تحولت تساقطات مطرية غزيرة، شهدتها مدينة آسفي أمس الأحد، إلى فيضانات مفاجئة خلفت ضحايا وخسائر مادية كبيرة، بعدما ارتفع منسوب المياه بشكل سريع وغمرت السيول عددا من المحلات التجارية والأزقة، خاصة بالمناطق المنخفضة والقريبة من مجاري الأودية.
وفي حصيلة محينة، أعلنت السلطات المحلية بإقليم آسفي أنه، وحسب المعطيات المتوفرة إلى حدود صباح اليوم الاثنين، ارتفعت حصيلة الخسائر البشرية الناجمة عن التساقطات الرعدية الاستثنائية التي شهدها الإقليم مساء أمس الأحد وما نتج عنها من سيول فيضانية قوية ومفاجئة، إلى سبعة وثلاثين (37) وفاة.أما فيما يخص الأشخاص المصابين، فقد سجل لحدود الساعة خضوع 14 شخصا للعلاجات الطبية، بمستشفى محمد الخامس بآسفي، من ضمنهم شخصان بقسم العناية المركزة.
وحسب شهادات متطابقة، فإن الأمطار بدأت بشكل عادي، قبل أن تشتد حدتها في ظرف وجيز، لتتحول إلى سيول قوية داهمت المحلات التجارية دون سابق إنذار، ما حال دون تمكّن التجار من إغلاق محلاتهم أو إنقاذ بضائعهم.
وأكدت إحدى المتضررات أنها كانت تزاول عملها داخل محلها التجاري قبل أن يفاجئها ارتفاع منسوب المياه، مشيرة إلى أن السيول حاصرتها من كل الجهات، ولم تجد وسيلة للنجاة سوى الصعود إلى مكان مرتفع داخل المحل. وأضافت أنها عاشت لحظات “بين الحياة والموت”، خصوصا بعد أن بدأت تفقد قواها بسبب إصابتها بداء السكري، قبل أن يتدخل شبان من الجيران لإنقاذها بعد استغاثات متكررة.
وأوضحت المتحدثة أن قوة المياه تسببت في إصابتها برضوض وفقدان مؤقت للوعي، ليتم نقلها عبر سيارات خاصة، قبل وصول سيارة الإسعاف، حيث جرى تقديم الإسعافات الأولية لها، من بينها الأكسجين والسيروم، مؤكدة أن حالتها الصحية استقرت لاحقا.
من جانبه، صرح متضرر آخر أنه وجد نفسه محاصرا داخل محله، بعدما ارتفع منسوب المياه إلى مستوى الصدر، ما اضطره للتشبث بقضبان حديدية في انتظار الفرج، مضيفا أنه بدأ يردد الشهادة ظناً منه أن النهاية باتت وشيكة.
وأشار إلى أن أحد الشبان حمله على ظهره بعد تراجع منسوب المياه جزئيا، ونقله إلى مكان آمن، حيث جرى تغيير ملابسه وتقديم الإسعافات الضرورية إلى حين وصول عناصر الوقاية المدنية.
وأجمع عدد من المتضررين على الإشادة بتدخل الوقاية المدنية والأطر الصحية، مؤكدين أنها قامت بواجبها في نقل المصابين ومراقبة حالاتهم الصحية، وتقديم العناية الطبية اللازمة في ظروف صعبة.
في المقابل، عبر السكان والتجار عن غضبهم من تكرار هذا السيناريو، معتبرين أن الفيضانات لم تكن فقط نتيجة التساقطات المطرية، بل بسبب ما وصفوه بسوء تدبير البنية التحتية، وغياب قنوات تصريف فعالة، إضافة إلى تدفق المياه من الوادي ومن أوراش مفتوحة، ما فاقم من قوة السيول.
كما أثارت شهادات متضررين قضية استغلال الفوضى من طرف بعض الأشخاص، الذين عمدوا حسب إفادات السكان إلى سرقة محتويات محلات تجارية أثناء انشغال أصحابها بالنجاة بأرواحهم، وهو ما خلف استياء واسعا، واعتبره المتضررون “تصرفا مشينا” في لحظة إنسانية حرجة.

وخلفت هذه الفيضانات صدمة نفسية قوية لدى الضحايا، الذين أكدوا أن مشاهد الرعب ستظل عالقة في أذهانهم، مشددين على أن الخسائر المادية يمكن تعويضها، لكن الخوف وفقدان الإحساس بالأمان لا يمكن تجاوزه بسهولة.
وتعيد هذه الكارثة إلى الواجهة تساؤلات حول مدى جاهزية مدينة آسفي لمواجهة التقلبات المناخية، وحول فعالية التدابير الوقائية، خاصة في ظل تكرار الفيضانات مع كل تساقطات مطرية قوية، وسط مطالب بفتح تحقيق وتحديد المسؤوليات لتفادي تكرار المأساة.
وأكد السلطات المحلية بإقليم آسفي، أن تدخلات السلطات العمومية، ومصالح الوقاية المدنية، والقوات العمومية، وكافة المتدخلين تظل مستمرة من خلال تواصل عمليات التمشيط الميداني والبحث والإسعاف وتقديم الدعم والمساعدة للساكنة المتضررة.
وشدد المصدر نفسه، على ضرورة الرفع من مستوى اليقظة واعتماد أقصى درجات الحيطة والحذر والالتزام بسبل السلامة، في ظل التقلبات المناخية الحادة التي تعرفها بلادنا، بما يضمن الحفاظ على الأرواح والممتلكات والحد من المخاطر المحتملة.

المصدر: العمق المغربي
