كيف سيستفيد المغرب من الاعترافات الدولية بسيادته على صحرائه؟
في ظل توالي الاعترافات الدولية بسيادة المغرب على الصحراء وازدياد عدد المصالح الدبلوماسية بالأقاليم الجنوبية، تتجه الأنظار إلى الكيفية التي سيستفيد منها المغرب على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
في هذا السياق، صرّح الباحث في العلاقات الدولية، عبد الله محمد الهندي، بأن هذا الزخم الدولي يشكل “تحولاً استراتيجياً” في موقف المجتمع الدولي تجاه قضية الصحراء المغربية.
يرى الهندي أن “اعتراف الدول الكبرى بسيادة المغرب على الصحراء، وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا، يعزز موقف المغرب في المفاوضات المستقبلية بشأن النزاع المفتعل”.
وأضاف المتحدث أن “تأييد هذه الدول لمقترح الحكم الذاتي المغربي كحل نهائي وواقعي للنزاع يزيد من عزلة الأطراف الأخرى التي لا تزال ترفض هذا المقترح”.
وأوضح، “من خلال هذا الدعم الدولي، يمكن للمغرب أن يعزز مكانته كفاعل رئيسي في السياسة الإقليمية والدولية، مما يمنحه نفوذاً أكبر في قضايا إقليمية ودولية أخرى”. مؤكدا أن “هذا الاعتراف سيقلل من أهمية أي محاولات للتشكيك في السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية في المحافل الدولية”.
أما على الصعيد الاقتصادي، فقد أشار الهندي إلى أن “الاستقرار السياسي الذي يعززه الاعتراف الدولي سيساهم في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى الأقاليم الجنوبية”. وأضاف أن “ازدياد عدد المصالح الدبلوماسية في الصحراء المغربية يعكس اهتمام الدول بتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع المغرب، مما يفتح المجال أمام شراكات جديدة في مجالات مختلفة مثل الطاقة المتجددة، الصيد البحري، والتجارة”.
ولفت إلى أن “هذه التطورات قد تسهم في تحسين البنية التحتية وتعزيز التنمية المحلية في هذه المناطق، مما يعزز الاندماج الاقتصادي لهذه الأقاليم مع باقي مناطق المملكة”.
وشدد على أن “المغرب يتمتع الآن بدعم غير مسبوق من قبل الدول الكبرى، مما يمنحه فرصة لإعادة صياغة دبلوماسيته في التعامل مع الملف الصحراوي. هذا الدعم يفتح الباب أمام المغرب لتعزيز موقفه في المحافل الدولية وتوسيع دائرة المؤيدين لمقترحه للحكم الذاتي”.
هذا الزخم الدولي وفق المتحدث “يمكن أن يكون نقطة تحول في مسار النزاع، حيث يضع المغرب في موقف قوة، ليس فقط في إطار هذا الملف، بل في كافة القضايا الاستراتيجية الأخرى التي تهم المملكة”.
وكان الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية، دونالد ترامب، قد أقر بدعم الولايات المتحدة لسيادة المغرب على الصحراء، مشيرا أن قراره يتناسب مع موقف المغرب التاريخي من استقلال الولايات المتحدة، باعتباره أول دولة تعترف بالولايات المتحدة كدولة مستقلة.
وفي مارس 2022، أفاد بلاغ للديوان الملكي أن رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، بعث رسالة إلى الملك محمد السادس، أكد فيها على أنه “يعترف بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب”، وأن “إسبانيا تعتبر المبادرة المغربية للحكم الذاتي بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف” المتعلق بالصحراء المغربية.
واعتبر سانشيز في رسالته أن “ازدهار المغرب مرتبط بازدهار إسبانيا والعكس صحيح”، مشددا على أن “إسبانيا ستعمل بكل الشفافية المطلقة الواجبة مع صديق كبير وحليف”، مضيفا: “أود أن أؤكد لكم أن إسبانيا ستحترم على الدوام التزاماتها وكلمتها”، وأنه “سيتم اتخاذ هذه الخطوات من أجل ضمان الاستقرار والوحدة الترابية للبلدين”.
فيما تم اعتماد إعلان مشترك في 25 غشت 2022، عقب لقاء لوزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ووزيرة الخارجية الاتحادية الألمانية أنالينا بيربوك.
وأكد الجانب الألماني، في هذا الإعلان، على الطابع الحصري للأمم المتحدة في المسلسل السياسي، كما جدد التأكيد على دعمه للقرار رقم 2703 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي سجل دور ومسؤولية الأطراف في البحث عن حل سياسي واقعي وعملي ودائم وقائم على التوافق.
وبعد أن التزمت الحياد لعقود، باتت باريس، خرجت باريس من المنطقة الرمادية فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن، في رسالة موجهة إلى الملك محمد السادس، رسميا، أنه ” يعتبر أن حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية”.
وفي الرسالة ذاتها، والتي تتزامن مع تخليد الذكرى ال 25 لعيد العرش، أكد رئيس الجمهورية الفرنسية للملك “ثبات الموقف الفرنسي حول هذه القضية المرتبطة بالأمن القومي للمملكة”، وأن بلاده “تعتزم التحرك في انسجام مع هذا الموقف على المستويين الوطني والدولي”.
بينما طالبت رسالة موقعة من حوالي ثلاثين برلمانيا ولوردًا بريطانيًا، موجهة إلى وزير الخارجية ديفيد كاميرون، الحكومة البريطانية بدعم “رسميً ودون تأخير” لمخطط الحكم الذاتي المغربي.
وأكدت الرسالة، التي تمثل مبادرة ثنائية حزبية، أن مخطط الحكم الذاتي هو “الحل الوحيد” للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
المصدر: العمق المغربي