اخبار المغرب

كيف يتلقى المغاربة أخبار إفريقيا؟

قلب إفريقيا يشتعل على الأرض ومن السماء، الماء والطعام نادر في صيف 2023، ويتزامن هذا المعطى مع الحديث عن طرد فرنسا من إفريقيا وصعود زعامات إفريقية جديدة ولدت بعد الاستعمار. وقد سمع المغاربة صوت الرئيس الضابط إبراهيم تراوري، زعيم بوركينافاسو، يتحدث عن بؤس إفريقيا من روسيا.

إن إبراهيم تراوري هو وريث توماس سانكارا وهو يرفع صوت التمرد الإفريقي. تراوري الشاب مقاتل بوركينابي حارب المتشددين في مالي وفي بلده، قائد شجاع وميداني يقدم خطابا سياسيا مضادا للاستعمار ولدت معه أسئلة مثل:

ما كمية اليورانيوم المستخرج من النيجر؟ ما كمية الذهب المستخرج من مالي؟.

ستدفع هذه الأسئلة المغربي ليقارن ويكتشف أن المكتب الشريف للفوسفات في ملكية الدولة المغربية منذ الاستقلال. سياسيا يحتاج المغرب تقليص استغلال فرنسا له، مع الاحتفاظ بعلاقة تعاون معها لأن العزلة الاقتصادية مضرة.

منذ القمة الروسية الإفريقية في سان بطرسبورغ 28 يوليوز 2023 يسمع المغاربة صوتا جديدا قادما من قلب القارة، بينما تعوّدوا تلقي أخبار إفريقيا عبر قناة باريس.

واضح أن هناك تحولا يجري، وليس صدفة أن يطفو في بداية غشت 2023 هذا الاستفتاء على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب: “هل تشاهد فرانس 24؟ رأيك يهمنا”. يا سلام.

حين تضغط على الرابط يكون السؤال الأول هو:

“متى كانت المرة الأخيرة التي شاهدتم فيها قناة فرانس 24 بهذه اللغات المختلفة؟”.

واضح أن مسؤولي القناة في باريس يشعرون بالقلق كيف يتلقى المغاربة أخبار ما يجري في إفريقيا.

تجري حاليا حرب كونية في صناعة وتوجيه الرأي العام. لم يدخل المغرب هذا الملعب بعد. إستراتيجيا تبدأ وسائل الإعلام الأوروبية ببث أخبار حرب أوكرانيا، لكن بالنسبة للمغرب فإن النيجر أقرب.

حاليا تكشف قناة روسيا اليوم كل السياسة الاستعمارية الفرنسية بينما تندد قناة LCI الفرنسية بسياسة فلادمير بوتين الانتهازية في إفريقيا وهو يلوّح بالقمح.

في ظل هذه المواجهات الإعلامية كيف يتلقى المغاربة أخبار ما يجري في إفريقيا؟.

لماذا يتلقى المغاربة أخبار إفريقيا من فرنسا؟

كيف يؤثر ذلك على نظرتنا لإفريقيا؟.

لسنوات طويلة تلقى المغاربة المعلومات عن إفريقيا من جون أفريك الصاردة في باريس، ومن صفحة “لموند أفريك” في جريدة لمون. وكانت إفريقيا تقدم من خلال تي في 5 الفرنسية. النتيجة: يؤثر موقع النظر على المغاربة بإعادة إنتاج موقف فرنسا الذي يخدم مصالحها.

كيف ننظر لإفريقيا عن بعد رغم أننا فيها؟

لا بد من تغيير هذا.

كيف يعقل أن يدعي محلل في مكتب باريسي أنه أدرى وأقرب للواقع على الأرض في جمهورية النيجر من سائق شاحنة مغربي يزور نيامي عاصمة النيجر عدة مرات في الشهر؟.

بسبب الهندسة الإعلامية الأجنبية يتلقى المغاربة أخبار إفريقيا من فرنسا، من وكالة فرانس برس، من جريدة لموند التي تسمي نفسها لموند أفريك، ومن راديو فرنسا الدولية. يتلقى المغاربة أخبار إفريقيا من فرنسا لأننا ولدنا ننظر شمالا وبعد ستين سنة لم نتخلص من التوق للغرب. حتى الآن لم يؤسس المغرب وسيلة إعلامية موجهة لإفريقيا. حين يملك المواطن المغربي نظرة 360 درجة ستتغير نظرتنا لإفريقيا، ويتغير تعاملنا معها. لذلك لا بد من منبر إعلامي مغربي متخصص في إفريقيا الجديدة التي تنهض وتسترد زمام قرارها.

حسب الشكلانيين الروس “زاوية النظر تصنع الموضوع”. حين يلتقط الجمهور المعلومات عبر فرنسا فهو يلتقطها عبر حواجز. النتيجة: يملك وجهة ناقصة، وجهة نظر تسعين درجة. يقول شارلي شابن: الرؤية عن بعد ملهاة وعن قرب مأساة. يجب النظر عن قرب. بالنظر إلى إفريقيا من منظار مغربي فانقلاب النيجر يقطع الطريق أمام الأنبوب النيجيري للغاز المتجه إلى أوروبا عبر الجزائر.

هذه جائزة للمغرب.

حاليا يقدم المغرب لإفريقيا نموذجا للنهوض الاقتصادي، حتى إن الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو المنتخب أعلن ذلك على الملأ في ماي 2023. الملك محمد السادس مختلف في تعامله مع فرنسا عن المرحوم الحسن الثاني، والآن تتوفر للأمير مولاي الحسن فرصة ووقت كاف لقراءة المشهد الإفريقي لصياغة سياسة مستقبلية مفيدة للمغرب.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *