اهتمت دار نشر موريتانية، في طبعة جديدة، بأحد عيون الشعر المغربي باللغة العربية، قصيدة “الشمقمقية” لابن الونان، وشرح عبد الله كنون، صاحب “النبوغ المغربي”، لها.

طبعة دار كنوز الثقافة الشنقيطية للنشر والتوزيع، يعرضها رواق “اتحاد الناشرين الموريتانيين” خلال أحدث دورات معرض الشارقة الدولي للكتاب، الدورة 44، وتقول مقدمها إنها “أعظم آثار ابن الونان، وديوان أدبه، ونموذج شاعريته، ومثال نظمه”.

الأرجوزة الشهيرة

هذه الطبعة الأولى الموريتانية اعتنى بها محمد محمود بن بيبه الشنقيطي، مقرّبا القرّاء من أحد شروحها المختصرة شرح عبد الله كنون الحسني، أحد أهم المعتنين بالتراث الأدبي المغربي في النصف الأول من القرن العشرين.

حدّد الكتاب الجديد الأغراض الشعرية لهذه القصيدة في ثمانية: “النسيب بذكر رحيل الأحبة، ووصف الإبل التي تحملوا عليها والبيد التي تعسفوها، ولوم الحادي على جده السير ليل نهار (…) التغزل بصفات محبوبته، وما هي عليه من فنون المحاسن وضروب المفاتن، الحماسة والفخر، مخاطبة الحسود، الحكم والأمثال والوصايا، مدح الشعر، مدح السلطان، مدح الأرجوزة وتحدي الشعراء أن يأتوا بمثلها”.

ويوضح عبد الله كنون أن القسم الأول من القصيدة المشروحة “حشر فيه ابن الونان من الألفاظ الغريبة والكلمات الحوشية (…) ما جعله كأنه متن من متون اللغة”، ثم أردف قائلا: “وعلى الجملة فهي أرجوزة ظريفة جامعة لكثير من فنون الأدب، وأخبار العرب، وهي على عالمية صاحبها أدل منها على شاعريته، ولمكانتها عند الأدباء”.

جهود الطبع

يشير عبد الله كنون إلى شرحه هذا في كتابه المرجعي “النبوغ المغربي في الأدب العربي” الصادر سنة 1938، كما ينبه إلى شروح عديدة لهذه القصيدة، أبرزها شرح أحمد بن خالد الناصري، صاحب أبرز تأريخ لمغرب ما قبل العشرين “الاستقصا في أخبار دول المغرب الأقصى”.

هذا الشرح البارز يسمّى “زهر الأفنان من حديقة ابن الونان”، اهتم به محقّقون في السنوات الأخيرة، وصدر في تحقيقين مختلفين في السنوات الأربع الأخيرة.

وفي جزأين، صدر شرح الناصري عن منشورات ملتقى الطرق والمركز الثقافي للكتاب، بعدما أعده وقدمه أحمد بن جعفر الناصري وأحمد بن عبد الله الصبيحي، إثر انكباب “الخزانة الصبيحية بسلا على إبراز هذا الكتاب للوجود في هذه الطبعة، وقد احتُرم المخطوط من جميع جوانبه من رسم وشكل وغير ذلك، محاولين تيسير قراءته لفئة عريضة من القراء، مع إبراز الفوائد وفهرستها ووضع الأفكار التي أسهب الكاتب في الحديث عنها”.

وسنة 2024، صدر عن “دارَة نجيبويه المعرفية” في خمسة مجلّدات تحقيق لـ“زَهرُ الأفنان مِن حديقة ابن الوَنّان”، أعده المحقّق أحمد بن عبد الكريم نجيب، وراجعه وقدّمه مدير الخزانة الملكية المحقّق أحمد شوقي بينبين.

وكتب شيخ المحقّقين المغاربة بينبين أن الشمقمقية “من أهم وأعظم الأراجيز المغربية التي جمعت شوارد اللغة وفرائدها (…) ما جعلها موضوعا لمجموعة من الشروحات النقدية المغربية”، وهي “عمل إبداعي صرف ذاع صيته في تاريخ الآداب العربية مشرقا ومغربا، وأصبح نصّا متميّزا بمادّته وصنعته الشعرية، وملكة صاحِبها الإبداعية الخلّاقة”.

المصدر: هسبريس

شاركها.