدم الدين من قبل المرشحين، سواء من الحزب الجمهوري أو الديمقراطي، لجذب الجمهور:

الجمهوريون: ترامب قال مؤخراً إن محاولات قتله أحبطتها قوة الله، ووعد بإعادة الدين إلى الولايات المتحدة.

الديمقراطيون: رغم أن خطاب كامالا هاريس لا يحتوي على دعاية دينية مباشرة، فإن الحملات الإعلامية تشير إلى أنها تمثل التنوع الديني في البلاد، وتستعين بالهوية المسيحية لتعزيز دعمها.

الدين كمؤثر في فوز أي من الحزبين:

تشير مقارنة بيانات 2020 مع 2010 إلى أهمية الدين في المشهد الانتخابي المتغير. يحقق الديمقراطيون مكاسب في المناطق التي تقل فيها الممارسات الدينية، في حين يحقق الجمهوريون زيادة في دعمهم في المناطق التي ينشط فيها الدين.

تباين الآراء حول دور الدين في السياسة:

يختلف الناخبون حول دور الدين في الحكومة الأمريكية، حيث يفضل البعض دوراً حكومياً موسعاً في دعم الدين، في حين يفضل آخرون إبقاء الدين منفصلاً عن السياسة. أظهرت استطلاعات الرأي أن 71% من الأمريكيين يفضلون فصل الدين عن السياسة، بينما يرى 69% من أنصار ترامب أهمية الكتاب المقدس في تشكيل القوانين الأمريكية.

اتجاهات التصويت المتوقعة

تُظهر استطلاعات الرأي نتائج متباينة تشير إلى دعم كل من ترامب وهاريس في الانتخابات القادمة:

دونالد ترامب:

الدعم بين البيض والطوائف المسيحية الرئيسية: أظهرت استطلاعات الرأي أن 82% من البروتستانت الإنجيليين البيض و61% من الكاثوليك البيض يعتزمون التصويت لصالح ترامب.

الدعم العربي والمسلم: يبدو أن الناخبين العرب والمسلمين يتجهون نحو التصويت العقابي بسبب دعم إدارة بايدن لإسرائيل في حرب غزة.

كامالا هاريس:

دعم المسيحيين من ذوي البشرة السمراء والأقليات: أظهرت استطلاعات الرأي أن 86% من البروتستانت من ذوي البشرة السمراء و65% من الكاثوليك من أصل إسباني يدعمون هاريس.

تأييد اليهود الأمريكيين: تشير استطلاعات إلى أن 68% من الناخبين اليهود يخططون للتصويت لصالح هاريس، بينما 25% يدعمون ترامب.

أهمية تصويت غير المنتمين لأي دين: أظهرت استطلاعات أن معظم الملحدين واللاأدريين يدعمون هاريس.

يمكن القول إن الدين والانتماء الطائفي يلعبان دوراً بارزاً في تشكيل الخريطة التصويتية للانتخابات الرئاسية المقبلة، ما يعكس تأثير الدين الكبير في توجهات الناخبين، وسط الاستقطاب المتزايد بين الجمهوريين والديمقراطيين.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *